دولار بيروت تخطى 22 ألفاً ومخاوف من فوضى اجتماعية.. وعون يوترها مع بري ويترك لتياره مناكفة حزب الله

أشرقت الشمس أمس، وناس لبنان، لم يروا جديدا في عتمة حياتهم السياسية، كما أملهم بذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي. ووزير الإعلام جورج قرداحي المسبب المباشر لمحنتهم المستجدة، لا يستقيل إطفاء للفتيل الذي أشعله مع الأشقاء، والحكم والحكومة متوافقان على إقالته فور اجتماع مجلس الوزراء، لكن رئيس الحكومة يخشى من ردة فعل حزب الله، الحامي الفعلي لقرداحي، والذي قد يطيح بالحكومة الرابعة في خلال ولاية الرئيس ميشال عون.

وفي وقت يركز رئيسا الجمهورية والحكومة الاهتمام على تأمين رفع الحظر عن اجتماعات مجلس الوزراء، المعطل منذ 14 أكتوبر الماضي، يتجنب عون التعرض لحزب الله، بينما يصوب سهامه على رئيس مجلس النواب نبيه بري، وهذا ما أوحت به تغريدته الأخيرة، وقد جاء الرد من الرئيس بري حاضن النائبين المدعى عليهما علي حسن خليل وغازي زعيتر، فاتهم عون بتسخير القضاء، وتحويله الى قضاء سلطة، هو منها وفيها بالتأكيد. وانضمت قناة «أن بي أن» الى الحملة بقولها ان التاريخ سيسجل ان العدلية انقسمت طائفيا في عهد ميشال عون، وهو أول من تدور حوله شبهة الخوف، لأنه كان يعلم بوجود النيترات في المرفأ، وبدلا من ان يتحرك، حرك مجلس الدفاع الأعلى والقضاء لحماية نفسه والحاشية.

مكتب الإعلام الرئاسي رد على قناة أمل سائلا: «لماذا اعتبر من رد على تغريدة عون بأن المقصود هو التحقيق في جريمة مرفأ بيروت، إذ ان هناك قضايا أخرى عالقة ومنها أحداث الطيونة – عين الرمانة، وبالتالي فإن أي ريبة لدى أصحاب الرد جعلتهم يعتبرون ان الكلام موجه إليهم». لكن تجنب الرئيس عون مقاربة حزب الله، لا يخفي الجبهات الجديدة الأخرى، التي فتحت على الحزب، باعتباره المسؤول عن جر لبنان الى قعر الهاوية، فها هو وليد جنبلاط يرفع الصوت، بينما يسارع «تكتل لبنان القوي» الذي يرأسه صهر العهد النائب جبران باسيل، إلى دعوة مجلس الوزراء للاجتماع سريعا، معتبرا أن التعطيل الحاصل، على خلفية التحقيق العدلي بانفجار مرفأ بيروت، بات «جريمة موصوفة» في حق اللبنانيين، وفي هذا القول رسالة مفتوحة من التيار الحر الى الحزب الحليف، ما يعكس برودة العلاقة بين رفيقي درب الممانعة، حيث يسعى التيار لاستعادة بعض شعبيته المسيحية المفقودة، مع إشعار الحزب الحليف في ذات الوقت، بأن اعتماده خيار سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية المقبلة، سيفقده غطاء الرئاسة وتيارها الذي كان قويا، ومازال قياسا على الأطراف المسيحية الأخرى التي يراهن عليها الحزب، بما يجعله موجودا، خارج نطاق البيئة الشيعية. ومع ذلك، تخشى المصادر المتابعة من ان يطول تعطيل جلسات مجلس الوزراء، فتتعطل كل الشرايين التي مازالت حية في الجسم اللبناني المتهالك، وأقله حتى 29 نوفمبر، موعد استئناف مفاوضات فيينا النووية، بين الدول الغربية وإيران.

بيد ان الرئيس ميقاتي، الخبير في تدوير الزوايا، استعاض عن جلسات مجلس الوزراء المحظورة، باللجان الوزارية، مستبعدا صيغة المجلس الأعلى للدفاع التي كانت معتمدة في زمن حكومة حسان دياب المستقيلة، مداواة للحاضر بالحاضر، واستعدادا للانتخابات النيابية في الربيع، لكونها مطلبا دوليا حاسما.

ومن طرابلس، أكد ميقاتي: «صحيح أنني أتعاطى بإيجابية وانفتاح مع التحديات مهما كان حجمها، وأعطي النقاش والحوار مداه الأقصى، لكن الصحيح أيضا أن التحاور يقف عند حدود قناعات لا أحيد عنها أبدا، وأبرزها استقلالية القضاء ومن خلاله حماية الدستور والمؤسسات، وصون انتماء لبنان العربي والحفاظ على علاقات الأخوة مع الأشقاء العرب، وفي مقدمهم المملكة العربية السعودية». وأضاف في كلمة خلال رعايته احتفال مئوية نقابة المحامين «إن مفهوم الدولة يقوم على قاعدة أن يتخلى الفرد أو المجموعة طوعا عن بعض ما هو حق له أو لها في الأصل، من أجل المصلحة العامة التي تمثل بالضرورة وفي نهاية المطاف مصلحة للجميع من دون استثناء».

ودعا لأن تكون المئوية الثانية «مئوية النظام العام، والانتظام الكامل في نهج سياسي واضح المعالم والمبادئ، وأسس بناء الدولة العصرية ذات السلطة الواحدة التي لا ازدواجية فيها. دولة تجعل على رأس اهتماماتها حماية سيادة الوطن وضمان سلامة أرضه وشعبه ومؤسساته، واحترام القواعد والاستحقاقات الدستورية، وصون مصالح المواطنين المقيمين والمغتربين، والمحافظة على انتماء لبنان العربي، وبناء أفضل العلاقات مع الأشقاء في المنطقة والأصدقاء في العالم. دولة تكرس استقلال القضاء وتعمل على توفير حاجات المرفق القضائي المادية والمعنوية».

بالمقابل، لابد من التوقف أمام ارتفاع مستوى الفوضى السياسية والضياع الاجتماعي بعد تخطي الدولار سقف الـ 22 ألف ليرة، وهو الذي كان بليرتين لبنانيتين و60 قرشا، عام بدء الأحداث في لبنان 1975، ومع الصعود المتسارع للدولار ازداد هبوط مستويات العيش، وبالتالي تفاقم حدة الفقر، ومعه أعمال العنف والسرقات، التي طالت مؤخرا عجلات السيارات المركونة أمام أبواب أصحابها.

الانباء – عمر حبنجر – داود رمال

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.