عبد الحليم خدام.. ماذا قال لل”سيدر نيوز” عن زعماء لبنان.. مقابلة تعود للعام 2007

تزامنا مع وفاته، نعيد نشر حوار خاص اجراه ميشال الزبيدي في كانون الاول 2007، مع نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام الذي فتح ملفات الحاضر وكاشفا اسرارا من الماضي، توجه فيها الى اللبنانيين والسوريين عبر ال Cedar News :

– عندما يخدم المرء وطنه ثلاثين عاماً، يكافأ بمهرجانات تكريم. ماذا حصل ليصبح عبد الحليم خدام بعد ثلاثين عاماً خدمة لوطنه سوريا في المنفى؟

– الواقع، السبب الاساسي هو خلافات سياسية مع النظام. وهذه الخلافات تتعلق بحاجة سوريا الى اصلاحات جدية في المجال الاقتصادي، الاداري، السياسي والتعليمي. طبيعة النظام جندت الدولة والمؤسسات مما ادى الى وقوع تخلف كبير اصبحت معه الدولة السورية من مخلفات نصف قرن الى الوراء.

– هذا التخلف، التخلف المتشعب الذي تكلمت عنه كان اثناء وجودك في الحكم… ام بدء بعد تنحيتك؟

– بدأت الخلافات مع الرئيس حافظ الاسد اثناء وجودي في السلطة، كنت اطرح في اجتماعات الحزب وفي المؤتمرات ومع الرئيس الاسد عشرات المرات ان البلد لا يمكن ان تعيش في حالة جمود. العالم كله تغيّر فلا نستطيع ان نعيش في عالم متغير، بافكار عالم قد مضى وانتهى.
لم نصل الى نتيجة، كان الرئيس الاسد مريضاً وكنت انتظر وفاته لاستقيل. توفي الرئيس الاسد، فجاء بشار الي ليتحدث عن اصلاحات ادارية وسياسية وفي كل المجالات. حاولت ان اشجعه فطرحت عليه مجموعة مذكرات للاصلاح الاداري والسياسي والحزبي، والمالي والعلمي. لكن للاسف هذا الرجل يعتقد انه رئيس مزرعة.

– من وراء بشار الاسد؟

– اؤكد لك بكل صراحة، ليس وراءه احد عاقل. ولو كان وراءه عاقل ما كان ليقع في المطبات التي وقع بها، فألحق اضراراً جسيمة بسوريا.

– ماذا كانت تريد سوريا ايام حافظ الاسد من لبنان، وماذا تريد منه اليوم؟

– دعني اقول لك هناك عدة مراحل. اولاً مرحلة الحرب الاهلية، كنا نريد وضع حد لهذه الحرب حفاظاً على لبنان، ولاعادة الدولة التي يشارك فيها الجميع، هذه المرحلة استمرت فترة طويلة الى ان تم التوصل الى التفاهم مع امين الجميل لالغاء اتفاق 17 ايار. بعد ذلك توقفت الحرب كلياً بغض النظر عن بعض المناوشات المحدودة، ثم انصب جهدنا لتنفيذ الامور التي اتفقنا عليها مع الرئيس الجميل وبموجبها جاء رشيد كرامي رئيس وزراء. لكن مع الاسف، الخلافات وعدم الثقة بين اللبنانيين لم تساعد على تحقيق ذلك. بعد الرئيس الجميل، بدأت مرحلة جديدة في لبنان، هي مرحلة الحكومتين، آنذاك، كنا نرى ان الحل السياسي هو الحل الوحيد الذي يمكن ان يخرج لبنان من المأزق.

– آمنتم بالحل السياسي، لكن حلّكم كان عسكرياً…!

نعم، جاءت مرحلة الحكومتين، كان لسوريا دور كبير بعقد مؤتمر الطائف وبنجاحه وظهور تلك المقررات. واصبحنا على قناعة انه ليس هناك حل امام اللبنانيين الا التوافق. ثم تم اختيار المرحوم رينيه معوض رئيساً للجمهورية.

– اختيار ام انتخاب؟

– بصراحة اقول لك، اختيار من جهة، لكن ليكون هذا الاختيار دستورياً كان لا بد من انتخابات.

– اي ان تلك الانتخابات كانت فقط شكلية…!

بكل صراحة كان من الصعب ان توحد الاتجاهات دون الدول العربية. نعم رينيه معوض جاء نتيجة اتفاق عربي. قتل الرجل بعد ايام وعاد مأزق الفراغ. بذلنا جهوداً لعقد جلسة مجلس النواب في شتورا وتم انتخاب الياس الهراوي. الواقع، كان التوجه لدعم المرحوم بيار حلو، لكنه اعتذر عندما عرض الموضوع عليه من قبل الرئيس الحسيني، عندها اصبح الياس الهراوي رئيساً للجمهورية. لم يكن ممكناً ان يحكم رئيس الجمهورية وهناك قائد جيش في القصر الجمهوري. كان لا بد من انهاء لحالة ميشال عون وبناءً على قرار من مجلس الوزراء اللبناني، تمت الاستعانة بالقوات السورية لانهاء حالة عون. والان كما ترى اصبح العماد عون جزءاً من المعادلة السورية في لبنان الى جانب حزب الله وحركة امل.

– يوما قال الرئيس الاسد عنه: “هذا الرجل وطني”

– لم اسمع هذا الكلام

– وهل هذا التحالف هو تكريساً لاتفاق حصل معه من اجل عودته الى لبنان؟

– اريد ان اقول لك انني تركت العمل السياسي منذ عام1998، عندما تم دعم العماد لحود لرئاسة الجمهورية.

– تركت ام اُقصيت؟

– لا، لا، انا تركت. لأنه جرى نقاش مع الرئيس حافظ الاسد عدة مرات حول العماد لحود. كانت وجهة نظري ان لبنان لا تمشي اموره برئيس عسكري. وقتها اعطيت مثالاً الرئيس شهاب. كان محترماً من جميع اللبنانيين، وهو رجل عاقل، ورغم ذلك لم يتمكن رجال السياسة في لبنان من تحمله. فكيف يمكن ان يتحملوا العماد لحود وانا اعرف طبعه، وهو يريد ان يتعامل مع البلد كما يتعامل مع ثكنة عسكرية. طبعاً كان هناك اصرار من الرئيس الاسد على مجيء العماد لحود عندها، اصبح من غير الممكن استمراري باستلام الملف، فاعتذرت.

 

– عرفت بالمفاوض الصعب خلال تلك الفترة. فمن هو السيا سي اللبناني الذي كنت تعتبره رقماً صعباً؟

– بصراحة، “كلن فين البركة”، كلهم ارقام صعبة، المشكلة هي بتكوين الدولة، والوطنية كمفهوم ليست متوفرة. دائماً كانت تبرز المشكلة الطائفية، وكل الاطراف سواء اكانوا من حلفائنا ام اخصامنا كانوا ارقاماً صعبة. وانت تعلم ان المفاوضات بيننا لم تكن ثابتة. دخلنا لبنان في فترة التفاهم مع الجبهة اللبنانية

– دخلتم بتحالف مع الجبهة اللبنانية وبصراحة لدعم المسيحيين في لبنان. وبعد وقت قصير انقلبتم على المسيحيين، وترجم ذلك في معارك زحلة وبيروت، ماذا حصل؟

– نعم دخلنا لدعم المسيحيين. فزحلة كانت محاصرة كما تعلم، كذلك القبيات. جاءتنا وفود وشخصيات مسيحية من الجبهة اللبنانية، ومن حزب الكتائب، وشخصيات من زحلة كالياس سكاف والياس الهراوي والمطران حداد وغيرهم. دخلنا لنفك الحصار عن زحلة ثم وقع ضغط على بكفيا وكان هناك شبه حصار. دخلنا لرفع هذا الحصار. كل الامور كانت باتجاه وقف الضغط على اللبنانيين لانه كان لنا قناعة ان الضغط على المسيحيين سيؤدي الى تعطيل لبنان وهذا ليس من مصلحة اي دولة عربية، هو فقط لمصلحة اسرائيل.

– نعم، ولكن كيف تغيرت الامور؟

– السبب ذو شقين: اولاً، الاتصالات التي اجراها بعض الاطراف مع اسرائيل. ثانياً، اختلاف مع مصر حول مسألة اتفاقية سيناء. وتذكر ان الرئيس السادات صرّح ان لبنان سيشهد دماء. هناك وثائق ستنشر، والان الوقت غير مناسب لنشرها، لأني لا اريد ان انبش الماضي في وقت يحتاج فيه اللبنانيين الى اللحمة والتعاون لمواجهة الاخطار.

– على ذكر اسرائيل، كشف النقاب مؤخراً ان اتصالات جرت بين عائلة الاسد وارييل شارون. فما صحة هذا الكلام؟

– انا في عهد الرئيس حافظ الاسد بدأت مسؤولياتي في وزارة الخارجية حتى عام 1998. وفي عهد بشار الاسد لم اكن مسؤولاً عن السياسة الخارجية، فلا اعرف شيئاً عن هذه الاتصالات، الا انني لا استبعدها.

– الى اي مدى سيذهب النظام السوري في محاربة المحكمة الدولية؟

– النظام يعلم انه ارتكب هذه الجريمة ويريد ان يعطل المحكمة حتى لو ادى ذلك الى تدمير لبنان، دون ان يعرف ان تدمير الوحدة الوطنية اللبنانية له انعكاسات ليس على لبنان فحسب بل على المنطقة.

– هل ستصيب قرارات المحكمة الدولية الرئيس بشار الاسد شخصياً؟

– نعم، اعتقد ذلك بناءً على استنتاجات، ولدي معلومات ان بشار الاسد سيكون على رأس المتهمين.

– هل ممكن ان يكون الجولان ثمناً لحفظ رأس النظام؟

– ليس هناك اتفاق على هذا الموضوع، ولن يحدث اي اتفاق بين بشار الاسد واي قوة خارجية.

– والسبب؟

– لأنه ليس لدى بشار ما يقدمه للخارج. ليس هناك امكانية لأي اتفاق حول المحكمة، ولا حول نتائج التحقيق، لأن التحقيق هو تحت مراقبة المجتمع الدولي واللبناني. ولا اعتقد ان هناك دولة قادرة على طي هذا الملف، اذا قدم الاسد الجولان الى اسرائيل، لن تتمكن من طي ملف التحقيق، كذلك الولايات المتحدة.
اذا قدم الجولان، فهو سيحاكم على انه ارتكب الخيانة العظمى بالتنازل عن ارض الوطن.

– ممن تتلقى المعارضة السورية الدعم؟

– المعارضة السورية لا تتلقى الدعم من اي جهة. وهي تعتمد على المكونات الذاتية من اطرافها، المكونة من عدة تيارات والتي تتصرف بحدود امكانياتها. وسياسياً، تعتمد على الشعب السوري.

– هل تتواصل المعارضة مع الداخل السوري؟

– نعم، نعم، نعم. نحن كمعارضة نتواصل مع الداخل. كل اطراف المعارضة لهم امتدادات في الداخل.وانا اقول لك، اذا جرت انتخابات حرة بعيدة عن اي تدخل سترى ان المعارضة ستفوز على الاكثرية، لكن هذا امر نظري، لأنه لا امكانية انتخابات في ظل هذا النظام.

– نعلم ان سوريا بعيدة عن النعرات الطائفية. لكن في ظل النزاعات الطائفية في العراق ولبنان هل يمكن ان تمتد هذه النزاعات لتشمل سوريا؟

– كما قلت انت، الشعب السوري شعب له روح وطنية عالية. بالامس كنت اقرأ عن تاريخ سوريا، ففي عام 1936 اثناء تشكيل الحكومة السورية، اتفق ان يكون رئيس الجمهورية شكري القوتلي، رئيس المجلس النيابي فارس الخوري، ورئيس مجلس الوزراء جميل مردم بك. كان فارس الخوري زعيم وطني كبير وهو من طائفة صغيرة جداً وهي البروتستانت، وهو من كان رئيس مجلس النواب والوزراء لعدة مرات. المسألة الطائفية في سوريا غير قائمة. طبعاً هناك حساسيات تجاه ما يجري في العراق ولبنان، لكن حدوده لا تصل لمرحلة التوتر.
اما عامل فساد النظام، فهو موجود في كل الطوائف وخاصة العلوية. والاخوان العلويين تعرضوا للاذلال والضرر من اسرة الاسد والحواشي.

– هل يدفع عبد الحليم خدام الثمن اليوم، لأنه خدم رجل وطائفة عوضاً عن ان يخدم وطناً ومؤسسات!!!؟

– انا لا اسعى لأي منصب.

– هل انت مرشح لرئاسة سوريا؟

– انا لا تهمني المناصب، وهمي هو خلاص سوريا. وانا لا اطمع بمنصب فقد كنت في اعلى المواقع. و كنت اعلم انه عند خروجي سأحال الى القضاء وستصادر اموالي واموال اولادي.

– عندما تركت، هل كنت تعلم انك لن تعود الى الوطن؟

– اطلاقاً. انا عندما تركت النظام، قررت العمل لاسقاطه، وهو سيسقط دون شك. وبالتالي انا اعرف انني سأعود. والوطن اهم من كل ما املك. سوريا تسير باتجاه الانهيار، فانت لا تعرف مدى التخلف ونسبة الامية.

– امضيت ثلاثين عاما في الحكم، واليوم تتحدث عن وجود اميّة!!!؟

انا كنت مسؤولا عن السياسة الخارجية وكنت دائماً احمل على الاخطاء الداخلية واحاول اصلاحها. لم اتمكن ان افعل شيئاً لأن القرار محصور برئيس الدولة ورئيس الحكومة. سأقول لك: هناك اكثر من 60% من الشعب تحت خط الفقر. وستة ملايين عاطل عن العمل من جيل الشباب. سوريا في اضعف وضع على الصعيد المعيشي والفساد في اجهزة الدولة والاسرة الحاكمة. كل هذه الامور تضع سوريا في دائرة الخطر. لذلك خرجت على النظام على امل تغيير جذري يعيد سوريا الى موقعها الطبيعي. كنا نصدّر الكوادر الى الدول العربية، واليوم نحن نحتاجها.

– خلال خلال وجودك في الحكم، دعمتم المقاومة في الجنوب، وكان على كل لبناني ان يطرح السؤال عن عدم وجود مقاومة مماثلة في الجولان. لماذا شجعت سوريا المقاومة في لبنان وليس في الجولان؟

– دعني اجيب. بعد حرب 1973 والاتفاقات بين مصر واسرائيل، ادرك الرئيس الاسد ان الحرب مع اسرائيل غير واقعية. كل المعطيات القائمة تقول ان الحرب تحتاج الى تعاون مصري سوري. حاولنا تطوير العلاقات مع العراق من اجل ملئ فراغ غياب مصر، الا انه للأسف، هذه المرحلة استمرت اشهر عدة، عاد بعدها التوتر بين النظامين في دمشق وبغداد. وبالتالي اصبحت المقاومة الكلاسيكية العسكرية غير واردة. كان الرئيس الاسد يدرك ان اي عمل في الجولان يؤدي الى اشعال الجبهة، وهو غير جاهز لذلك. اعطى تعليمات مشددة لأجهزة الامن لمنع قيام اية عمليات مقاومة او عسكرية في الجولان. هذا القرار العسكري والسياسي للرئيس الاسد. في اي حال كان التوجه لمقاومة اسرائيل من لبنان، وخصوصاً اننا خضنا حرباً سنة 1982 في البقاع، والجبل وعاليه وبحمدون والمديرج وزحلتا. ثم جرى وقف اطلاق نار. ساعدنا المقاومة لاخراج اسرائيل من لبنان، خرجت القوات الاسرائيلية من لبنان وكان مفترضاً ان يصدر قرار بسحب القوات السورية من لبنان. لأن الذريعة التي كانت لدى الرئيس حافظ الاسد انه لا يمكننا الانسحاب من لبنان في ظل وجود اسرائيل في البقاع الغربي والجنوب الا ان هذا الانسحاب لم يحصل. فهدأت الجبهة اللبنانية لمرحلة لا بأس بها، الى ان جاء بشار الذي كانت لديه قناعة بأن يبقي جبهة الجنوب متوترة بين وقت وآخر، لذلك كانت تجري بعض العمليات في الجنوب.

– لأن الانسان غير معصوم عن الخطأ. اين اخطأ عبد الحليم خدام في الملف اللبناني؟
وهل كان هو المخطط ام المنسق للسياسة السورية في لبنان؟

– اولاً ليس هناك انسان معصوم عن الخطأ. وليس هناك خطأ او صح بنسبة 100%.

– ولكن اين خطيئتك الكبرى في لبنان؟

– المسألة اللبنانية لا ينظر لها من بداية او نهاية، انما من خلال مراحل لكل منها الخطأ والصواب. وهذه الامور سأكون واضحاً فيها في مذكراتي.

– دعني اسألك عن رأيك ببعض الشخصيات اللبنانية.

سعد الحريري:
– سياسي ناهض، يتمتع بمؤهلات ويمارس السياسة بموضوعية.

– وليد جنبلاط:
– اهم السياسيين اللبنانيين والعرب، انه قارئ ومستنتج جيد في السياسة، وصاحب معلومات، انه وطني لبناني وعربي.

– امين الجميل:
– الشيخ امين سياسي لبناني لفترة طويلة. له اخطاء وانجازات. كان بالمكان ان تكون رئاسته للجمهورية اكثر نجاحاً، لو لم يكن محاطاً بضغوط من قبل القوات اللبنانية من جهة، والكتائب من جهة اخرى. لكنني اقول ان امين الجميل لو كان رئيساً في ظروف صحيحة، لكان بامكانه ان يقدم الكثير.

– سمير جعجع:
– لا اعرفه. لكن سمير جعجع الذي نراه اليوم، هو غير سمير جعجع الذي كنا نعرفه سابقاً. اصبح معتدلاً، يعمل لتعزيز الوحدة الوطنية وعدم الانزلاق الى الماضي.

– سليمان فرنجية:
– لا اعرفه، لا اعرفه. التقيت به مرة واحدة خلال التعزية بوفاة جده، فلم احتك به مباشرةً.

– اميل لحود:
– خطأه الكبير انه ترشح لرئاسة الجمهورية، وخطأه الاكبر انه سعى للتمديد.

– حسن نصر الله:
– قائد مقاومة، حقق انجازات كثيرة. لكنه اخطأ عندما تحول من الجنوب الى بيروت، وبذلك يكون قد اعطى خلفية غير سطحية عن خلفياته السياسية التي يمارسها تحت ضغط من بشار الاسد.

– عام 2007، هل سيكون عام العودة والتغيير؟

– نعم، عام 2007 سيكون عام التغيير والعودة.

– عندما غادرت سوريا، ماذا جلبت معك؟

– اولادي واحفادي واوراقي.

– عندما تعود الى سوريا، ما هو المكان الاول الذي ستزوره؟

– اولاً سأزور مدينتي.

– هل ستزور ضريح حافظ الاسد؟

– سأزور مدينتي واعود الى دمشق.

– ماذا تقول للشعب اللبناني الذي يحملك مسؤولية بعض ما حصل في لبنان؟

– رجائي الى الاشقاء في لبنان، ان يدركوا الاخطار الكبرى التي تهددهم. وبالاخص نبيه بري، الذي يتخذ مواقف تعارض كل ما كنت اعرفه عنه، بأنه رجل وطني. واقول له ان الوطن اهم من اي موقع آخر، ولا زالت العصبية في لبنان تتغلب على الوطنية، واقول له ايضاً، انه يعرف من قتل رفيق الحريري، وانه يعرف انه كان مهدداً.

– كيف تفسر ان يكون نبيه بري وسيطاً ؟

– نعم،الخطأ الكبير عند الرئيس بري، انه عندما اختير وسيطاً، لم يتحمل دوره كقائد وطني. اتمنى ان تحل الازمة وان يتجاوز لبنان هذه العاصفة التي ليس لها اسباب داخلية، بل اسبابها خارجية، مرتبطة بسياسة بشار الاسد الذي يمل اولاً من اجل عودته الى لبنان، ثانياً، من اجل عرقلة المحكمة الدولية، اضافةً الى التمدد الايراني في المنطقة، من المتوسط الى اسيا. ايران تقدم نفسها على انها قائد المنطقة، تريد ان تمسك بملفات المنطقة، والسيطرة على دول الخليج، لتصبح المفاوض الاول للعرب حول مصالحهم.

– هل ان اميركا تنسق ضمنيا مع ايران من اجل خلق توازن سني شيعي في المنطقة؟

– دعني اقول لك ان المسألة ليست مسألة توازن انما مسألة مصالح، ايران دولة كبرى ولها طموحات كبرى ان تكون الدولة الرائدة القائدة في المنطقة، عندما صدر تقرير “بيكر” صرّح رئيس ايران ان المنطقة بقيادة الامة الايرانية مستعدة لمساعدة اميركا للخروج من العراق، اذاّ قدّم نفسه كقائد للمنطقة، ايران لها استراتجيتها، صحيح انها الشيطان الاكبر في نظر اميركا، ولان سياسة اميركا هي سياسة مصالح تعاونت مع الشيطان الاكبر في افغانستان، ايضا كانت بحاجة لمن تضعه في الواجهة في حربها مع صدّام حسين والعراق .

– الشيء نفسه حصل عام 1990، عندما ارادت اميركا دولاً عربية في الواجهة ضد العراق
عندما غزا الكويت، سوريا لعبت هذا الدور، كنت انت وزيراً للخارجية والثمن الذي حصلتم عليه كان لبنان. فاطلقت يدكم في لبنان، لم يعد هناك خطوطا حمراء، اقصد الاطاحة بالعماد عون، والدخول الى المنطقة الشرقية.

– هذا الكلام لا تصدقه. فالعماد عون لم يكن اطلاقاً في مواجهة اميركا، هذا وجائتنا 7 رسائل تحذرنا من القيام بأي عمل عسكري في لبنان. مع هذا اتخذ القرار العسكري من الرئيس الاسد. طبعاً الرئيس الاسد كان يعرف حاجة الاميركيين لتحرير الكويت.

– هذا يعني انه كان هناك نوع من التناغم والتغاضي؟

– لا كانت هناك استفادة من الوقت.

– بالعودة الى ايران. لقد كنت وزيراً للخارجية في سوريا عندما وقفتم في الحرب مع ايران ضد العراق في حرب الخليج الاولى، وما يهمني هنا انكم اقفلتم الحدود مع العراق، فاغلقت مئات الشركات اللبنانية التي تعتمد على الخليج كأسواق استهلاكية.

– اذا عدت بالوراء الى ما قبل الحرب، فقد كان هناك توتر شديد بين دمشق وبغداد، وسياسات امنية، وقد اقدمت الحكومة الاميركية على اقتحام السفارة السورية في بغداد، ثم على قطع العلاقات، فكان التحالف بين سوريا وايران ضد النظام في العراق، وليس ضد العراق. كان هناك تعاون، لكن كان هناك نقاط خلاف، والهدف لم يكن فتح الباب امام ايران داخل او خارج العراق. مع توتر العلاقات، توقف ضخ النفط، واغلقت الحدود من الناحية العراقية، الضغط لم يكن فقط على لبنان، فدائماً في بلدان العالم الثالث، تكون النزاعات السياسية اقوى من مصالح الدول.

– هل كانت السياسة هدف عبد الحليم خدام الشاب، فذهب اليها، ام السياسة اتت اليه والظروف وضعته في سدة المسؤولية؟

– اولاً، انا من عائلة سياسية، بدأت العمل في السياسة منذ عمر 15 سنة، دخلت حزب البعث عام 1947، وكنت محامياً، محافظاً ووزير اقتصاد. وضعي الحزبي هو الذي فتح الباب والطريق للمناصب السياسية، ووضعي المحلي والعائلي جعل مني عاملاً بالسياسة.

– هل ما زلت مؤمناً وملتزماً بمبادئ حزب البعث بعد ان طردت منه؟

– دعني اقول لك، هناك فرق بين مبادئ الحزب وبين سلوك النظام. حزب البعث ليس له دور حقيقي في النظام السياسي في سوريا منذ عام 1963، اذ قيدَ البلد بهذه المجموعة العسكرية، وفي هذه المرحلة بدأ الخروج عن مبادئ الحزب. اذا استطعت ان تطلع على دستور الحزب، فهو يكرّس مبادئ الحرية والديموقراطية السياسية. وهي مقدسة. عندما جاء عسكر البعث الى السلطة، تمت عسكرة الحزب، وبالتالي ما حدث في 8 آذار 1963 لا صلة له بحزب البعث وبالتالي، هناك فرق بين مبادئ الحزب وفكر الحزب.
المبادئ هي الحريات الديموقراطية، العدالةالوحدة العربية، وطموحات بعيدة.
اما الفكر فهو ما ينجزه العقل لتأمين حاجات معينة. الفكر جُمٍّد عام 1963، ومر بمراحل كثيرة فاصبح خارج الواقع. من هنا كنت اطرح دائماً انه يجب علينا ان نعيد النظر بفكره ونهجه بحيث نقدم فكراً يتلائم مع الواقع ويخدمه.
لا تستطيع ان تتحدث عن الوحدة العربية بمنطق عاطفي كما حصل عام 1958 وبالتالي لا نستطيع ان نقفز عن الواقع. ، الوحدة تبدأ بالعمل على التوافق الاقتصادي بين الدول العربية، وصولاً الى الوحدة المتكاملة.

– ما هو وضعك القانوني في فرنسا؟

– انا كأي زائر

– زائر ام منفي؟

– لا ان زائر وليس علي اي قيد واملك كل الحرية، والحكومةالفرنسية مشكورة تقدم لي كل الحماية الامنية وانا مرتاح بذلك.

– هل ستشكل حكومة ثانية في لبنان؟

– تقديري ان الامر سيطول لأن هذه الازمة صعبة الحل ما دام بشار الاسد حاكماً لسوريا، هو خلق الازمة وهو من ابتكرها من اجل تمرير ملفات المحكمة الدولية.

– هل من عودة للعسكر السوري الى لبنان؟

– لماذ يعيد العسكر؟ فهو لديه عسكر من الاحزاب يستخدمه كما كان يستخد سابقاً الاجهزة الامنية.

– اشكرك على امل اللقاء القريب في دمشق وبيروت

– الامل بالله، واتمنى ان يخرج لبنان من هذه الازمة.
واذا لم يرقَ اللبنانيون الى مستوى مصلحة البلد ستحل الكارثة على لبنان واللبنانيين.
حاوره ميشال الزبيدي – سيدر نيوز – باريس – نيويورك

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.