لبنان.. محاولات استدعاء الحرب الأهلية مجدداً

(Photo by ANWAR AMRO / AFP)


يبدو أن الأسبوع الجاري في لبنان مرشح لتطوّرات متسارعة، ماليّاً وحكوميّاً في آن واحد، في حين يمكن القول إنّ الملفّيْن يتسابقان، وإذا بقيت الغلبة لانهيار العملة الوطنية وتحليق الدولار، فإنّ سيناريو «الانفجار» الاجتماعي- الشعبي- المعيشي، الشامل وغير المسبوق، سيكون قريباً، وما نسخته التي شهدها البلد مؤخراً سوى «بروفة» للآتي من الأيام.

ومن بوّابة هذه الأجواء، تجدر الإشارة إلى أن شهر مارس الحالي كان شهد بعضاً من التاريخ الأسود في حياة لبنان ما بعد «اتفاق الطائف»، ذلك أنّ البلاد اجتازت قطوعاً خطيراً، إذْ كادت تنزلق إلى فتنة طائفيّة مستطيرة، جرّاء ما شهدتها التظاهرات في بيروت والمناطق من هتافات طاولت قيادات سياسيّة، وسرعان ما تُرجِمت عنفاً في الشارع ‏على مستويين: أعمال عنْف وتخريب لممتلكات خاصّة وعامّة، في وسط العاصمة خصوصاً، وتعارك واشتباكات في بعض ‏أحياء بيروت وضواحيها، كما في بعض المناطق اللبنانيّة.

وغداة هذا المشهد، الذي مرّ قطوعه على خير، ونقل اهتمامات اللبنانيّين من حِراك يستهدف الضغط لحلّ ‏أزمات البلاد الاقتصادية والمالية والمعيشيّة ومكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة ‏وإسقاط الطبقة السياسيّة المسؤولة عن الانهيار السائد، إلى الخوف ‏من عودة البلاد إلى الحرب وسقوط السلْم الأهلي.

مراوحة الأزمة

ووسط حال الانتظار عند حافة الانهيار، وفيما الأزمة تراوِح وتتعمّق، لا يزال الداخل اللبناني يضجّ بالقراءات، ومفادها أنّ المفتاح الوحيد لفرملة الانهيار يكمن في تأليف الحكومة الجديدة.

ومن هنا، ينتظر اللبنانيّون اللقاء الـ18 بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الوزراء المكلّف تشكيل الحكومة سعد الحريري، اليوم، آملين بـ«فكّ أسْر» حكومتهم المعلّقة على التوازنات والأرقام والنعوت والصفات، بعد طول انتظار وكثرة إمعان بفرْض الإفقار والتوتّر، في حين ارتفع منسوب الكلام عن أنّ لبنان يقف أمام أكثر من اختبار للنوايا على الخطّين السياسي والمالي، وكلا النوعين يوضع في خانة الترقّب والحذر، إذا ما قورنت الأوضاع الحاليّة المتدهورة بما تبقّى من خيارات إنقاذيّة.

فوضى

وفي المقلب الآخر من الصورة، فوضى عارمة، سلطة ممعنة في قطع أرزاق الناس بتعنّتها السياسي الخانق، إذْ غلّبت صراع المصالح الخاصّة على كلّ ‏الجهود الرامية إلى وضع لبنان على سكّة الإنقاذ، والجميع يتقاذفون كرة المسؤولية، فيما يتسارع العدّ العكسي نحو بلوغ لحظة انفجار اجتماعي كبير.

أمّا المواطن اللبناني فيبدو كمن يعيش على فوهة بركان، يوشك أن ينفجر في أيّ لحظة ويلفظ حممه في الأرجاء لتأكل الأخضر واليابس ممّا تبقّى من هذا البلد، ولسان حاله يقول: وضعنا «كارثي»، ولا دولة لمن تنادي.

وهذه المعلومة، وفق إجماع اللبنانيّين، لم تعد تحتاج إلى سبق صحافي ولا إلى معلومات خاصّة أو حصريّة، حتى إنّ مصطلح «الآتي أعظم» لم يعد ينفع، فالآتي أتى، وانتهى الأمر.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.