لبنان بين «علبة الشوكولا» الفرنسية و«علبة العقوبات» الأميركية

تستعدّ بيروت لأسبوعٍ يشكّل اختباراً حقيقياً لمدى قدرة المبادرة الفرنسية، التي وافقتْ عليها غالبية الأطراف السياسية اللبنانية بـ «الأحرف الأولى»، على إحداث الاختراق المطلوب الذي من شأنه وضْع البلاد على سكة «خطة مرحلتيْن»، قريبة المدى ترعاها باريس على قاعدة إقامة «البنية التأسيسية» للإصلاحات البنيوية والهيكلية وإطلاق مسارها على متن الحكومة العتيدة، وبعيدة المدى تُعتبر واشنطن صاحبة «الإمرة» الرئيسية فيها ومحورها الإصلاحات السياسية التي باتت بمثابة «الاسم الحَرَكي» لوضعية «حزب الله» خارج الدولة وانخراطه في أزمات المنطقة.
وفي حين تتكامل أهدافُ باريس وواشنطن، وإن اتخذّت كل منها «طريقاً» وتوقيتاً مختلفاً، وتتلاقى عند حتميةِ حدوث تَحَوُّلٍ في «النظام التشغيلي» الذي يحكم الواقع اللبناني في شقيْه الإصلاحي والسياسي، تشي التطوراتُ بأن الولايات المتحدة ستواكب «القوة الناعمة» الفرنسية بالإبقاء على «جزرة» العقوبات بوضعية «التفعيل» رغم إعطائها ما يشبه الـ laissez-passer للمبادرة التي أطلق «رصاصة انطلاقِها» الرئيس إيمانويل ماكرون شخصياً من بيروت ولمّح إلى أنها بمثابة «الطلْقة الأخيرة». 
ولم يكن عابراً أن الزيارة التي استمرّت أكثر من 48 ساعة لمساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر لبيروت، طَبَعها عنوان العقوبات على شخصياتٍ سياسية ورجال أعمال والتي نَقَلَ العديد ممن التقوا المسؤول في إدارة الرئيس دونالد ترامب أنها باتت قريبة وسترتكز على «السيبة الثلاثية» لقوانين ماغنيتسكي وقيصر ومكافحة الإرهاب.
وفي حين بدأ حبْسُ الأنفاس يسود حيال مَن ستضمّ لائحة العقوبات رغم الإيحاءات بأن عدد المشمولين بها قد يكون محدوداً، تشير أوساط سياسية إلى أن «علبة العقوبات» التي ستعاود واشنطن فتْحها مع توسيعِ رقعتها هذه المرة من شأنها أن ترْفد «علبة الشوكولا» بالطَعْم المُرّ التي قدّمتْها باريس للطبقة السياسية في لبنان بـ «أنياب» يمكن أن تعطي المزيد من الدفْع للمبادرة الماكرونية التي تواكبها على مدار الساعة خليةُ أزمةٍ ديبلوماسية فرنسية، رغم الخشية من أن تؤدي أي «جرعة زائدة» على خط العقوبات إلى استدراج تَشَدُّدٍ داخلي وتالياً تفخيخ المسعى الفرنسي الذي يشكّل مساراً انتقالياً في الطريق إلى الحلول الشاملة.
وبمعزلٍ عن السياق التفصيلي لعملية تأليف الحكومة التي تدخل غداً أسبوعها الثاني ليبقى أسبوع فقط من «مهلة الحضّ» التي حدّدها ماكرون لاستيلاد تشكيلةٍ تعطي الإشارةَ الجدية إلى استشعار الطبقة السياسية بأن الأمور لم يعد يمكن أن تستمرّ على ما كانت قبل التفجير الهيروشيمي في مرفأ بيروت، فإن الأوساط ترى أن الرئيس المكلف مصطفى أديب ينطلق في المسار الشاقّ بـ «مناعة» يفترض أن تكون كافية بوجه أي محاولة لجرّه إلى «الألاعيب القديمة».
ومن هنا ترى الأوساط أن الأسبوعَ الطالع في بيروت، سيكشف النياتِ الحقيقيةَ لمختلف الأفرقاء المعنيين بالملف الحكومي ليبْني في ضوئها الرئيسُ المكلف المقتضى، ملاحظة في هذا السياق تسريب مناخاتٍ متناقضة عما يسود كواليس التأليف، تراوح بين «كل عقدة ولها حلّها» وصولاً إلى ضرب مواعيد لولادةٍ حكومية خلال أيام معدودة، وبين أن تعقيداتٍ قديمة – جديدة تكمن للرئيس المكلف، ومنها المداورة في الحقائب واشتراط «التيار الوطني الحر» أن تكون شاملة أو لا تكون، بمعنى أن تَمَسُّك رئيس البرلمان نبيه بري بحقيبة المال باعتبارها ذات بُعد ميثاقي يُفْضي إلى تشبّث التيار بحقيبة الطاقة، في موازاة أجواء عن «تدوير زوايا» يحصل لحجم الحكومة وطبيعتها على قاعدة أن تكون في منزلة وسطية بين تحبيذ أديب أن تكون من 14 أو 16 وزيراً ورغبة الرئيس ميشال عون بأن تكون من 24، كما أن تتألف من اختصاصيين «مُسالِمين» سياسياً أو غير استفزازيين، أي أن يكونوا أقلّ من حزبيين وأكثر من تكنوقراط لا خلفيات سياسية لهم. 
وفيما أنهى أمين سر دولة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين زيارة بالغة الدلالات لبيروت أكد خلالها أن «لبنان ليس وحده»، مستعيداً كلام البابا فرانسيس من أن لبنان يواجه «خطراً شديداً»، ويجب عدم التخلي عنه، لم تسْترح العيون الشاخصة منذ الخميس على محلة مار مخايل المتاخمة لمرفأ بيروت حيث انخرط فريق إنقاذ تشيلي «يقوده» كلبٌ صار «بطلاً» في لبنان (اسمه فلاش) وجهازُ مسْحٍ متطوّر في عملية بحث عن نبضٍ أو اثنين بقيت حتى يوم أمس الآمال بأن يكونا عائديْن أقلّه لإنسان نجا بأعجوبة بعد شهر على الانفجار ومازال تحت أنقاض المبنى المدمّر.
وإذ حملت ساعات يوم أمس معلومات عن أن ليل السبت سيحسم حقيقة إذا كان بين الركام حيّ أو أكثر، زخر النهارُ بمعلوماتٍ وتقديراتٍ تداولها ناشطون عن احتمال وجود طفلين صغيرين (رجح البعض أنهما لاجئان سوريان) بين الأنقاض، وهو ما جَعَلَ أيدي اللبنانيين على قلوبهم في متابعتهم قصة أمل بعنوان «نبض تحت الركام» تعلّقوا بحبالها علّها تبلسم بعضاً من جراح «بيروتشيما» التي توقّف معها قلب العاصمة في اللحظات… القاتلة من 4 أغسطس 2020. 
وفي واشنطن (أ ف ب)، أعلن البنك الدولي، أمس، أنه أبلغ الحكومة اللبنانية وقف تمويله لمشروع بناء سد بسري، الذي كان يهدف لتوفير مياه الشفة لبيروت وعارضه ناشطون بيئيون ومجموعات مدنية، «لعدم إنجاز» السلطات شروطاً مسبقة للبدء ببنائه. 
وأُقرّ قرض تمويل المشروع في العام 2014، وكان من المقرر بناء السد في منطقة وادي بسري، على بعد 30 كيلومتراً جنوب العاصمة لتأمين مياه الشفة لـ1,6 مليون نسمة في منطقة بيروت الكبرى.

توقيف خلية «داعشية»

تمكنت مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، من توقيف عناصر خلية إرهابية مرتبطة بتنظيم «داعش» كانت بصدد تنفيذ أعمال أمنية في الداخل اللبناني.
وأعلنت قيادة الجيش في بيان، أن «أمير الخلية هو الإرهابي المتواري عن الأنظار خالد التلاوي الذي استخدمت سيارته مِن منفذي جريمة كفتون» التي وقعت في 21 أغسطس الماضي، وذهب ضحيّتها 3 شبان لبنانيين.
وبحسب البيان «يأتي استئصال هذه الخلية ضمن إطار العمليات الاستباقية والمتابعة الدائمة للتنظيمات والخلايا الإرهابية المرتبطة بها، وقد تمّ توقيف عناصر الخلية الإرهابية في سلسلة عمليات أمنية في منطقتي الشمال والبقاع في تواريخ مختلفة، وتبّين أنهم تلقوا تدريبات عسكرية وجمعوا أسلحة وذخائر حربية تمّ ضبطها، ونفذوا سرقات عدة بهدف تمويل نشاطات الخلية المذكورة».

الراي – وسام ابو حرفوش وليندا عازار

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.