الصياد الماهر في كفرعبيدا.. الجيش الأميركي وأبناء الجوع

كتب ميشال الزبيدي في سيدر نيوز: بالعودة الى عام 2008, تلقيت دعوة من قيادة الجيش الاميركي لزيارة واحد من أكبر مراكز التدريب في العالم في ولاية “نورث كارولينا”.

مواضيع متعلقة

البرنامج كان ليومين، تخلله فحص مهارات للمشاركين من دول عدة، بإستعمال السلاح وإصابة الأهداف.

أُدخلنا الى غرفة الكترونية تحاكي معركة في صحراء، سُلِّمت بندقية الكترونية، وطُلب مني إصابة أهداف حُدِّدت على شاشة عملاقة، وكان إلى جانبي معارضون ايرانيون وكوريون ورجال أمن ولائحة طويلة من جنسيات مختلفة.

من آخر الخبر، فقد أصبت العدد الاكبر من الاهداف، وسمعت صوت الضابط الذي إختير من قيادة الجيش لمرافقتي، يصرخ فرحاً ويحوّل الإنتصار إلى نفسه، متفاخراً انه يرافق محاربا من الدرجة الأولى، وطبعاً كاتب هذه السطور تفاخر وعرّم بصدره مستمعاً الى الضابط يخبر قادة وجنرالات عن عدد الاهداف التي أصبتها ودقّتها.

ولأنهم عسكر، فهم يدركون أن ذلك ليس بالفطرة، ولا بد أنني تلقيت تدريباً او دروساً عسكرية في مكان ما من العالم.

المهم، في حفل العشاء كان يجلس الى جانبي جنرال كان قائداّ في حرب العراق، وأثناء الحديث سألني كيف وأين اكتسبت تلك المهارة؟ فقلت له: “انه رفيق”، هز برأسه مدعياً أنه عرفه، لكنه لا ولن يعرفه لا اليوم ولا في أي يوم من أيام عمره، هو المتقاعد اليوم مع زوجته في ولاية باردة من ولايات “نيو إنغلاند”.

أما عن “رفيق”، الذي اعتقده صاحبنا انه خبيراً عسكرياً او مدرسة حربية، ما هو الا جاري في حارة من حارات بلدتي كفرعبيدا، وكنت في فترة المراهقة وقبلها مغرماً بصيد الطيور، وهي هواية توقّفت عنها كبيراً بعد ان زاد قلبي رقة وعطفاً على كل كائن خلقه الله، في جولات الصيد كنت التقي بجاري “رفيق”، الذي يكبرني بعدة سنوات، كان يتفرّج علي أصرف الخرطوش ولا أصيب أهدافي من طيور مسكينة ظُلِمت كثيراً، ولأن له خبرة وخبرة طويلة في الصيد، صيد الطيور، وصيد كل عدو حمل السلاح ضدّ لبنانا الحبيب، فسطّر الملاحم ببطولات لا تعرفها العامة، “رفيق” اسدى لي نصيحة يومها تقول: “عند إطلاق النار على طريدة متحركة لا تصوّب عليها، انما أمامها”.

عملت بنصيحة رفيق في اميركا وكانت النتيجة تنويه من قادة اكبر جيش في العالم.

الخلاصة، ان نصائح من هم أكبر منا سناً تعتبر أهم من المدارس والجامعات، ومن نصائح من سبقنا: “أعطي خبزك للخباز ولو أكل نصّه”، في السياسة، أعيدوا السلطة الى من يفهمون فيها، فنأكل من خبزهم نصف رغيف، أفضل من الجوع في أيام “أبناء جوع”، إستلموا سلطة لا يفهمون منها الا مراكز ومراتب للأبناء والأحفاد والأصهرة، أبناء جوع حوّلوا شعبنا شعباً جائعاً يائساً يفتش عن وطن جديد فيه خبز وماء وكهرباء.. وكرامة!

ميشال الزبيدي
editor@cedarnews.net

مسؤولية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

مواضيع تهمك

Comments are closed.