ذكرى انفجار المرفأ تحلّ بلا حكومة.. وميقاتي يُلمح إلى الاعتذار

لجنة عوائل ضحايا تفجير مرفأ بيروت في مؤتمر صحافي بمشاركة فوج الإطفاء للإعلان عن برنامج التحركات إحياء للذكرى السنوية الأولى (محمود الطويل)

غداً الأربعاء تحلّ الذكرى السنوية الأولى للانفجار المدمر في مرفأ بيروت، مسيرات شعبية ومؤتمرات صحافية ومجاملات سياسية دون مستوى فك حصار الحصانات الدستورية والإدارية المقيدة للمحقق العدلي طارق البيطار في مساره بحثا عن العدالة، ولا حتى فك الحصار عن الحكومة العتيدة التي يبدو أنها لن ترى النور بحلول هذه الذكرى بعد الأجواء السلبية التي عبر عنها الرئيس المكلف نجيب ميقاتي عقب اجتماعه بالرئيس ميشال عون أمس معلنا انه كان يتمنى أن تكون وتيرة تشكيل الحكومة أسرع.

وأكد ميقاتي، في مؤتمر صحافي عقب لقائه الرابع مع الرئيس منذ تكليفه بالتشكيل، أنه كان يرغب في إعلان تشكيل الحكومة الجديدة قبل الذكرى الأولى لانفجار الميناء، ليبعث برسالة أمل للبنانيين بعد عام من الفراغ الحكومي والأزمات المتفاقمة.

وردا على سؤال حول المهلة التي حددها للاعتذار في حال عدم الاتفاق مع عون، قال ميقاتي إن المهلة التي حددها لتشكيل الحكومة الجديدة ليست مفتوحة، مضيفا «يفهم يلي بدو يفهم»، وذلك في إشارة واضحة إلى إمكانية اعتذاره هو أيضا في حال استمر الوضع الراهن الذي بدا أنه يشهد عدم اتفاق كامل بين الرئيسين.

ويكون في حال حصول ذلك، ثالث رئيس وزراء مكلف يعتذر عن المهمة خلال عام لعدم الاتفاق مع رئيس الجمهورية.

وأكد ميقاتي أنه اتفق مع عون على إعادة الاجتماع الخميس المقبل، لارتباط الرئيس بمواعيد متعلقة بالتحضير لخطاب مؤتمر باريس المقرر انعقاده غدا لدعم الشعب والجيش اللبناني، ما يعني أنه سيمثل لبنان عبر الاتصال المرئي في المؤتمر.

وردا على سؤال حول المحاصصة وطلب بعض التيارات وزارات بعينها، حسم ميقاتي الجدل قائلا «تفاديا لأي مشاكل أو خلافات» قرر أن يحافظ على نفس حصص المذاهب والطوائف في الحكومة السابقة، مشددا على أن الشعب اللبناني لا يريد سوى حكومة إنقاذ تنتشل البلاد من الأزمات المتفاقمة، ولا يريد أي حديث عن محاصصة ولا طوائف.

وبذلك يبدو ان عقدة وزارتي الداخلية والعدل وتسمية الوزيرين المسيحيين مازالت عصيّة على الحل وبحاجة إلى مزيد من البحث.

وتردد ان ميقاتي ابلغ الوسطاء الفرنسيين بتعقيدات الوضع، وانه يعتبر ان مهلة عشرة أيام يجب ان تكون كافية لحسم الأمور.. لكن المصادر المتابعة تراهن على نفسه الطويل وعلى خبرته في تدوير الزوايا، بيد ان مصادر أخرى تشير إلى أن هذه التصريحات والتلميحات للاعتذار تؤكد الرأي الذي يذهب باتجاه انه لا حكومة بحلول الغد ولا حتى قبل الانتخابات وربما حتى رحيل عون عن بعبدا.

وفور مغادرة ميقاتي بعبدا، هب الدولار محلقا بعد تحسن جزئي في سعر صرف الليرة، إثر الأجواء الإيجابية التي رافقت تكليف ميقاتي.

وفي موازاة الشلل الحكومي، يغلي الشارع اللبناني بالفعاليات والمسيرات الشعبية منها والحزبية إحياء لذكرى التفجير، وستكون هناك سلسلة فعاليات سياسية وقانونية اليوم وغدا الأربعاء في الداخل اللبناني والمهجر دعما للقضاء المستقل وتسفيها للحصانات المغيبة للمسؤوليات، ومنها وقفات وإضاءة شموع وقداديس وتجمعات في ساحة الشهداء وفي المرفأ وغيرها من الأماكن ذات الرمزية.

ومن ضمن التحركات، ينظم أهالي الضحايا غدا في ذكرى مرور عام على الانفجار، مسيرات للمطالبة برفع الحصانات عن المسؤولين الذين يطلب المحقق العدلي ملاحقتهم.

وخلال مؤتمر صحافي أمس، حدد أهالي الضحايا مهلة 30 ساعة للمسؤولين لرفع الحصانات.

وقال والد أحد الضحايا ابراهيم حطيط «صبرنا حتى نفد صبرنا… الرابع من آب هو يوم وجعنا».

وأضاف: «أمامكم 30 ساعة، انظروا بما ستقومون به فيما بتعلق بمسألة الحصانات والأذونات.. ونتمنى أن تفكروا بطريقة صحيحة ولو مرة واحدة».

صحيفة «الأوبزرفر» البريطانية نشرت تقريرا عن الأوضاع اللبنانية بعد عام على تفجير مرفأ بيروت، اعتبرت فيه ان لبنان اظهر منذ ذلك الحين التحول مجددا إلى دولة فاشلة، وقال التقرير: عند نقطة الصفر في قيامة لبنان، تنبعث رائحة الجرذان من أكوام الحبوب المتعفنة، والصوامع المحطمة التي تمزقت جوانبها بفعل التفجير الكارثي الذي مزق قلب بيروت أيضا.

من جهتها، لاحظت «الغارديان» البريطانية انه بعد عام على الانفجار مازال المتورطون بعيدين عن المساءلة، واصفة الزعماء اللبنانيين بأنهم يفضلون الامتيازات الضيقة التي تدفقت عليهم من نظام مشلول.

وبهذه المناسبة، أعلن قائد الجيش السابق العماد جان قهوجي ان تصريحات أدلى بها وكيله المحامي انطوان طوبية لا تمثله، وكان طوبية اتهم حزب الله بتغطية تهريب نيترات الأمونيوم من مرفأ بيروت إلى سورية.

وما حصل في خلدة من مواجهات دموية بين العشائر المقيمة في هذه المنطقة وبين مناصري حزب الله (سرايا المقاومة) شاهد على «حول» العدالة في لبنان.

فلو سلم علي شبلي نفسه للقضاء بعد مقتل الفتى حسن غصن في السنة الماضية، لكانت الجريمة انتهت إلى مصالحة على الطريقة العشائرية.

أما وانه لم يفعل، فقد افسح المجال للتقاليد العشائرية بتبرير الثأر منه، ولو ان مشيعي شبلي أتوا بجثمانه إلى منزله في موكب حزين، لا سلاح فيه ولا مدججين، لكان تم التشييع بأقل خسائر ممكنة.

ويبدو ان السلاح الذي ظهر بأيدي عشائر عرب خلدة فاجأ البعض، ومنهم نائب حزب الله حسن فضل الله، الذي وصف رجال العشائر بالعصابات المجرمة، مهددا باجتثاثهم في غضون خمس دقائق.

وقد ردت عليه نائبة بيروت في تيار المستقبل رولا الطبش بقولها: العشائر ليسوا عصابات، وهم أهلنا، وسيارات الإسعاف التي شاركت في تشييع شبلي كانت مدججة بالسلاح، ولو تحركت الدولة وقبضت على من قتل الطفل حسن غصن منذ 11 شهرا، لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه.

ميدانيا، مازال التوتر مخيما في منطقة خلدة، رغم انتشار الجيش، الذي أجرى سلسلة من المداهمات واعتقل أحد المشاركين بإطلاق النار على موكب الجنازة.

لكن يبدو ان المداخلات السياسية، والدينية لعبت دورها في كبح التفاعلات، وخصوصا بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ومفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، مع حزب الله، ومع قيادة الجيش، ما ساعد على ضبط الأمور ضمن الحدود التي بلغتها.

الانباء ـ عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.