الإدارة الأميركية.. والملف اللبناني

  • تباين موقفي باريس وواشنطن من حكومة دياب.. «مرونة» فرنسية و«تشدد» أميركي
  • «فريق ترامب» بصدد سياسة جديدة عنوانها مكافحة الفساد حتى لو تطلبت إشهار فقدان الثقة بغالبية القوى والشخصيات النافذة في لبنان والتشهير بها
  • استياء في واشنطن حيال الموقف اللبناني من «صفقة القرن» يلامس حدّ «خيبة الأمل» لأنها لم تتوقع أن حلفاءها سيسيرون عكس توجهاتها


بعد نيل حكومة حسان دياب الثقة النيابية الأسبوع المقبل، تتجه الأنظار الى الخارج لرصد الموقف العربي والدولي من الحكومة، ومدى الاستعداد لدعمها سياسيا وماليا.

البعض مهتم بمعرفة أي وجهة سيسلكها دياب، وما هي الدولة التي سيزورها أولا، ولكن كثيرين مهتمون بمعرفة من هو المسؤول الدولي الأول الذي سيصل الى بيروت بعد «الثقة».

هل يكون فرنسيا أم أميركيا؟!… المعلومات ترجح أن يكون مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر الذي سيصل الى بيروت قبل نهاية الشهر الجاري، بالتزامن مع وصول السفيرة الأميركية الجديدة «دوروثي شيا»، وفي ظل المعطيات «الديبلوماسية» التالية:

1 ـ هناك نوع من التباين بين الموقفين الفرنسي والأميركي حيال الوضع في لبنان والموقف من الحكومة الجديدة.

فالفرنسيون مع إعطاء فرصة وفترة سماح للحكومة واختبار قدرتها على تحقيق الإصلاحات المطلوبة، ويظهرون ميلا الى التعاطي برفق ومرونة مع الوضع الدقيق في لبنان الذي لا يحتمل ضغوطا أكبر، والى تفهم التركيبة اللبنانية غير القادرة على تحمل التحديات الاقتصادية المالية.

ويبدي الفرنسيون قلقا فعليا من إمكان حدوث انهيارات مالية واقتصادية واجتماعية وأمنية، وحيث بات احتمال انفجار الوضع واردا في أي لحظة، وبالتالي فإن مساعدة لبنان على تمرير المرحلة تبدو ملحة ومطلوبة… أما الأميركيون، فإنهم لا يظهرون مثل هذه المرونة الفرنسية لناحية عدم وجود نية مسبقة لمحاربة حكومة دياب والتضييق عليها، وإنما يظهرون ميلا الى التعاطي بحزم وقساوة مع الملف اللبناني وإبقاء حكومة دياب تحت رقابة مشددة.

2 ـ هناك، داخل الإدارة الأميركية، تباين أو تفاوت بين وجهتي نظر: الأولى يتمسك بها بعض المسؤولين في وزارة الخارجية وأبرزهم ديفيد هيل مساعد وزير الخارجية، وتبدي تفهما لتعقيدات الوضع اللبناني وضرورة معالجته بشيء من المرونة مع المحافظة على الأهداف السياسية المطلوبة، أي من خلال تجزئة المراحل ومراعاة التركيبة اللبنانية الهشة بطبيعتها.

وقد لا يكون أصحاب وجهة النظر هذه بعيدين كثيرا عن وجهة النظر الفرنسية.

أما وجهة النظر الثانية، فيتمسك بها مسؤولون في إدارة ترامب الذين يسمون «رجال البيت الابيض»، وتبدو متشددة حيال عدم إهدار الفرصة الموجودة والذهاب الى الضغط أكثر على الداخل اللبناني وصولا الى الأهداف المطلوبة، وفي طليعتها إبعاد تأثير حزب الله عن السلطة اللبنانية.

ويدعو أصحاب وجهة النظر هذه مثلا الى قطع كل أنواع المساعدات الى لبنان باستثناء المساعدات العسكرية المقدمة للجيش اللبناني، والاندفاع اكثر في ملف العقوبات.

وهذا الفريق المتشدد موجود في البيت الأبيض، وهو الأقرب الى ترامب ويعكس توجهاته، ويعتبر ديفيد شينكر من عداده، ويعتبر أن نفوذ حزب الله موجود بقوة في الحكومة الحالية، وأن تأثيره لم يضعف رغم حصول الثورة الشعبية في لبنان.

3 ـ «فريق ترامب»، إذا صح التعبير، لديه توجه الى اتخاذ إجراءات عملية تدفع الحكومة اللبنانية الى الوقوف في وجه الطبقة السياسية الفاسدة، عبر عقوبات تستهدف بعض الجهات الفاعلة الأكثر فسادا من مختلف الأطياف والألوان السياسية والطائفية.

الإدارة الأميركية في صدد سياسة جديدة عنوانها مكافحة الفساد حتى لو تطلبت إشهار فقدان الثقة بغالبية القوى والشخصيات النافذة في لبنان والتشهير بها.

وهذا التوجه يترجم في مستقبل قريب بإصدار لائحة عقوبات جديدة تضم شخصيات من الوزن الثقيل ولا تكون حصرا من حزب الله أو حتى من فريق ٨ آذار، وبينهم رجال أعمال معروفون ومصرفيون وتجار عقارات وصفقات ممن تتهمهم واشنطن بتبييض الأموال.

وتستند العقوبات الجديدة هذه المرة الى القانون المعروف باسم «قانون مغنيتسكي» الذي صدر في ولاية الرئيس الاميركي السابق باراك أوباما، والذي فعله ترامب ليكون عالميا ويتجاوز المواطنين الأميركيين أو الموجودين على الأراضي الأميركية، وصار يسمح للحكومة الأميركية بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات في جميع أنحاء العالم من دون الإشارة الى الجنسية أو البلد.

4 ـ على هامش الموقف الأميركي من حكومة دياب، ثمة استياء في واشنطن حيال الموقف اللبناني من «صفقة القرن» وخطة السلام التي أعلنها ترامب للشرق الأوسط وجاء على ذكر لبنان فيها… الاستياء يلامس حد «خيبة الأمل»، ذلك أن واشنطن لم تتوقع أن حلفاءها في بيروت سيسيرون عكس توجهاتها فيما خص «صفقة القرن»، وكانت تأمل في أن تكون «الصفقة» بما تحمله من أرقام مالية كبيرة فرصة يجري تسويقها في لبنان كنوع من أنواع الحلول للاقتصاد المتهالك ودعوة لاستثمار الأموال في مجال كبح الانزلاق نحو الهاوية.

ولكن المواقف المتراصة محليا دفعت بالسفارة الاميركية إلى إبلاغ إدارتها بالمستجدات وبصعوبة تمرير «الصفقة» لبنانيا.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.