ممنوع المساس بموعد الانتخابات.. معركة في المناطق المسيحية وصعود أسهم القوات مقابل تراجع التيار

إجراء الانتخابات النيابية في لبنان في موعدها بات الشغل الشاغل للقوى الغربية، بعد فشل جهود تشكيل حكومة اختصاصيين تتولى مهمة الإنقاذ، وأي محاولات من قبل البعض للتأجيل ستصطدم هذه المرة برد قوي من قبل الولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين.

تتداول الأوساط السياسية في لبنان هذه الأيام مقترحا لتشكيل حكومة انتخابات برئاسة رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري، تتولى مهمة الاستعداد اللوجستي والتنظيمي للاستحقاق النيابي المقرر إجراؤه العام المقبل.

ويأتي ذلك في وقت يواجه فيه لبنان نذر انفجار اجتماعي، فالبلد الذي كان يوصف في أحد الأيام بـ”سويسرا الشرق”، خلع عنه هذا الثوب، مرتديا رداء الفقر والبطالة وعدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والأمني.

وتشير الدوائر السياسية إلى أن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها بات محسوما، في ظل موقف دولي رافض لأي تأجيل، وهو ما سبق وعبّرت عنه بوضوح كلا من الولايات المتحدة وفرنسا.

وكانت السفيرة الأميركية في لبنان دورثي شيا شدّدت في آخر إطلالة إعلامية لها على أن بلادها مع حكومة مهمة تتولى عملية التحضير للانتخابات، وقالت “الحكومة المتمكّنة أيًّا كانت يجب أن تبدأ بالتحضير للانتخابات المقرّر إجراؤها في غضون أقل من سنة”.

وبدا من خلال تصريحات شيا أن الرهان الدولي اليوم في لبنان على إجراء انتخابات تشريعية تعيد صياغة التركيبة السياسية في سدة السلطة، بعد أن فشلت كل الجهود في تشكيل حكومة اختصاصيين تتولى مهمة الإنقاذ.

وهناك حالة من اليأس الداخلي والخارجي حيال إمكانية تأليف حكومة اختصاصيين، تتولى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد والمجتمع الدولي لاستئناف الدعم، وبات الجميع على قناعة بأن الحل قد يكون تشكيل حكومة أيا كانت طبيعتها سياسية أو تكنوقراط مهمتها تنحصر في الإعداد للانتخابات.

وترى الدوائر السياسية أنه حتى في حال فشل خيار تشكيل حكومة انتخابات، نتيجة تمترس كل طرف خلف موقفه، فإن ذلك لن يحول دون إنجاز الاستحقاق التشريعي، حيث أن هناك اليوم حكومة تصريف أعمال يمكن أن تتولى هذه المهمة.

وتشير الدوائر إلى أنه من غير المستبعد أن يجري تقريب موعد الانتخابات إلى شهر مارس المقبل بدلا من أبريل أي عقدها قبل شهر رمضان.

وباتت جميع القوى السياسية في لبنان تتصرف على ضوء المعطيات الجديدة، وحتى القوى التي كانت تلوّح في وقت سابق بانسحاب كتلها النيابية للدفع باتجاه إجراء انتخابات مبكرة تراجعت عن ذلك، وبدأت تستعد لانتخابات في موعدها.

ويقول مراقبون إن المعركة الحقيقية للانتخابات المنتظرة ستدور في مناطق نفوذ الأحزاب المسيحية، لاسيما بين حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، وسط ترجيحات بصعود أسهم الأول مقابل تراجع شعبية الأخير جراء الإخفاقات المدوية التي سجلت في عهد الرئيس ميشال عون.

ويحمل اللبنانيين عهد عون وفريقه السياسي التيار الوطني الحر مسؤولية الانهيار الشامل الذي يواجهه لبنان جراء سياساته وارتهانه لحسابات حليفه حزب الله المدعوم إيرانيا.

وقال رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في تصريحات صحافية الأربعاء إن “القوات ستخرج صاحبة الكتلة المسيحية الأكبر، وهذا الأمر يرتبط بالتحالفات وكيفية نسجها وصياغتها. أما التيار الوطني الحرّ فسيتراجع بنسبة كبيرة. أولا، لن يكون إلى جانبه الكثير من المرشحين من خارج التيار، وثانيا، قدرته على الإقناع لم تعد متوفرة، خصوصا أن الناس أصبحت ترى بأم عينها إلى أين أوصلت هذه السياسات، وهكذا ستكرس القوات اللبنانية الحزب المسيحي الأكبر”.

وعن الانتخابات الرئاسية أوضح جعجع “حزب الله يريد جبران باسيل (رئيس التيار الوطني الحر) لاستخدامه ضد الآخرين، وضدنا بالتحديد، وسيدعمه في الانتخابات النيابية بمناطق عديدة، كجزين وجبيل وغيرهما لتعزيز فرص نجاح نوابه. لكن هذا سيكون الدعم بحده الأقصى ليبقى مواجها للقوات”.

ويرى مراقبون أن المعركة الانتخابية في لبنان بدأت فعليا، ولاسيما بين الثنائي القوات والتيار الحر لافتين إلى تصريحات باسيل الأخيرة التي هاجم فيها خصمه المسيحي، حيث قال إنه “لا يمكن لرئيس حزب القوات سمير جعجع أن يتحدث عن الفساد، بينما يمارس أكبر أنواعه من خلال تلقيه مالا سياسيا من الخارج”.

وكان حزب القوات اللبنانية في صدارة المطالبين بانتخابات تشريعية مبكرة كمدخل لمعالجة الوضع المأزوم في البلاد، لكنه قوبل بصد من أقطاب العهد ولاسيما حزب الله الذي أعلن أمينه العام حسن نصرالله رفضه الشديد لهذا المقترح في ظل هواجس من إمكانية خسارة الحزب موقعه الحالي في قلب السلطة.

هناك حالة من اليأس الداخلي والخارجي حيال إمكانية تأليف حكومة اختصاصيين، تتولى تنفيذ الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد والمجتمع الدولي لاستئناف الدعم،

ويتخوف البعض من اللبنانيين أن يعمد حزب الله كما حليفه التيار الوطني الحر إلى التسويف وتأجيل الانتخابات، في ظل تراجع شعبيتهما في الداخل، لكن جعجع يرى أن هذه الخطوة من شأنها أن تثير غضب المجتمع الدولي والولايات المتحدة على وجه الخصوص التي قد تذهب إلى اتخاذ جملة من الإجراءات العقابية بالتنسيق مع شركائها الأوروبيين.

وقال رئيس القوات “إن لا أحد يمكنه أن يؤجل الانتخابات. ومن يطرح فكرة التأجيل أو يماشيها ستفرض عليه عقوبات أميركية وأوروبية قاسية”، لافتا إلى أنه سبق وتلقى باسيل ضربة قاسية حينما فرض الأميركيون عقوبات عليه، ولن يكون من السهل بالنسبة إليه القيام منها. أما العقوبات على علي حسن خليل ويوسف فنيانوس فكانت رسائل قاسية موجهة بشكل واضح إلى نبيه برّي وسليمان فرنجية، وبالتالي لا مجال للتلاعب هنا.

وأدرج مكتب مراقبة الأصول الأجنبية في وزارة الخزينة الأميركية في سبتمبر الماضي كلا من وزير الصحة الأسبق علي حسن خليل ووزير الأشغال والنقل السابق يوسف فنيانوس على اللائحة السوداء، وفرض عقوبات عليهما بتهمة الانخراط في الفساد وتقديم الدعم المادي لحزب الله.

وأعقب هذا القرار قرار جديد صدر بحق جبران باسيل فرضته الخزانة الأميركية بناء على قانون “ماغنتسكي” المتعلق بشكل أساسي بمكافحة الفساد.

العرب

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.