أحداث الطيونة تهدّد بشلل حكومي وبالمزيد من التدهور في لبنان

تُنذر أحداث الطيونة الدامية التي شهدها لبنان بشلل حكومي والمزيد من التدهور في البلد وسط تحذيرات من السقوط في المجهول.

وما كاد لبنان يتنفس الصعداء بتشكيل حكومة بعد 13 شهرا من التعثر، حتى تفجّرت أزمة جديدة تحمل طابعا سياسيا من جهة، وأمنيا من جهة أخرى، وهي أحداث الطيونة.

وبدأت الشرارة الأولى داخل مجلس الوزراء الثلاثاء بعد خلاف حول التحقيقات في قضية انفجار مرفأ بيروت، وسرعان ما تفجّر الوضع في الشارع، ووقعت مواجهة في شارع “الطيونة” بالعاصمة بيروت أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى.

والأزمة المستجدة تهدّد بتعطيل عمل الحكومة، وقد ظهرت ملامح ذلك الأربعاء، عندما تأجلت جلسة مجلس الوزراء إلى أجل غير مسمى؛ وفي اليوم التالي اهتز الأمن في الشارع ما عقّد المشهد أكثر.

والخلاف برز عندما طالب الوزراء المحسوبون على جماعتي “حزب الله” و”حركة أمل” (الشيعيتين) وتيار “المردة” (مسيحي) ببحث ملف التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت وتنحية المحقق العدلي القاضي طارق البيطار.

توفيق شومان: التشنج السياسي وأحداث الشارع سيؤديان إلى شلل مجلس الوزراء

وتقول تلك القوى إن التحقيقات التي يجريها البيطار “مسيّسة” وتطالب بكف يده، حيث صرح أمين عام “حزب الله” حسن نصرالله في أكثر من مرة، بأن تحقيقات البيطار مسيّسة ولا توصل إلى الحقيقة.

وتُرجم الاحتقان السياسي إلى تصعيد أمني خطير في الشارع، حيث وقعت الخميس اشتباكات مسلّحة في شارع الطيونة الواقع بين منطقتي الشياح ذات الأغلبية الشيعية، وعين الرمانة ـ بدارو ذات الأغلبية المسيحية، أسفرت عن مقتل 7 أشخاص وإصابة 32 آخرين.

واتهمت جماعتا “حزب الله” و”حركة أمل”، “مجموعات مسلحة” تابعة لحزب “القوات اللبنانية” (مسيحي)، بقتل وجرح مؤيدين لهما خلال تظاهرة منددة بقرارات البيطار، وهو ما نفته “القوات” ووصفت الاتهامات بـ”الباطلة”.

ويقول المحلل السياسي توفيق شومان، إن التشنج السياسي داخل الحكومة والأحداث الدامية في الشارع سيؤديان إلى شلل عمل مجلس الوزراء.

ويضيف أنه من غير المعروف ما إذا كان مجلس الوزراء سيعقد اجتماعه شبه الدوري الأسبوع المقبل، في ظل التشنج والاحتقان في البلاد.

ويزيد تعطل الحكومة من تردي الأوضاع في البلاد، بسبب تأخّرها في إنجاز ملفات أساسية عدة، حيث كان اللبنانيون يأملون في اتخاذ إجراءات سريعة لوقف الانهيار الاقتصادي والمعيشي.

ومن بين تلك الإجراءات “المُعلّقة” التي كان من المنتظر المباشرة بها فور تشكيل الحكومة، التفاوض مع صندوق النقد الدولي، وحل أزمة شح الوقود وانقطاع الكهرباء، وهبوط قيمة الليرة مقابل الدولار.

ويلفت شومان إلى أن المرحلة المقبلة لن تكون إيجابية في ظل استمرار الاحتقان، ما قد يفجر “الألغام السياسية” واحدا تلو الآخر، كما حصل مؤخرا في ملف التحقيقات في انفجار المرفأ وانعكاسه بالشارع.

ويصف التحقيقات في قضية المرفأ بـ”القنبلة الموقوتة” التي قد تنفجر في وجه الجميع إذا لم تسارع القوى السياسية إلى لملمة الموضوع، وإلا فستصبح البلاد ذات حكومة مُعلقة وليست معطلة فقط.

وتشكلت حكومة ميقاتي في العاشر من سبتمبر الماضي، بعد 13 شهرا من التعثر عقب استقالة حكومة حسان دياب بعد 6 أيام من انفجار الرابع من أغسطس 2020، الذي وقع في مرفأ بيروت وأدى إلى مصرع 217 شخصا وإصابة نحو 7 آلاف آخرين.

وكانت حكومة ميقاتي تعهدت في برنامج عملها بتقديم خطة إنقاذية لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي تعانيه البلاد منذ نحو عامين، إلا أن تلك الخطوات لم تبدأ فعليا بعد.

ومن جانبه، يقول النائب قاسم هاشم عضو “كتلة التنمية والتحرير” النيابية التي يترأسها رئيس البرلمان نبيه بري (زعيم حركة أمل)، إن ما حصل في الطيونة هو اعتداء على أمن الدولة، ويهدف إلى زعزعة الاستقرار وفتح باب للفتنة.

قاسم هاشم: ما حصل في الطيونة هو اعتداء على أمن الدولة

ويضيف أنه كان هناك تخطيط وتصميم لتنفيذ هذا الاعتداء على المتظاهرين وأخذ البلاد نحو الفوضى، من قبل بعض المرتبطين بأجندات خارجية (دون أن يسمي أحدا) بهدف استغلال الظروف السياسية وعدم الاستقرار في البلاد.

وحتى مساء السبت، أوقفت الأجهزة الأمنية 19 شخصا ممن ثبت تورطهم في الاشتباك المسلح الذي أسفر عن سقوط 7 قتلى والعشرات من الجرحى، فيما لا تزال التحقيقات مستمرة لكشف هوية جميع المتورطين بالأحداث، وفق ما أعلنت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية.

لكن هاشم يقول إن ما حصل ينبغي ألا يؤثر على عمل الحكومة، إنما يجب أن يكون دافعا لاتخاذ إجراءات سريعة وقرارات حاسمة حول كل الملفات التي أدت إلى التوتر السياسي، وعلى رأسها ملف التحقيقات في قضية المرفأ.

ويضيف أن “هذه الخطوات مطلوبة كي تُبقي الحكومة على انسجامها وتماسكها لتفادي البلاد المزيد من الأزمات التي نحن في غنى عنها، في ظل الانهيار الاقتصادي والمعيشي”.

والسبت، قال ميقاتي إن “الحكومة حريصة على عدم التدخل في أي ملف يخص القضاء”، في إشارة إلى عدم نية الحكومة بحث ملف التحقيقات في انفجار المرفأ أو كفّ يد البيطار عنها.

وجاء كلام ميقاتي عقب اجتماعه مع وزير العدل هنري خوري، ورئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود، والنائب العام التمييزي غسان عويدات، وفق بيان لمكتبه الإعلامي.

وفي الثاني من يوليو الماضي، ادعى البيطار على 10 مسؤولين وضباط، بينهم نائبان من “أمل” هما علي حسن خليل وغازي زعيتر، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب، في قضية انفجار المرفأ.

إلا أن خليل وزعيتر تقدما أمام محكمة التمييز بطلب لعزل البيطار، متهمين إياه بأنه “خالف الأصول الدستورية، وتخطى صلاحيات مجلس النواب والمجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء”.

ومن جانبه، يعتبر النائب عن الحزب “التقدمي الاشتراكي” بلال عبدالله، أن ما جرى في بيروت حدث أمني خطير ويشكل صفحة سوداء، لكن يجب تخطي ذلك ومعالجته عبر القضاء والأجهزة الأمنية.

لكن عبدالله يرى أن ذلك يجب ألا يؤثر على عمل الحكومة وأهدافها في معالجة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية بشكل سريع وطارئ.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.