السنيورة: نعمل على تشكيل لوائح تعلن لاحقا وأنا مع الرئيس الحريري رغما عمن يكيدون له وما يقال عن انقلابي خطأ

أعلن الرئيس فؤاد السنيورة عزوفه عن الترشح لخوض الانتخابات النيابية المقبلة، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد ظهر اليوم، في مكتبه في بلس، وقال: “لقد كان لي شرف أن أخدم بلدي في عدة مسؤوليات ومناصب رسمية الى جانب الرئيس الشهيد رفيق الحريري في كل الحكومات اللبنانية التي ترأَسها، حيث تسلمت مسؤوليات وزارة المالية. ثم شرفني ودعمني بعد ذلك رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري، حيث جرى تكليفي من قبل مجلس النواب بتأليف الحكومتين اللتين ترأستهما، كما وأكد بعدها الرئيس سعد الحريري على دعمي وتأييدي في الترشح كعضو في الندوة النيابية نائبا عن مدينتي صيدا، ورئيسا لكتلة المستقبل النيابية. ولقد آليت على نفسي طوال سنوات خدمتي في هذه المهام والمواقع، أن أحافظ وأدافع عن مصالح الدولة اللبنانية السيدة الحرة والمستقلة، وان أحافظ وأدافع عن المصالح الحقيقية لجميع المواطنين اللبنانيين باعتبار أن احترام مصلحة الدولة الوطنية يكون فيه تحقيق مصلحة كل المواطنين”.
 
أضاف: “اليوم، نحن اللبنانيين في خضم هذه الأزمة الطاحنة والماحقة، والتي تعتبر الأخطر في تاريخ لبنان. ونظرا إلى إفشال الكثير من المحاولات الإصلاحية التي خضناها على مدى سنوات طويلة من أجل إصلاح آلة الدولة اللبنانية في إداراتها ومؤسساتها إيمانا منا بضرورة تحريرها من إطباق الاستتباع والوصاية، وتسلط السلاح الخارج عن الشرعية، وهيمنة الفساد السياسي عبر الاستعصاء المزمن على الإصلاح. لذلك فإنه، ومع تشديدي على أهمية عودة المسؤولين اللبنانيين إلى حمل لواء الإصلاح الحقيقي والعمل على تطبيقه في لبنان بإيمان وحزم وإرادة مثابرة وشجاعة في الآتي من الأيام من أجل تحرير الدولة اللبنانية من قبضة الميليشيات، فإني أجد أنه قد آن الأوان، بعد أن بينت لنا ذلك بالملموس انتفاضة الشعب اللبناني، الحاجة إلى تجديد الدماء السياسية ودعم الوجوه الواعدة، وتسهيل الطريق أمام الخبرات التي لم تتح لها فرصة الخدمة الوطنية. فلبنان يحتاج في هذه الفترة الى كل الجهود الخيرة لإنقاذه عبر التقيد المثابر والملتزم بمصالح اللبنانيين الحقيقية، وأيضا بواجب العمل على استعادة الدور والسلطة الحصرية للدولة اللبنانية على كامل أراضيها ومرافقها. وكذلك عبر ممارسة الاحترام والالتزام الكامل بتطبيق الإصلاحات كما جاء في المؤتمر الصحافي الذي عقدته بتاريخ 23 شباط الماضي”.
 
وتابع: “لهذه الأسباب كلها، فإني أعلن عزوفي عن الترشح للانتخابات النيابية القادمة، هذا مع اصراري على دعوة اهلي في بيروت وصيدا والشمال والبقاع وجبل لبنان، وفي كل أنحاء وأرجاء لبنان الى المشاركة في هذا الاستحقاق الانتخابي المهم والمفصلي لكي لا يتاح للوصوليين والطارئين تزوير التمثيل وتعبئة الفراغ الذي يمكن ان ينجم عن الدعوة لعدم المشاركة في هذا الاستحقاق الوطني. كما أحضهم على التشديد على أهمية أن ينبثق عن المجلس النيابي الجديد نواة إدارة حكومية رشيدة تكون على قدر المهمات الإصلاحية المطلوبة في كافة المجالات لقيادة هذه المرحلة الجديدة الحافلة بالتحديات والمصاعب على اختلاف أنواعها”.
 
وقال الرئيس السنيورة: “إن لمسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري حقوقا علي، إذ مارست فيها، ومن خلالها عملي السياسي، وسعيت من خلالها لتحقيق أهدافها، وبفضلها وصلت إلى ما وصلت إليه، وها أنا عازم الآن ايضا على أن أفي جزءا آخر من هذه الحقوق المترتبة علي للمواطنين اللبنانيين وللبنان بجميع مناطقه وفئاته وفي مقدمها لعاصمتنا الحبيبة والمظلومة بيروت. وإني أرى ان هذه اللحظة ليست لحظة لإحراز المناصب ولا للحلول محل أي أحد، إنها لحظة وطنية وأخلاقية بامتياز من أجل العمل بإرادة حازمة وشجاعة للاسهام العملي في إيفاء جزء من الحقوق المتوجبة علينا جميعا لوطننا لبنان، وكل حسب استطاعته ومقدرته ومكانه، ومن أجل ان يسهم الجميع في استعادة الدولة اللبنانية لدورها ولسلطتها، وكذلك لاستعادة اللبنانيين لقرارهم الحر ولحقوقهم التي ينص عليها الدستور وتجيزها القوانين المرعية، وكذلك لاستعادة ما يستحقونه من عيش كريم”.
 
أضاف: “هذه مسيرة الشهيد رفيق الحريري والتي سار فيها الرئيس سعد الحريري وهي مسيرة مستمرة -وأنا واحد منها- والتي يجب أن يستكملها الجمهور الوطني اللبناني ونحن منهم، والتي سيكون الرئيس سعد الحريري في مقدمهم عندما يقرر العودة إلى دوره الطبيعي بإذن الله. أنا مستمر في هذه المسيرة كمواطن مسؤول، يعمل لكل لبنان، بدءا من عاصمته بيروت وانطلاقا باتجاه كل لبنان، ويضع نفسه في خدمته وخدمتها، ولا يكون ساعيا لمنصب أو موقع. وأنا إذ أنذر نفسي للاستمرار في العمل الوطني والعمل العام لوفاء جزء من هذه الحقوق، فإنني أهيب بجميع اللبنانيين متآزرين ومتضامنين من أجل إنجاح هذه المشاركة الوطنية لإيفاء هذه الحقوق المتوجبة علينا لوطننا”.
 
وتابع: “إن عزوفي عن الترشح لخوض الانتخابات النيابية ليس من باب الاستنكاف، ولا من باب المقاطعة، بل العكس، هو لإفساح المجال أمام طاقات جديرة ووجوه جديدة. إن هذا العزوف لا يحول على الاطلاق، بل هو موقف وعزم جازم ومصمم، بأنني سأكون معنيا وبشكل كامل بهذا الاستحقاق الانتخابي جملة وتفصيلا. ولهذا، فإني أعلن نفسي ومنذ الآن منخرطا في هذه الانتخابات النيابية إلى آخر أبعادها دون ترشح، وذلك لمصلحة جميع المواطنين اللبنانيين الذين هم الاصحاب الحقيقيون لهذه الانتخابات والذين عليهم الانخراط فيها كمرشحين ومشاركين ومقترعين. ومن أجل أن يكونوا بذلك حريصين على تصويب بوصلة العمل الوطني والسياسي، وعبر المواجهة السلمية من اجل العمل على استرجاع الدور والسلطة الحصرية للدولة اللبنانية العادلة والقادرة والمتمسكة بالحفاظ على قرارها الحر، وهي الدولة التي يجب في عملها أن تحترم وتحفظ حقوق المواطنين اللبنانيين في يومهم وغدهم، وفي تحقيق عيشهم الكريم بإذن الله”.
 
وختم: “ليس هذا بيان ابتعاد، بل هو إعلان انخراط واستمرار. إنها معركة أن نكون أو لا نكون. سيبقى لبنان، سيبقى لبنان”.
 
الأسئلة والاجوبة 
وقال الرئيس السنيورة ردا على سؤال عن علاقته بآل الحريري وتحديدا بالرئيس سعد الحريري بعد مؤتمره الاول الذي دعا خلاله الى عدم مقاطعة الانتخابات ومن ثم عزوفه اليوم: “كل ما يقال عن انقلابي خطأ، فأنا لست من دعاة الانقلاب، وعلاقتي بالرئيس سعد الحريري وبالرئيس الشهيد رفيق الحريري قبله، كل هذا مستمر، وانا قلت منذ اليوم الاول عندما أعلن الرئيس الحريري مقاطعة الانتخابات، انا معك رغما عن قرارك، وانا معك رغما عنهم، اي انني قلت انا معك وانا لا اوافقك على هذا القرار، وانا معك ايضا رغما عن الذين يكيدون له”.
 
أضاف: “هذا الامر مستمر، ونحن واياه لدينا نفس التفسير ونفس التحليل ونفس الاسباب التي دعته لاتخاذ هذا القرار. الفرق انه يقرر ان يعلق مشاركته في العمل السياسي، بينما انا ارتأيت ان هناك حاجة الى ألا يصار الى مثل هذا الفراغ من قبل الطارئين والمغامرين. هذه هي الحقيقة، وهي مستمرة وبالتالي مهما كانت الاصوات، أعتقد ان الايام المقبلة ستبين ما اقوم به، وواضح مما ذكرته ان ليس هناك انقلاب كليا، بل على العكس، ما زلت من هذا المبدأ الذي رسمه اساسا الرئيس الشهيد رفيق الحريري”.
 
وعما اذا كان يدعم بعض اللوائح في بعض المناطق السنية، أشار الى ان مؤتمره اليوم، “ليس من اجل الاعلان عن أي لائحة، فهناك عمل مثابر يجري من اجل تشكيل لوائح، وعندما يحين الأوان سيصار الى الاعلان عنها”. وقال: “هذا الموقف هو للدعوة الى المشاركة والعمل الجاد كي تكون هناك لوائح تستطيع تمثيل رأي اللبنانيين ورأي اهالي مدينة بيروت، والمناطق الاخرى في لبنان، وسيأتي الوقت الذي سيصار الى تأليف اللوائح مع انتهاء اليوم بعد الساعة 12 ليلا، مع انتهاء مهل الترشح رسميا، ومن ثم سيجري العمل خلال الايام المقبلة من اجل ان تكون الصورة أوضح وتحديد اللوائح”.
 
وعن ترك الساحة السنية للطارئين بعد عزوف الرئيس الحريري ورؤساء الحكومات السابقين، قال: “كل ترشح مهم، لكننا نركز على القضية الاساس ألا وهي قضية الدولة، وهذا الامر يجب ان يسلط الضوء عليه، إذ أن انحسار دورها وغيابها أدى الى التفلت الذي نراه في كل النواحي الذي يعاني منها اللبنانيون في عيشهم وامورهم بكافة اشكالها، وهو ناجم عن الغياب المستمر للدولة وعدم قدرتها على التحكم بمختلف مناطقها ومرافقها”.
 
أضاف: “هذا الامر ناجم عن استعصاء مزمن على الاصلاح. لقد حصل لبنان على فرص عديدة جرى تضييعها من قبل الكثيرين الذين مارسوا العمل السياسي، وبالتالي كانت لهم افكار تنحو محل ما يسمى تغييب الدولة، والعمل على اختطافها، ومنع السير بالعمليات الاصلاحية التي يحتاجها لبنان”.
 
وتابع: “آن الاوان لندرك بأن هناك حاجة حقيقية لعودة القرار في لبنان الى الدولة اللبنانية، ولما ينص عليه الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، ولما يحتاجه لبنان من اعادة التوازن الداخلي، واعادة التوازن في سياسة لبنان الخارجية وفي علاقاته مع اشقائه الدول العربية ومع العالم، فلبنان لا يستطيع ان يستمر على حاله هذه من دون دولة صاحبة سلطة، حيث أصبحت الدويلة هي المسيطرة على لبنان. هذا الامر لا يمكن ان يستمر، إذ لم يبق صديق ولا شقيق الا وأبلغ اللبنانيين بعدم امكانية استمرارهم على هذا النحو، وعدم قيامهم بالاصلاح وتسوية امورهم وأن تعود الدولة صاحبة القرار”.
 
وقال: “نحن فعليا نخرب نظامنا الديموقراطي البرلماني من خلال كل هذه الاجتهادات الخاطئة، بما يسمى الديموقراطية التوافقية وغيرها من الامور التي ادت الى ان أصبح مجلس الوزراء مكانا للمشاكسات وليس للقرار. استمرار هذا الامر لم يعد ممكنا، ولو نظرنا الى جدول من الجداول التي بينتها في الكتاب الذي اصدرته خلال ايام، لرأينا أن أكثر من 60 في المئة من وقتنا تمت إضاعته هباء”.
 
أضاف: “علينا جميعا أن نعود الى ضمائرنا وندرك وجوب القيام بعمل جاد للتغيير، أن نكون او لا نكون، فنحن نسير نحو الهاوية، وما شهدناه أقل بكثير مما يمكن ان يحصل اذا استمر تقاعسنا وإهمالنا لشؤوننا، واستمرارنا في النظر الى جوانب الامور وظواهرها بدلا من جوهر المشكلة”.
 
وختم: “الدولة يجب ان تعود، ولا يمكن ان تستمر الدويلة في التسلط على الدولة”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.