أبواب السعودية مغلقة أمام أي اتصالات مع حكومة ميقاتي.. زيارة الوزير الإيراني تربك “حياد” رئيس الحكومة

قالت مصادر لبنانية إن محاولات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لطرق أبواب السعودية من أجل الحصول على دعم باءت بالفشل، وإنه بات بحكم المنتهي أن السعودية لن تساهم في تمويل حزمة الإنقاذ التي يتطلع لبنان إلى التفاوض بشأنها مع صندوق النقد الدولي، كما أنها لن تقدم أيّ دعم آخر.

يأتي هذا في وقت أعطت فيه زيارة حسين عبداللهيان وزير الخارجية الإيراني إلى بيروت مبررا قويا لموقف السعودية ووضعت ميقاتي في وضع صعب ودفعته إلى إطلاق تصريح يصف فيه المملكة بأنها قبلته السياسية والدينية، فيما بدا أن زيارة المسؤول الإيراني بمثابة انتصار لطهران في معركة الهيمنة على لبنان.

وأضافت المصادر أن السعودية قابلت مساعي مختلف الوسطاء الساعين لتغيير موقفها بشأن لبنان بالتأكيد أن الأمر محسوم، وأنه بدل أن يطلبوا من المملكة تغيير موقفها وضخ الأموال للبنان، عليهم أن يضغطوا حتى تغير الطبقة السياسية اللبنانية أداءها.

وأشارت هذه المصادر إلى أن السعودية قالت لمن زاروها باحثين عن وساطة إنها لن تدفع أموالا لتقوية حزب الله ومشاريعه وزيادة نفوذه على لبنان، وأن من يريد دعما من المملكة عليه أن يغير المعادلة القائمة على الأرض، حيث يسيطر حزب الله وإيران على القرار السياسي والعسكري والأمني في لبنان.

السعودية قابلت مساعي مختلف الوسطاء الساعين لتغيير موقفها بشأن لبنان بالتأكيد أن لا دعم دون كسر نفوذ حزب الله

ووفق مصادر مختلفة فإن السعودية تقول إن شرطها لتقديم الدعم للبنان لن يتغير مهما كانت ظروف تشكيل الحكومة واسم رئيس الحكومة المكلف، والجهات الخارجية الداعمة لها، وأنه مثلما للآخرين حساباتهم فللرياض حساباتها.

ويأتي هذا كإجابة غير مباشرة على زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى الرياض، والتي روّجت وسائل إعلام لبنانية أن فرنسا سعت من خلالها لإقناع السعودية بالخروج من سلبيتها تجاه لبنان، والانخراط في توجه دولي لإنقاذ لبنان تحت عناوين ذات بعد إنساني لكنها تغفل الأبعاد السياسية للأزمة.

وفي محاولة لمعرفة ما إذا كان يمكن إجراء محادثات رسمية على أيّ مستوى مع السعودية استقبل ميقاتي سفير بلاده في الرياض فوزي كبارة، إلا أن الانطباعات التي خرج بها هي أن المسؤولين السعوديين لا يرغبون في أيّ اتصالات، وذلك على الرغم من تأكيدهم بأن الأمر لا يتعلق بموقف من شخص الرئيس ميقاتي، إلا أنهم يقصدون حكومته وكل ما تمثله، وذلك حتى تتغير الظروف التي تحيط بها.

وكانت فرنسا حاولت خلال المحادثات التي أجراها وزير الخارجية جان إيف لودريان مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أن تستميل السعودية إلى المساهمة في تقديم الدعم لحزمة الإنقاذ، إلا أن الأبواب ظلت مغلقة.

ويقول مسؤولون سعوديون إن المملكة قدمت للبنان منذ توقيع اتفاق الطائف في العام 1989 أكثر من 75 مليار دولار، ولم تحظ من نظامه السياسي إلا بالجحود.

ورغم الموقف السعودي الحاسم الذي سمعه أكثر من وسيط، وإن لم يتم تبنيه بشكل علني، إلا أن ميقاتي يشعر أنّ لا حل أمام حكومته سوى الاستمرار بطلب دعم الرياض كونها البوابة الرئيسية للتمويلات التي يفترض أن تصل إلى لبنان، وأنها ستظل “قبلته”.

وقال ميقاتي في لقاء له مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي في بكركي “السعودية هي قبلتي السياسية والدينية وبالتالي لم تقفل أبوابها بأيّ حال، وعندما أؤدي صلواتي الخمس يومياً أتجه نحو القبلة في السعودية”.


وجاء هذا التصريح المغالي في مديح السعودية للتغطية على لقاء رئيس الحكومة اللبنانية بوزير الخارجية الإيراني، وهو لقاء وضعه في موقف صعب بين رغبته في أن يكون “محايدا” يحظى بدعم حزب الله من جهة، وتسويق نفسه للسعودية كشخصية سنية تختلف عن رئيس الحكومة سعد الحريري ويمكن أن تحل محله وتحوز على ثقة السعودية وتحصل على دعمها.

وعلى الرغم من مشاعر الإحراج التي بدت واضحة على وجه ميقاتي لدى استقباله وزير الخارجية الإيراني، إلا أنه تخلى عن تحفظاته وحساباته تجاه الزيارة، وكان ثاني أبرز مستقبليه بعد الرئيس ميشال عون، الأمر الذي يزيد من بعد المسافة بين الحكومة اللبنانية الجديدة وبين السعودية.

وتعهد وزير الخارجية الإيراني بأن تواصل بلاده إرسال منتجات الوقود إلى لبنان في المستقبل، لافتا إلى أنها تأمل في إبرام اتفاق بين البلدين لهذا الغرض، بالرغم مما قد يجلبه هذا المسار من مخاطر على البلاد إذا تمسكت الولايات المتحدة بمعاقبة موردي النفط الإيراني.

وكان وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان اشترط خلال مساهمته في مؤتمر المانحين الذي نظمته فرنسا في أغسطس الماضي “أن يترافق الدعم مع إصلاحات حقيقية، وإلا فإنه سوف يغدو مساعدة من دون معنى”.

وأكد في تصريح لاحق على حسابه في تويتر أن إصرار حزب الله على فرض هيمنته سبب رئيسي لمشاكل لبنان. وحث السياسيين اللبنانيين على مواجهة سلوك هذا الحزب.

ومع وصول صهاريج النفط الإيرانية المهربة إلى لبنان نشر الأمير سلطان بن خالد آل سعود مقطع فيديو عبر حسابه على تويتر يظهر قيام شخص بإطلاق قذيفة “أر بي جي” احتفالاً بوصول الصهاريج قال فيه “إن لبنان انتهى” وتساءل “هل هذه التصرفات تعكس دولة تبحث عن النهوض أم أنها فوضى عارمة؟”. ومع تراجع احتمالات أن تساهم السعودية في دعم أيّ صفقة إنقاذ، فإن دولا عربية أخرى سوف تتردد في تقديم أيّ تمويلات.

ومع تفاقم أزمة الوقود والكهرباء وتراجع الاحتياطات النقدية لدى المصرف المركزي يبدو لبنان في وضع يزداد هشاشة مع مرور الأيام. ويقول مراقبون إن لبنان ليس فقط في حاجة إلى تلك التمويلات المقترحة من جانب صندوق النقد الدولي والتي تحتاج عدة أشهر لإقرارها، ولكنه في حاجة أيضا إلى تمويلات يومية لسد احتياجاته العاجلة، وهذه لن تتوفر من دون دعم خليجي.

وبحسب هؤلاء المراقبين فإن العاقبة من وجهة نظر السعودية يتعين أن يتحملها حزب الله وإيران. فبما أنها تهيمن على قراره السياسي فإنها هي التي يتوجب عليها أن تدفع التكاليف.

العرب

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.