من وهبة وقرداحي إلى بوحبيب: توسع رقعة المواجهة مع السعودية

قالت أوساط سياسية لبنانية إن التسريب الجديد لوزير الخارجية عبدالله بوحبيب يظهر أن العداء للسعودية لا يقف عند وزير واحد، وإن ما قاله وزير الإعلام جورج قرداحي يعيده وزير الخارجية بشكل أو بآخر، ويلتقيان عند التعامل مع السعودية على أنها بوابة من أجل تحصيل المال للبنان ليس أكثر.

وأضافت هذه الأوساط أن إظهار العداء المكشوف للمملكة، في تسريب وزير الخارجية الذي نشرته صحيفة سعودية، يؤكد أن المزاج العام في الحكومة اللبنانية وفي المشهد السياسي معاد للسعودية ويسير في فلك حزب الله سواء اقتناعا بمشروعه أو خوفا من نفوذه، وهي رسالة سلبية إلى السعوديين تجبرهم على الاستمرار في خيار رفع اليد عن لبنان ووقف الاستثمارات، وهو أمر لن يقتصر على المملكة بل سيتحول إلى مقاطعة خليجية جدية لن يقدر لبنان على تعويضها بأي شكل من الأشكال.

وأشار وزير الخارجية في التسريب الجديد إلى أن السعودية دفعت أموالا كثيرة في لبنان، ولكن ليس للدولة اللبنانية، وأنه تم استثمارها في مناسبات مثل الانتخابات وقُدّمت مساعدات بعد 2006 إلى هيئة الإغاثة “ولا نعرف عنها شيئا”، لافتا في المقابل إلى أن المساعدات المهمة كانت تأتي من الاتحاد الأوروبي.

وتساءل بوحبيب في مؤتمر صحافي عقده بعد توجه رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي إلى قمة المناخ في أسكتلندا “إذا أقالوا قرداحي ماذا سنحصد من المملكة؟ لا شيء.. سيطلبون أمورا أكثر”.

مسلسل التسريبات يظهر للسعوديين أن خططهم في لبنان كانت محدودة التأثير قياسا بالنفوذ المتصاعد لخصمهم حزب الله ومن ورائه إيران

كما أشار إلى أن السعودية لم تقدّر استقالة أو إقالة شربل وهبة (وزير الخارجية السابق) الذي أدلى بتصريحات أغضبت دول الخليج، في إشارة مباشرة إلى المقابل المالي للضغط على لبنان من أجل أن يضغط هو الآخر على شربل لكي يستقيل.

وقبل أشهر كان وهبة المحسوب على رئيس الجمهوريّة ميشال عون قد دافع في تصريحات صادمة عن سلاح حزب الله، متهما دولا خليجية بأنّها وراء دخول داعش إلى سوريا والعراق. وأطلق إشارات ساخرة من “البدو”، وهو ما اعتبره المسؤولون الخليجيون إهانة لمجتمعاتهم ودولهم.

ولم يخف بوحبيب استغرابه من السبب الذي يجعل السفير السعودي وليد البخاري لا يتحدث إليه ويتصل بمستشار في القصر (القصر الجمهوري)، متسائلا “هل أنا عدو السعودية؟”، وأبدى استعداده لزيارة المملكة في الحين.

ولم يبد بوحبيب أي تفاعل مع فكرة استقالة قرداحي، مشددا على أنه إذا دفع رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الوزراء نجيب ميقاتي إلى استقالة وزير الإعلام فسيحدثان أزمة سياسية في الحكومة مع سليمان فرنجية ووهبة وقرداحي.

وقالت صحيفة “عكاظ” السعودية إن “تصريحات بوحبيب أدلى بها لمجموعة من الصحافيين على خلفية الأزمة الدبلوماسية الأخيرة مع المملكة، لكنه حاول التراجع عنها مطالبًا إياهم بإخفائها وعدم نشرها، بعد أن نصحه مستشاروه بذلك”. وتجنب الوزير أي إشارة إلى التسريب في مؤتمر صحافي عقده الأربعاء بعد لقاء جمعه بالرئيس عون حول العلاقة مع السعودية.

وقال إن لبنان يعتبر أن أي إشكالية تقع مهما كان حجمها بين دولتين شقيقتين، مثل لبنان والسعودية، لا بد أن تُحل من خلال الحوار والتنسيق وفق المبادئ المحددة في ميثاق جامعة الدول العربية، “فكيف إذا كانت هذه الإشكالية غير صادرة عن شخص أو عن جهة في موقع المسؤولية”.

ويعتقد مراقبون لبنانيون أن تصريحات بوحبيب تكشف للسعوديين طبيعة الجهة التي يتعاملون معها، وأن الأمر لا يتعلق بالحكومة الحالية فقط بل بحكومات سابقة أيضا، وأن الوزراء اللبنانيين يعرفون أن حزب الله هو الفاعل الحقيقي، وهو من يحمي بقاءهم أو يدفع إلى خروجهم، وأن لا جهة أخرى تمتلك التأثير نفسه، الأمر الذي يجعلهم يبدون مواقف هادفة إلى إرضاء الحزب سرا وعلانية على عكس السعودية التي يمتدحونها أحيانا من أجل الحصول على مساعدات أو وعود بالاستثمار.

ويشير المراقبون إلى أن مسلسل التسريبات يظهر للسعوديين أن خططهم في لبنان كانت محدودة التأثير قياسا بالنفوذ المتصاعد لخصمهم حزب الله ومن ورائه إيران، وأن الرياض تعاملت مع وجودها في لبنان كأنه أمر مضمون بضخ الاستثمارات وتوافد السياح وإقامة مشاريع إعلامية يسيطر عليها إعلاميون في الظاهر يقفون إلى جانبها وفي الباطن يخدعونها.

ويرى هؤلاء المراقبون أن إيران راهنت على مجموعات طائفية موالية لها بشكل تام وأغدقت عليها بالدعم القوي فيما السعودية كانت تتعامل مع حلفائها -سواء من سنة لبنان أو من خارجهم- حسب مزاجها، وهو ما جعل تأثيرهم محدودا في مشهد باتت كل أوراقه بيد حزب الله.

وتساءلوا عما إذا كان خيار المقاطعة الذي لجأت إليه السعودية حلا مناسبا أم أنها فتحت بذلك الطريق أمام إيران لتبسط هيمنتها على لبنان دون منافسة، ومكنت حزب الله من أن يصبح صاحب الكلمة الأولى والأخيرة؟

وكانت السعودية قد أغلقت أبواب المساعدات أمام لبنان، كما لم تعد تأمل أي فائدة من أي شخصية لبنانية بعد البرود الذي حصل مع رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، خاصة بعد احتجازه في الرياض.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.