فيروز وماكرون: “بحبك يا لبنان”!

المركزية-  وفى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بوعد قطعه على شعب لبناني افتقد في لحظة قادة على قدر المسؤولية التي خلفتها نكبة بحجم انفجار بيروت، فعاد إلى لبنان في الذكرى المئوية الأولى لإعلان دولة لبنان الكبير من على درج قصر الصنوبر في حضور البطريرك الماروني آنذاك الياس الحويك، ومفتي الجمهورية. هذه المرة، لم يمض الرئيس الفرنسي، حتى اللحظة على الأقل، كثيرا من الوقت في الاستماع إلى مطالب الناس المنتفضين كما في 6 آب الفائت. لكنه عرف كيف يدغدغ مشاعرهم بأفضل رسالة وحدة وتضامن. ذلك أن قفز فوق العقم السياسي المرعب الذي تعيشه البلاد منذ ما بعد الحرب الأهلية، ليذهب إلى ما هو أسمى وأجمل. إنها فيروز أفضل صورة عن إبداع الله في خلقه ولبنانه، وطن قديسيه الكثيرين.

يحق للرئيس الفرنسي أن يعتد بنجاح نادر حاول كثيرون تسجيله قبله، وسيحاول كثيرون تسجيله بعده. أخرج الرجل، ولو لبعض الوقت، فيروز الأسطورة من صومعتها، وعزلتها الطوعية، ليكرمها ويكرم معها لبنان، بوسام جوقة الشرف الفرنسي، وهو الوسام الفرنسي الأرفع الذي تمنحه الدولة الفرنسية إلى شخصيات أثرت في مسارات أوطان وحيوات شعوب. قد يقول قائل إن كبيرة من وطن الكبار بحجم فيروز لا تنتظر تكريما من هذا النوع من أي كان، لأن صوتها وفنها ومكانتها في ذاكرة وطن جريح وعالم عربي مشلع بالأزمات يكفيان لتخليدها أبدا.

لكن هذا البعد الوجداني لا يلغي الأهمية السياسية للقاء فيروز وماكرون. ف”نهاد حداد”، سفيرتنا إلى النجوم، تجاوزت في شخصها وفنها والهالة المحيطة بها، كونها فنانة غنت على أكبر المسارح بعدما تفتحت موهبتها في أروقة الاذاعة اللبنانية تحت أنظار الموسيقار حليم الرومي (والد الفنانة الكبيرة ماجدة الرومي) الذي اكتشفها وأعطاها اسمها الفني “فيروز” ، وبرعاية الأخوين عاصي ومنصور الرحباني. على مر العصور والقرون تحولت الفنانة ذات الصوت الاستثنائي أفضل ممثل للشعب وأنينه. وهنا مكمن الأهمية السياسية للقائها ماكرون. فبعد ساعات على تأكيد قصر الاليزيه أن ساكنه سيحط أولا في الرابية للقاء فيروز قبل الغوص في وحول السياسة المحلية، حتى انهال اللبنانيون على سفيرتهم إلى النجوم بالتغريدات التي تطالبها بأن تخبر ماكرون بكل مكنونات ومعاناة شعب ما انفك يقوم من بين الأموات، ببساطة لأنه يعرف قيمة “لبنان الكرامة” ولأنه الشعب العنيد الذي غنته فيروز، كما كرست صوتها لكل أحوال الانسان والأوطان من الحب إلى الحرية، إلى السعي إلى العدالة والدولة العادلة، بدلا من سلطة تجعلهم يتركون أوطانهم وأماكنهم كما في “ناطورة المفاتيح”، ونصرة المظلومين كما “بياعة البندورة” في مسرحية “الشخص”، وإلى الحرية كما في “فخر الدين” و”جبال الصوان”.

هذه هي فيروز، النقطة الوحيدة التي لا يختلف اللبنانيون عليها ولا على صورتها المشرقة. والأهم أن ماكرون أيقن ذلك جيدا، بدليل أنه قال بعد لقائه النادر معها إنه “أخبرها بما تعنيه له وللبنان الذي نحب”، وفي ذلك انتقاد مبطن لكامل الطبقة السياسية التي يلتقي ماكرون أركانها عصرا في قصر الصنوبر عله يضعهم أمام مسؤولياتهم بما يقود البلاد إلى وطن يشبه ذاك الذي عزفته فيروز على أوتار صوتها يوما…

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.