لماذا تزدهر شعبية ترامب في استطلاعات الرأي الأمريكي رغم توجيه تهم جنائية ضده؟

تجمع لأنصار ترامب في ولاية بنسلفانيا خلال شهر يوليو/ تموز.

Getty Images
تجمع لأنصار ترامب في ولاية بنسلفانيا خلال شهر يوليو/ تموز.

لم تؤثر المشاكل القانونية المتفاقمة التي يواجهها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على وضعه باعتباره المرشح الأوفر حظا لترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في عام 2024. في الواقع تلك التحديات القانونية عززت من موقف ومكانة الرجل. ويبقى السؤال الأهم لماذا؟

خلال الأشهر الأربعة الماضية، تم توجيه اتهامين إلى الرئيس السابق – مرة في نيويورك حيث وجهت إليه تهمة تزوير سجلات تجارية ومرة أخرى في محكمة فيدرالية، إذ قال ممثلو الادعاء إنه احتفظ بشكل غير قانوني بوثائق سرية في قصره الخاص في مارالاغو بعد أن ترك منصبه وعرقل جهود الحكومة لاستعادتها.

ومن المتوقع أن يواجه ترامب اتهاما ثالثا بشأن محاولته قلب نتائج انتخابات الرئاسة عام 2020، واتهاما رابعا بولاية جورجيا فيما إذا كان قد ضغط على مسؤولي الولاية لإلغاء نتائج الاستطلاع التي تشير إلى هزيمته في تلك الولاية قبل ثلاث سنوات.

وأثناء هذه التحديات القانونية استمرت حملة ترامب الانتخابية دون انقطاع، بل حتى أنها ازدادت نجاحا ونموا.

وفقا لمتوسط استطلاعات الرأي أجرته مؤسسة فايف ثيرتي إيت يوم الاثنين حصل ترامب على 53 في المئة، بينما حصل حاكم فلوريدا رون ديسانتيس على 16 في المئة، وبذلك يتقدم ترامب على أقرب منافسيه ديسانتيس بـ 37 نقطة.

وتشير الاستطلاعات أيضا إلى عدم حصول أي فرد من ضمن الـ 14 مرشحا على أكثر من 6 في المئة من تأييد الناخبين، حيث أكثر من نصفهم لم يحصل حتى على 1 في المئة.

وبالنظر إلى متوسط استطلاعات الرأي الصادر منتصف شهر فبراير/ شباط الماضي، فقد تقدم ترامب على منافسه ديسانتيس بواقع نقطتين فقط (41 في المئة إلى 39 في المئة) حينها. لكن الأرقام الحالية تبين أن نجم ديسانتيس بدأ يبهت بينما ظل دعم وتأييد ترامب قويا للغاية.

ومنذ الأسبوع الأول لشهر أبريل/ نيسان الماضي- عندما أصبح ترامب أول رئيس أمريكي سابق توجه له لائحة اتهامات جنائية – ازدادت قوة التأييد والدعم له.

ووفقا لمتوسط استطلاعات الرأي، فإن ترامب أصبح الخيار الأول لغالبية الناخبين الجمهوريين، منذ أول توقيف ومثول له أمام المحكمة.

معظم الناخبين الجمهوريين يعتقدون أن الاتهامات ضد ترامب ذات دوافع سياسية

وفقا لرئيس الشؤون الأمريكية العامة لدى شركة إبسوس، كليفورد يونغ، فإن الرابط بين دونالد ترامب وأنصاره – الذين تشكل نسبتهم نحو 40 في المئة إلى 45 في المئة من الناخبين الجمهوريين- سيكون من الصعب كسره.

يقول يونغ:” إن أنصار ترامب يرون العالم من خلال عينيه”. وتعتقد قاعدته الجماهيرية أنه تعرض للظلم وأن لوائح الاتهام تنطلي على دوافع سياسية.

بعد اتهام ترامب باحتفاظه بشكل غير قانوني بوثائق سرية، تحدثت بي بي سي مع مجموعة من الناخبيين الجمهوريين وسألتهم عن رأيهم بالرئيس السابق، فكانت الآراء والمشاعر حول الرئيس السابق متماثلة وداعمة له.

قال روم سولين من ولاية أريزونا والبالغ من العمر 61 عاما:” من الواضح أن هذه محاولة صارخة لإخراج ترامب من سباق الترشح للرئاسة، إنه يوم حزين لأمتنا؛ فهناك آخرون- بمن فيهم الرئيس بايدن- تم القبض عليهم وبحوزتهم وثائق سرية”.

حتى الجمهوريين مثل لوك جوردون، الذين لا يؤيدون عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، نظروا إلى لائحة الاتهام ببعض الشك.

وتقول إحدى المقيمات في مدينة نيويورك والبالغة من العمر 21 عاما:” لا أشك في شرعية المزاعم الواردة في لائحة الاتهام، ولا أدافع عن تصرفات ترامب. ومع ذلك، فإن الدافع وراء مقاضاته والتحقيق معه لا يزال يشكل مصدر قلق بالغ”.

يوضح استطلاع للرأي أجرته شبكة سي بي إس نيوز، شريك بي بي سي في الولايات المتحدة، بعض النقاط على النحو التالي:

  • يقول 76 في المئة من الناخبين الجمهوريين المحتملين إن لائحة الاتهام بشأن الوثائق السرية كانت “ذات دوافع سياسية”.
  • يعتقد 38 في المئة من هؤلاء الناخبين أن احتفاظ الرئيس السابق بوثائق نووية أو عسكرية بعد تركه لمنصبه يشكل خطرا على الأمن القومي. وبالنسبة لعامة الناس في الولايات المتحدة فإن 80 في المئة يشاركون نفس الاعتقاد.
  • يقول 61 في المئة من الناخبين الجمهوريين إن لوائح الاتهام ضد ترامب لم تغير نظرتهم إلى الرئيس السابق، بينما يقول 14 في المئة إنها جعلتهم يرون ترامب بشكل أكثر إيجابية.

يقول رئيس الشؤون الأمريكية العامة لدى شركة إبسوس كليفورد يونغ:” إننا نتعامل مع فئتين أمريكتين، فئة ترى أن سلوك ترامب خارج عن القانون، وأخرى ترى أنه بطلها وأنه يتعرض للهجوم بسبب ذلك”.

الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.

Getty Images

هل يمكن للمحاكمات والإدانات أن تؤثر على دعم ترامب؟

بالنظر إلى ديناميكية الأحداث السابقة، فهناك القليل من الأدلة على أن لائحة اتهام ثالثة أو حتى رابعة بحق ترامب، يمكن أن تغير بشكل ملموس مشهد السباق الرئاسي الجمهوري.

فعلى سبيل المثال، لم تلق الاتهامات حول محاولة ترامب قلب نتائج انتخابات الرئاسة عام 2020 أي صدى لدى الجمهوريين؛ ووفقا لاستطلاع أجرته شبكة سي إن إن في شهر مارس/ آذار، قال 84 في المئة من المشاركين في الاستطلاع إن جو بايدن لم يفز “بشكل شرعي” في انتخابات عام 2020.

وتعد هذه مشكلة خطيرة لخصوم ترامب من الجمهوريين، حيث تركوا لمواجهة ما يقرب من 60 في المئة من الناخبين الجمهوريين- الذين أخبروا منظمي استطلاعات الرأي أنه يمكن إقناعهم بدعم مرشح آخر أو لن يدعموا ترامب أبدا.

وكان معظم خصوم ترامب الجمهوريين مترددين في انتقاد الرئيس السابق بشأن التهم الجنائية، مدركين أن هذا التصرف قد يزعج قاعدته الجماهيرية، لكنهم كافحوا أيضا من أجل إثبات سبب اختيار الناخبين لهم بدلا من ذلك.

وإن لم تكن لوائح الاتهام ضد ترامب قد أثرت على البوصلة السياسية في البلاد، فإن السؤال الكبير والأهم هو ما إذا كانت المحاكمات والإدانات المحتملة يمكن أن تغير أخيرا في الانقسامات الحزبية الحادة بشأن الرأي العام الأمريكي حول ترامب.

وخلال النصف الأول من عام 2024، سيتعين على ترامب التعامل مع عدة أحداث، بينها متابعة حملته الانتخابية والمثول أمام المحكمة بعد اتهامه بحيازة وثائق سرية في قصره الخاص، وتلك المحاكمة قد تستمر أسابيع.

ويوم الجمعة، قال ترامب إنه لن ينهي حملته الرئاسية حتى لو أدين وحكم عليه، وهذا أمر مازال مجهول في السياسة الأمريكية.

يقول يونغ إن “المؤشرات الرئيسية” التي يجب متابعتها خلال المرحلة المقبلة هي مدى شعبية ترامب في استطلاعات الرأي و”قابليته للفوز”– وجهة النظر حول ما إذا كان بإمكانه العودة إلى البيت الأبيض وإجراء تغيرات ملحوظة.

وإذا كان الأمر كذلك وعاد ترامب، فقد ينذر ذلك بتآكل دعم الجماهير له بطريقة لم تفعلها سلسلة لوائح الاتهام، وكذلك جميع خلافاته الأخرى على مدار سنواته الثماني في المجال العام.

لكن في الوقت الحالي، تُظهر استطلاعات الرأي المبكرة أن ترامب على مسافة قريبة من الرئيس الحالي بايدن. وأظهر استطلاع للرأي أجرته مجلة إيكونوميست- يوغوف مؤخرا تقدم جو بايدن على ترامب بنسبة 44 في المئة مقابل 40 في المئة. كما أظهر استطلاع أجرته شركة مورنينغ كونسلت، تقدم الديمقراطي بايدن على الجمهوري ترامب بفارق نقطتين وبواقع 43 في المئة لبايدن مقابل 41 في المئة لترامب، وكلا النتيجتين تدخلان ضمن هامش الخطأ الإحصائي.

ويشير ذلك إلى أن خطوط المعركة الحزبية المألوفة بدأت تتضح معالمها، وأن انتخابات عام 2024، ستكون مثل سابقتيها اللتان شارك فيهما ترامب – حيث سيحدد الرئيس الجديد بفارق ضئيل.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.