العقوبات ليست سهلة على “الوطني الحرّ”… وماذا عن علاقته مع الحزب؟

سرعت العقوبات الأميركية التي يؤكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنها طالته لرفضه فك تحالفه مع «حزب الله»، إطلاق عملية إعادة النظر بـ«ورقة التفاهم» بين التيار والحزب والتي أعلنا عنها في شباط 2006. وبحسب النائب سيزار أبي خليل الموكل إلى جانب النائب آلان عون من قبل قيادة “التيار الوطني الحر” بمتابعة الملف، فقد “آن الأوان بعد نحو 15 عاما على إعلان ورقة التفاهم، لتطويرها ومراجعتها وتحديثها بما يتلاءم مع الزمن الحالي”، لافتا إلى أنه تم تشكيل لجان من الطرفين لمتابعة الموضوع “على أن تبقى كل المداولات بالوقت الحالي بعيدا عن الإعلام لضمان نجاح مهمتنا”.

وتأخذ قيادة “الوطني الحر” على الحزب “عدم ملاقاتها بالجدية المطلوبة بعملية مكافحة الفساد وغيرها من العناوين التي تعتبرها أساسية لبناء الدولة المنشودة”، وهو ما يعبر عنه أبي خليل، لافتا في تصريح إلى “الشرق الأوسط” إلى أن “العتب على الحزب هو لكونه لم يلاق إيانا بجدية في بناء الدولة ومحاربة الفساد وتحقيق استقلالية القضاء وتقوية المؤسسات وفي عملية الإصلاح الاقتصادي والمالي”.

وتستغرب مصادر قريبة من “حزب الله” إصرار بعض من في “التيار” على “تصوير الحزب مقصراً في عملية مكافحة الفساد”، مؤكدة “أنه كان السباق باللجوء إلى القضاء في هذا الملف سواء بما يتعلق بالفساد المالي أو الإداري، كما أنه لم يتوان يوما عن السير في إقرار القوانين اللازمة في هذا الخصوص”. لكن الحزب يبدو متفهما أكثر من أي وقت مضى لبعض اعتراضات التيار، خاصة بعد العقوبات الأخيرة على رئيسه. وفي هذا المجال تقول المصادر لـ”الشرق الأوسط”: “هذه العقوبات أعطت قوة جديدة للتفاهم الذي كان ولا يزال قائما وثابتا ومستمرا… واصلا لولا أهمية هذا التفاهم لما وضعوا كل هذا الجهد لفرطه ولما فرضوا عقوبات على الوزير باسيل”.

وتكشف المصادر أن “إعادة النظر بورقة التفاهم، لا تزال في مرحلتها الأولى أي بإطار عملية داخلية سواء في التيار أو الحزب، ولم ننتقل لمرحلة اجتماع اللجان”، لافتة إلى “قراءة يجريها كل طرف على حدة على ضوء المتغيرات والأحداث التي حصلت في السنوات الـ١٥ الماضية لتحديد النقاط القديمة التي تخطاها الزمن وتحتاج للتعديل، والنقاط التي يتوجب إضافتها للورقة، وبعد أن يحضر كل فريق ورقته عندها نجتمع ونرفع التوصيات للقيادتين”.

وتكشف المصادر أنه وبالتزامن مع إطلاق عملية إعادة النظر بورقة التفاهم، “تم تفعيل آلية تنسيق العمل النيابي والوزاري بين الحزب والتيار، بحيث لا يتفاجأ أي طرف باقتراحات ومشاريع قوانين قدمها الطرف الآخر خلال جلسة للهيئة العامة أو خلال جلسة لمجلس الوزراء، فيتم النقاش بها بوقت سابق قبل تقديمها”.

ويشير الكاتب والمحلل السياسي، المتخصص في شؤون “حزب الله”، قاسم قصير إلى أن “العلاقة لا تزال قوية ومتينة بين التيار والحزب رغم بروز بعض التباينات أحيانا، وقد شكلت العقوبات الأميركية على رئيس التيار جبران باسيل دافعا لتعزيز العلاقات وتمتينها”.

أبي رميا: من جهة أخرى، لا يخفي عضو تكتل “لبنان القوي” النائب سيمون ابي رميا ان “العقوبات الاميركية و”غير المستحبّة” على رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل لم تكن بالأمر السهل حتماً، وهو إن كان يُقرّ بوطأتها يؤكد انها لن تثني “التيار” عن متابعة مسيرته النضالية بمعزل عنها”، مشيراً في حديث الى “نداء الوطن” الى ان “العقوبات وُضعت على طاولة النقاش في اجتماعات “التيار”، لتدارس ارتداداتها وانعكاساتها عليه ككلّ، وسبل التعاطي معها”، لكنه يرفض الافصاح عن الخلاصات التي تم التوصل اليها، في اعتبار ان القرارات داخلية لـ”التيار” وليست للاعلام.

اما تأخير تشكيل الحكومة فيقاربه ابي رميا من زاوية قلقة، ويتساءل: “هل هناك قطبة مخفية خارجية تمنع ولادتها، ام ان العقبات هي داخلية بحت؟ فإذا كانت داخلية فمصيبة، لان الكلّ يدرك اهمية التشكيل للحد من الانهيار والمعاناة، اما اذا كنا ننتظر ايحاءات خارجية او استحقاقات معينة فالمصيبة اكبر، لاننا نتخلى عن سيادتنا وقرارنا الحر ونرهن قرار تشكيل حكوماتنا بالخارج”.

وهل يلمس نية عند الحريري بالبقاء رئيساً مكلفاً لحين انتهاء العهد؟ يجيب ابي رميا: “اعتقد انه هو من سيدفع الثمن شأنه شأن الجميع، الذين سيتحمّلون مسؤولية الانهيار، ولا يعتقدن احد ان لديه بعد ترف الوقت، لا الطبقة السياسية اذا ظلت تلعب الاعيبها التقليدية في تأليف الحكومات ولا الشعب الذي دق الجوع ابوابه، مقاربة تشكيل الحكومة هذه المرة يجب ان تكون مقاربة استثنائية وليس على قاعدة “مرقلي لمرقلك”.

لمَ لا يُقدم الرئيس المكلف إذاً على التشكيل؟ يجيب ابي رميا: “لقد عرض الحريري تشكيلة من 18 وزيراً لكنها لم تلق استحساناً عند رئيس الجمهورية الذي ‏سلمه بدوره طرحاً متكاملاً يتضمن توزيعاً للحقائب على أساس مبادئ واضحة. والنقاش الحكومي يحصل حصراً بين الطرفين، الا ان لا نتائج ايجابية بعد. وعلى الرئيس المكلف ان يدرك ان الحكومة يجب ان تكون متجانسة وتحصل على ثقة المجلس النيابي كي تستطيع ان تحكم”.

اما عن تمسك رئيس الجمهورية بحقيبة العدل، فيؤكد ابي رميا ان “الرئيس عون يعتبر ان وزارة العدل هي من عدّة العمل التي ستواكب التدقيق الجنائي المرتقب ويريد ان يطمئن الى ان من سيشغلها يتمتع بالصدقية وليس من انتماء سياسي له الى اي طرف خلفيته تعطيل هذا التدقيق الذي سيفتح ملفات هدر وفساد عمرها 30 سنة وندرك جميعاً من كان يتحكم بمفاصل الحياة السياسية خلال تلك الفترة.

اما في شأن العلاقة مع “حزب الله”، لا سيما بعد مواقف امينه العام السيد حسن نصرالله امس، فيؤكد ابي رميا ان “العلاقة ثابتة وطنياً لكن طبعاً هناك محطات تفاهم ومحطات اختلاف فالملفات “على القطعة”، نتفاهم على بعضها كملفات تشريعية ونختلف حول اخرى وهذا دليل على التمايز الدائم وتأكيد على أنّ لا أحد يذوب أو يأخذ أوامره من الطرف الآخر”.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.