لبنانيون على مواقع التواصل: الدواء لمن استطاع إليه سبيلا

تفاقمت أزمة الدواء في لبنان، مع إصدار وزارة الصحة لوائح الأسعار الجديدة للأدوية التي تفوق قدرة المواطن على تحملها، ولم يجد سوى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن مأساة أكثر المرضى الذين لا سبيل لهم سوى شراء الدواء “بالحبة الواحدة”، بعد عجزهم عن دفع ثمن كامل العلبة.

وأقر وزير الصحة اللبناني حمد حسن قرارا برفع الدعم عن الأدوية التي يقل سعرها عن 12 ألف ليرة، استجابة لقرار حاكم مصرف لبنان، بعد أن كان يحتسب على سعر 1500 ليرة. وأبقى على أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية وحليب الأطفال واللقاحات والأمراض النفسية والعصبية، لتزيد أسعار معظم الأدوية ما بين 4 و6 أضعاف.

وظل سعر صرف الدولار في مصرف لبنان “البنك المركزي” عند 1507.5 ليرة لكل دولار واحد، ويخصص لبعض السلع الأساسية فقط، بينما في السوق السوداء يبلغ سعر الدولار 22500 ليرة لبنانية.

ويستورد لبنان أكثر من 80 في المئة من أدويته بالدولار الأميركي، وفي الكثير من الأحيان بسعر مدعوم، لكن العملات الأجنبية بدأت تنفد من مصرف لبنان، مما يجبره على رفع الدعم بالتدريج عن الأدوية. وعلق ناشطون على القرار بالسخرية الممزوجة بالأسى بالنظر إلى صعوبة الحصول على الدواء لغالبية المواطنين، وقال أحدهم:

https://twitter.com/mas2oul12/status/1416155566381088772?s=20

وقالت أخرى:

khoulod_al@

أسعار الأدوية بتخوف وما في أدوية بالصيدليات العالم تصيح بدها دواء.

وألحق وزير الصحة القرار ببيان، أعلن فيه “فتح باب الاستيراد الطارئ والتسجيل السريع لأنواع الأدوية المفقودة من السوق المحلية، بموجب موافقة مسبقة من وزارة الصحة العامة، مع الالتزام بالضوابط الفنية ومعايير الجودة المعتمدة، على أن يستكمل المستورد الوثائق المطلوبة خلال 3 أشهر من تاريخ الاستيراد”. في محاولة منه لتجاوز المشكلة وكسر احتكار استيراد الأدوية.

وقال حسن إن “هذا الإجراء الاستثنائي، الثاني من نوعه بعد آلية تسعير المستلزمات الطبية، ويهدف إلى مواجهة وتخطي التحدي الناجم عن فقدان بعض الأدوية”.

وأيدت نقابة مستوردي الأدوية قرار رفع الدعم، وأوضحت أنه “من الناحية المبدئية، فإن القرار الذي أصدره الوزير برفع الدعم عن لائحة كبيرة من الأدوية، يأت في الاتجاه الصحيح، خصوصا بعد تحذير مصرف لبنان من عدم قدرته على الاستمرار في الدعم بالمبالغ ذاتها التي كان يؤمنها في السابق”.

إلا أن النقابة اعترضت على تخفيض هامش الربح للمستوردين بنسبة 6 في المئة، وهي نسبة لا تغطي التقلبات اليومية للعملات الأجنبية في السوق السوداء.

لكن المواطنين اللبنانيين لديهم رأي آخر، وأكدوا في تعليقات على مواقع التواصل أنه من الصعب عليهم الحصول على أدوية المسكنات وغيرها الكثير، حتى أن بعض أصحاب الصيدليات توقعوا إغلاق صيدلياتهم بين يوم وآخر، لأن المواطن لم يعد بمقدوره الحصول بسهولة على الدواء. وكتب مغرد:

من جانبه، قال رئيس الهيئة الوطنية الصحية الدكتور إسماعيل سكرية، “هذه مجزرة بحق المواطن، لأن لائحة أسعار الأدوية التي أعلنتها وزارة الصحة العامة، يعجز الناس عن تحملها”.

وبيّن سكرية أن “أسباب إخفاء الأدوية في المخازن صارت واضحة، وهي لغاية رفع الأسعار ومضاعفة أرباح مستوردي وتجار الأدوية، وتصدير بعضها إلى الخارج”. وتابع “ما نشهده هو مجزرة أسعار في الصيدليات، توقعناه وحذرنا منه مرارا وتكرارا، كما حذرنا من مناورات حاكم مصرف لبنان وعدم مجابهته بوقفة جدية مسؤولة من الأطراف المعنيين، وخاصة وزارة الصحة ونقابة الصيادلة ولجنة الصحة البرلمانية”.

وبدأ بعض المعلقين باقتراح بعض الحلول لإنقاذ البلاد من أزمة الدواء، ورأى أحدهم الاقتداء بدول مثل مصر قائلا:

ahmadhatoum@

على الجيش اللبناني أن يضع يده على مصانع الدواء في لبنان تماما كما تفعل مصر بهدف إيصاله إلى جميع فئات الشعب من دون تمييز. هناك بلدان بالمنطقة تصنع دواءها وتصدر بمئات الملايين من الدولارات، إلا لبنان لدينا عجز.

وقال آخر:

ويأتي قرار رفع الدعم عن الأدوية بعد أيام قليلة على وفاة الطفلة الرضيعة جوري السيد رضيعة لأنها لم تتلق العلاج اللازم في المستشفى وسط نضوب الأدوية في البلاد وإضراب للصيدليات، في حادثة أثارت غضبا واسعا في لبنان.

وقال عم الطفلة أيمن السيد إن الطفلة توفيت “بسبب نقص العناية في المستشفى ونقص الدواء”. وأضاف “لم يكن الدواء متوافرا في المستشفى، ذهب والدها إلى الصيدلية لشرائه فوجدها مقفلة”، وتابع “التقصير من المسؤولين.. نحن في بلد المستشفيات ليست فيها أدوية، والصيدليات مقفلة”.

وانتشر على وسائل التواصل الاجتماعي شريط فيديو لوالد الطفلة يحمل فيه طفلته ملفوفة بالكفن، قائلا “ما الذي سيعوضني عن طفلتي.. إلى من أوصل صوتي؟ للحيتان والتماسيح الذين تركوا البلد يقفل؟”.

لكن مستشفى مزبود المركزي الذي توفيت فيه الفتاة نفى أي تقصير من جهته. وقال في بيان إن الطفلة “أعطيت العلاج الكامل المناسب مع كل ما يلزم من أدوية”، مشيرا إلى أن الطفلة توفيت بعد دقائق من إخراجها لنقلها إلى مستشفى آخر. وقال الطبيب كمال مراد إنه تم نقل الطفلة إلى مستشفى آخر “من دون استشارة فريقنا الطبي”.

أصحاب صيدليات توقعوا إغلاق صيدلياتهم بين يوم وآخر، لأنه لم يعد بمقدور المواطن الحصول بسهولة على الدواء

إلا أن وفاة الرضيعة تزامنت مع إقفال عدد كبير من الصيدليات في لبنان بناء على دعوة إلى إضراب مفتوح احتجاجا على نضوب الأدوية منها، بسبب الأزمة المالية والاقتصادية الحادة التي تمر بها البلاد. وحذرت نقابة مستوردي الأدوية منذ أسابيع من “نفاد” مخزونها من “المئات من الأدوية الأساسية التي تعالج أمراضا مزمنة ومستعصية”.

وجاء ذلك بعدما شرعت السلطات منذ أشهر في ترشيد أو رفع الدعم تدريجيا عن استيراد سلع رئيسية بينها الأدوية. وتسبب تأخر فتح اعتمادات للاستيراد بانقطاع عدد كبير في الأدوية، بينها حتى مسكنات الألم العادية وحليب الأطفال الرضّع.

وهناك قيود مالية مشددة على فتح الاعتمادات وسحب الأموال من المصارف نتيجة الأزمة المالية. ورجح البنك الدولي أن تكون أزمة لبنان المستمرة منذ أكثر من سنة ونصف السنة، بين أسوأ ثلاث أزمات في العالم منذ العام 1850.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.