لبنان: هل يُفتح «صندوق باندورا» المالي؟

 «لم يعد لدينا شيء لنخسره ولن ندفع، لم يعد لدينا شيء لنقدّمه خارج الإصلاحات والنأي بالنفس». معادلةٌ صعبة ترتسم في لبنان وتجاهه بما يعكس حراجة اللحظة التي يمرّ بها مالياً واقتصادياً مع كل ما يحمله الانهيارُ الذي بدأ من مَخاطر انفجارٍ اجتماعي أضيف إلى «فتائله» فيروس كورونا المستجد.


وارتسمتْ هذه المعادلة من خلْف لاءين كبيرتيْن متقابلتيْن: الأولى لبنانية ضدّ دفْع سندات «اليوروبوندز» التي تستحقّ في 9 الجاري، والثانية خارجية ترفض فتْحَ الباب أمام أي دعمٍ في عملية الإنقاذ قبل بدء بيروت تطبيق الإصلاحات الشَرْطية (الإدارية والهيكلية في أكثر من قطاع أبرزها الكهرباء) بما يُنْهي وضعية «القجة المثقوبة» التي «تبتلع» المساعدات وكل محاولات النهوضٍ، مع مؤشراتٍ متزايدة إلى رغبة عربية – دولية في أن يكون صندوق النقد الدولي الممرّ لمدّ اليد إلى لبنان.
وفي حين اكتمل تَلاقي مكونات الحكومة على قرار عدم سداد استحقاق يوروبوندز 9 مارس «وأخواته»، وسط كلام لافت نُقل عن رئيس البرلمان نبيه بري من أنه ‏‏«في حال لا تريد البنوك والشركات الأجنبية التعاون معنا في التخلّف عن الدفع بشكل منظّم، وتفهّم وضعنا، ‏فساعتها ليس لدينا ما نخسره. أهم شيء هو الحفاظ على ودائع الناس والأموال اللازمة للأمن الغذائي ‏والصحي‎»، لم تهدأ المخاوف مما بعد هذه الخطوة التي يخشى البعض أن تكون على طريقة فتْح «صندوق باندورا» قانوني – قضائي – سياسي دولي ما لم يكن الأمر من ضمن تفاهُم مع الدائنين الأجانب و«ضمانة» من صندوق النقد الذي يشكّل دخول برنامج معه محور استقطاب حتى بين أطراف البيت الحكومي في ظلّ «شيْطنة» هذا الخيار من «حزب الله»، رفْضاً لأي تدويلٍ للأزمة المالية وحلولها.
وإذ كان وزير الخارجية ناصيف حتي، يضع كبارَ المسؤولين اللبنانيين أمس في أجواء زيارته لباريس قبل أيام ولقاءاته فيها التي شملت نظيره جان – إيف لودريان والسفير بيار دوكان المكلّف متابعة ملف مؤتمر «سيدر» ناقلاً استعداد فرنسا الدعم لبنان، برز ما عبّرت عنه مصادر ديبلوماسية تحدثّت عن استياء باريس الكبير من الأداء الحكومي في ما خص التأخر بإطلاق الإصلاحات الضرورية لبدء الدول المانحة الوفاء بالتزاماتها وفق «سيدر» بدءاً من الكهرباء وشفافية القضاء ووضع خطة لمعالجة الملف البيئي.
ونقلت «وكالة الأنباء المركزية» عن لودريان قوله لحتي «عليكم أن تتحرّكوا وتتحمّلوا مسؤولياتكم وستجدوننا الى جانبكم»، ناصحاً بسلوك درب صندوق النقد لأن الدولة لا يمكنها تحقيق الإصلاحات وانقاذ البلاد من دون عون دولي، وكاشفة «ان وزير المال الفرنسي برونو لومير أثار ملف لبنان مع مسؤولين سعوديين وإماراتيين أثناء مشاركته في اجتماع وزراء المال لمجموعة العشرين الأسبوع الفائت، فأبدى هؤلاء كل استعداد للمساعدة إذا نفّذ لبنان الإصلاحات وأثبت اعتمادَ سياسة النأي بالنفس والابتعاد عن صراع المَحاور الإقليمية والتزم فعلاً بنود إعلان بعبدا، وقد سأل هؤلاء عما إذا كانت حكومة دياب قادرة حقا على هذه الإنجازات، والاستعانة بصندوق النقد، فهل ستتجرأ على الخطوة في ظل اعتراض حزب الله».
وستكتسبُ المعاينةُ الدوليةُ للواقع اللبناني وآفاقِه بُعداً جديداً مع وصول السفيرة الأميركية الجديدة دوروثي شيا إلى بيروت تمهيداً لتقديم أوراق اعتمادها الى المسؤولين اللبنانيين الأسبوع المقبل، هي التي وُصفت بأنها من فريق الرئيس دونالد ترامب المتشدّد، وسط رصْد دوائر مطلعة الوقْع الخارجي للزيارة التي قام بها وزير الشؤون الاجتماعية والسياحة رمزي ‏مشرفية (المكلف متابعة ملف النازحين) لدمشق لبضع ساعات حيث التقى عدداً من الوزراء، وما إذا كانت هذه المحطة من ضمن مسارٍ تطبيعي سيبدأ مع النظام السوري.
وعلى خط «كورونا»، أعلنت وزارة الصحة عصر أمس، شفاء أول حالة شخصت في لبنان، موضحة أن «نتيجتها جاءت سلبية على أن تتم معاودة الفحص المخبري لهذه الحالة غدا (اليوم) حيث سيتم إخراجها من المستشفى الى منزلها، عند تأكيد النتيجة السلبية الثانية للفحص المخبري».
سُجّل دخولٌ قوي من البلديات على خط إجراءات الوقاية وبدء عمليات تعقيم في الأماكن العامة والشوارع (كما في بيروت) وقصور العدل التي ستشهد تعليقاً للجلسات القضائية من اليوم وحتى الجمعة.

الراي

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.