اللبنانيون في سجن قسري.. لا أموال لجوازات السفر

حرم لبنان مواطنيه من الحصول على جوازات السفر بحرّية، بعد التوقف عن إعطاء مواعيد مسبقة للحصول على جواز سفر بسبب الأزمة الاقتصادية.

وأعلنت المديرية العامة للأمن العام أمس الخميس، أنها أوقفت العمل بمنصة للحجوزات المسبقة منذ يوم الأربعاء، بسبب بدء نفاذ كمية الجوازات التي تملكها، وعدم تمكّن الدولة من إيفاء قيمة العقد للشركة المتعاقدة معها لتأمين الجوازات، وبالتالي تأخّر الحصول على جوازات تكفي حجم الطلبات المقدّمة.

وأشارت المديرية إلى أنها “شهدت اعتباراً من العام 2020 ضغطاً كبيراً على طلبات جوازات السفر، فاقت عشرات أضعاف الأعوام السابقة ممّا أثّر على مخزون جوازات السفر لديها”.

وجاء قرار الأمن العام رغم إقرار مجلس النواب في 7 أبريل/نيسان 2022 اعتماد استثنائي بقيمة ٣٠٠ مليار (ل.ل) لتغطية نفقات تحقيق مليون جواز سفر لبناني، إلّا أن مصرف لبنان لم يعمد إلى تحويل الأموال إلى الشركة المتعاقدة بسبب خلاف على سعر الصرف الذي يجب اعتماده.

فقد وقع الخلاف على اعتماد سعر الصرف الرسمي (1500 ل.ل. للدولار) أو سعر الصرف المنصة (بين 22 و23 ألف ل.ل. للدولار). وبالرغم من الاتفاق على اعتماد سعر صرف المنصة، لم يحوّل مصرف لبنان الأموال إلى الشركة لغاية تاريخه، مما منعها من تسليم جوازات سفر جديدة للأمن العام.

ولاحقا أوضح المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، في حديث تلفزيوني أن “منصة تسجيل جوازات السفر لديها حجوزات حتى أبريل/نيسان 2023 وبعدها سينفذ المخزون إلى حين فتح الاعتمادات المطلوبة”.

وأكد أنه سيتم تسليم الجوازات لكل الذين تسجلوا حتى ذلك التاريخ، وبالتالي المواطن الذي يحجز بعد هذا التاريخ لن يستطيع الحصول على جواز سفر إلى حين فتح الاعتمادات المطلوبة للشركة الفرنسية التي تطبع جوازات السفر”.

وكشف إبراهيم أن ” مصرف لبنان رفض أن يدفع مستحقات الشركة بالدولار على السعر الرسمي لأسبابه، ولكننا لم نستسلم وتوجهنا للمجلس النيابي وأبلغت المعنيين أن نصل لهذه النقطة”.

وأضاف: “لدينا اعتماد إضافي محجوز قيمته 300 مليار ليرة وهو عالق في وزارة المالية، وكان لا بد من هذا الإجراء كي لا نفقد مصداقيتنا، وأتمنى أن يكون البيان بمثابة تحذير للحصول على الأموال المطلوبة”.

واعترف إبراهيم بحصول مخالفات في مواعيد جوازات السفر، وقال: “وقفنا عسكريين وهناك جزء منهم بالسجن ومنهم من سيحال إلى المجلس التأديبي، والأمر ضبط، وتغيير أي موعد مرتبط بالمدير العام شخصيا”.

وأشار إلى أنّ “هناك 20 الف جواز سفر بمخازن الأمن العام لم يستلمها أصحابها، وحوالي 69 بالمئة لم يستخدموا جوازات السفر”.

وحذر من مشاكل كثيرة ستواجه اللبنانيين إن لم تقر الاعتمادات، وعلى الحكومة أن تجد حلا لهذا الموضوع”. ولفت إلى أنّ “لا مواعيد جديدة للجوازات الا بعد فتح الاعتماد”.

إلى ذلك كشفت معنية بالملف لـ”العين الإخبارية” إلى أن الموضوع أصبح في ملعب الحكومة اللبنانية لتأمين الاعتمادات، ولا حلّ آخر في جعبة المديرية، لأنه لا يمكنها طباعة البسبورات بنفسها نظراً للمعايير المطلوبة، وهي في الأصل لا تملك الأموال، ومرتبطة بعقد مبرم مع شركة فرنسية”.

وشددت المصادر على أنه لا مجال لفتح الباب أمام الاستثناءات في الوقت الراهن، لأن عدد جوازات السفر أصبح محجوزاً وأي استثناء يستدعي حرمان مواطن آخر من حقة في الحصول على جواز سفره”.

أما مصادر وزارة الداخلية، فأشارت إلى أنها ستتابع الموضوع وسيطرح الوزير الأمر في أول جلسة لمجلس الوزراء لمحاولة تأمين الاعتمادات في أقرب وقت ممكن.

واستدعت القضية تفاعلاً على كبيراً على وسائل التواصل، فغرد مدير عام الأمن العام السابق النائب جميل على حسابه على “تويتر”: “لمن سألوا عن الحل المؤقت، يمكن أن تعطى أولوية الحصول على الجواز للمرضى المطلوب معالجتهم بالخارج، للطلاب المسجّلين لمتابعة الدروس أو الامتحانات بالخارج، للمرتبطين بعقود عمل في الخارج، لحاملي الإقامة الأجنبية لتجديد صلاحيتها، للمغتربين الذين انتهت صلاحية جوازاتهم، وحالات أخرى طارئة”.

أما الكاتب السياسي وسام سعادة فقال:” بتوقف الدولة اللبنانية عن إصدار جوازات سفر جديدة يكون اللبنانيون فعليا قد أصبحوا كلهم في وضعية لاجئين، فاللاجىء هو من يوجد رغما عنه خارج دولة يحمل جنسيتها أو جواز سفرها، وفي حالتنا بات المنتهي جوازه معلقاً، رغما عنه.

وأضاف: “عليه ينبغي أن تستصدر لهم وثائق سفر من النوع الخاص باللاجئين، بحسب معاهدة اللاجئين الدولية لعام 1951، ولأجل ذلك على لبنان الرسمي التوقيع على هذه المعاهدة بسرعة بعد 71عاماً من عدم التوقيع عليها كي يتم إصدار وثائق سفر للاجئين اللبنانيين داخل وخارج لبنان”.

وكان الأمن العام قد فرض في نهاية فبراير/شباط 2022 شروطا بشكل مفاجئ للاستحصال على جوازات سفر أدت إلى حرمان العديد من المواطنين من حقهم بالحصول على مستند رسمي يمكنهم من السفر ومن إثبات هويتهم تجاه الجهات الأجنبية. كما عزز هذا القرار الممارسات الزبائنية على أبواب الانتخابات النيابية.

يمرّ لبنان منذ 2019 بأزمة اقتصادية غير مسبوقة في تاريخ البلاد وإحدى أسوأ الأزمات في تاريخ العالم منذ 1850، وفقاً للبنك الدولي.

وفقدت العملة الوطنية أكثر من 90% من قيمتها وغرق حوالي 80% من اللبنانيين في الفقر.

ودفع الانهيار الاقتصادي غير المسبوق وانعدام الأمن وتدهور الخدمات العامة الأساسية عدداً كبيراً من العائلات والشباب إلى الهجرة.

وأظهر مسح أجرته شبكة “الباروميتر العربي” في أبريل/نيسان الجاري أنّ ما يقرب من نصف اللبنانيين يطمحون إلى الهجرة.
العين

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.