تحذيرات من توسع العنف عبر الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل
أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، جان بيير لاكروا، عن قلقه العميق إزاء أعمال العنف عبر الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل.
وشدّد لاكروا، خلال زيارته للبنان والتي استغرقت 4 أيام وانتهت أمس الأول، وجوب التزام جميع الأطراف بالقرار 1701 ووقف إطلاق النار والتوصل إلى حل سياسي ودبلوماسي دائم، مؤكداً أن «هذه هي الطريقة الوحيدة لتحقيق سلام دائم».
وقال بيان صادر عن القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان «اليونيفل»، أمس، إن زيارة لاكروا كانت جزءاً من زيارة منتظمة لبعثات حفظ السلام في الشرق الأوسط، وقد جاءت في ظلّ التوتر الشديد على طول الخط الأزرق بين لبنان وإسرائيل.
والتقى لاكروا، خلال الزيارة كبار المسؤولين اللبنانيين، ومن بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، ورئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب، ووزير الدفاع موريس سليم، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون، ومدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري. وناقش لاكروا، خلال الزيارة، الدور المهم الذي تلعبه «اليونيفيل» في تهدئة التوتر على طول الخط الأزرق.
والتقى المسؤول الأممي، بحسب البيان، سفراء الدول المساهمة بقوات عسكرية في اليونيفيل، وسفراء الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، وكذلك التقى بأعضاء آخرين في السلك الدبلوماسي.
وأضاف البيان: «كانت رسالته الأساسية في تلك الاجتماعات هي الحاجة إلى تهدئة التوترات في المنطقة التي يمكن أن تكون لها آثار محتملة على السلام والاستقرار في لبنان». وقال لاكروا، في ختام جولته بلبنان: «إننا نشعر بقلق عميق إزاء أعمال العنف عبر الخط الأزرق والخطاب الذي شهدناه منذ الثامن من أكتوبر، والذي يشير إلى احتمال حدوث تصعيد أوسع نطاقاً، وهو ما يجب تجنبه بأي ثمن».
وأضاف: «نواصل حثَّ جميع الأطراف على وقف إطلاق النار؛ لأن كل يوم يستمر فيه هذا الوضع يزيد من خطر نشوب نزاع أكبر وأكثر تدميراً، ومنذ بدء تبادل إطلاق النار، أصيب أو قُتل عشرات المدنيين والصحفيين، وتعرضت مواقع اليونيفيل للقصف أكثر من 20 مرة، مما أدى إلى إصابة ثلاثة من جنود حفظ السلام».
وشدد خبراء ومحللون سياسيون، في تصريحات لـ«الاتحاد»، على دور قوات «اليونيفيل» في مساندة الجيش اللبناني بالانتشار في جنوب البلاد، وتقديم الدعم اللوجستي والتدريبي له، وحماية المدنيين من أي تهديدات.
وأوضح المحلل السياسي اللبناني، بشير عصمت، أن وجود القوات الدولية في جنوب البلاد، بمقدار ما تبدو قضية إقليمية أو خاصة بالأمن الدولي إنما هي قضية داخلية حولها نزاع بين الفرقاء اللبنانيين، حول وجود هذه القوات أصلاً وصلاحياتها، معتبراً أنه لا نقاش حول وجودها في الوقت الحاضر، فهو قرار دولي، وإن كان المجتمع الدولي في مراحل سابقة قد أشار إلى عدم الحاجة لهذه القوات.
واعتبر عصمت في تصريح لـ«الاتحاد» أنه «في كل الأحوال إن ما يقرر مستقبل القوات الدولية في لبنان هو ميزان القوى الذي قد تأخذه الدول الغربية بالاعتبار وسيكون ظاهراً للملأ، وفي الفترة الحالية في ظل التوترات الدولية والتصعيد في غزة».
من جانبه، أشار المحلل السياسي اللبناني محمد الرز إلى أن التطورات على الجبهة اللبنانية الإسرائيلية لا تزال محكومة بقواعد الاشتباك التي تم تثبيتها منذ العام 2006 حتى الآن رغم عدد من الخروقات، معتبراً أن بقاء قوات الطوارئ الدولية في الجنوب اللبناني بقرار أممي وبحرص أميركي وأوروبي بات يندرج تحت سقف المساعي الدولية لمنع توسع التصعيد في غزة نحو لبنان وفي إطار المشروع الأميركي بتثبيت القرار الدولي 1701.
ويرى الرز، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن الحرص على التجديد لقوات الطوارئ الدولية في لبنان يأتي تماشياً مع ما تتوصل إليه الجهود في هذا الاتجاه ويعكس استمرار تمسك الحكومة اللبنانية بالقرار الدولي رغم ما تتعرض له «اليونيفيل» من اعتداءات تطال مقراتها ومن صدام مع بعض القرى الجنوبية.
انتقادات
في السياق ذاته، كشفت أستاذ العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية، الدكتورة ليلى نقولا، عن أنه رغم الانتقادات التي توجه إلى قوات حفظ السلام الدولية بشكل عام، خاصة تلك العاملة تحت إطار الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، في عدم قدرتها على منع تفاقم النزاعات، فإن وجود «اليونيفيل» حاجة ومصلحة لبنانية أساسية، وبالطبع لا تستطيع القوات ضمن المهام المنوطة بها، أن تمنع تفاقم النزاع بين لبنان وإسرائيل، أو أن تضبط وجود السلاح، لكن وجودها يشكل مظلة ثقة دولية للبنان.
وأضافت الدكتورة ليلى، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن «اليونيفيل» تشكل عامل استقرار أمني واقتصادي واجتماعي للجنوب اللبناني، بصفتها مراقباً دولياً محايداً، يعمل في لبنان ضمن مهمة محددة بالتعاون مع الجيش اللبناني.
Comments are closed.