أوساط إسلامية تلاحظ تجاهل عون لنصيحة المفتي.. وبري يتساءل: «لمصلحة من تسليم أقدار اللبنانيين إلى عصابات السوق السوداء؟»

رئيس مجلس النواب نبيه بري بعد إلقاء كلمته بمناسبة الذكرى 43 لتغييب الإمام موسى الصدر(محمود الطويل)

تأليف الحكومة معلق، والاتصالات مستمرة، انما عن بعد، فعلى المستوى الداخلي يتولى «وسيط الجمهورية» المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم مهمة تقريب مسافات التباعد بين رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، أما على صعيد الخارج، فلا زال الفرنسيون في طليعة الضاغطين على الرئيس المكلف، كي لا يشهر سيف الاعتذار، انما من دون ان يرشقوا الطرف الآخر، حتى بوردة.

وقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري «إلى تنحية كل الخلافات وتشكيل حكومة خلال هذا الأسبوع». وقال في كلمة له بمناسبة الذكرى 43 لتغييب الإمام موسى الصدر مؤسس حركة أمل ورفيقيه «لا زلنا علنا وفي الخفاء نقدم المبادرات التي لا تهدف إلى التصويب على أحد والتاريخ يشهد على التضحيات التي قدمتها ولن نكون شهود زور بعد الآن»، وحذر من «محاولة موصوفة لاختطاف لبنان وإسقاطه من الداخل».

وتطرق بري إلى التحقيقات حول انفجار مرفأ بيروت، وقال «مجلس النواب ليس «مجلس نيترات» ولا يجوز التجني والمطلوب من المحقق العدلي تطبيق القانون لا أن يقفز فوقه» وتوجه الى قاضي التحقيق طارق بيطار قائلا: «اسمع صوت الحقيقة لا صوت من يهمس لك»، وأضاف: «للمجلس صلاحيات وانت تعلم ذلك. اسمع صوت الحقيقة من دون استنسابية وإن لم تقم بذلك فويل لقاضي الأرض من قاضي السماء».

وتابع: «أصدرنا كل التشريعات التي تضمن للشهداء حقوقهم والقوانين المتصلة بإعادة الإعمار وأكدنا ألا حصانة فوق أحد من رأس الهرم ونزولا وأن الحصانة فقط للشهداء وللعدالة وسنتعاون مع القضاء إلى أقصى الحدود». وأضاف: «في قضية المرفأ لن أزيد عما قلته في السابق كرئيس للحركة أو رئيس للمجلس وقد استقبلت لجنة شهداء المرفأ لـ 3 مرات على الأقل وهذا واجبنا كما أكدنا لهم أن الحصانات هي فقط للشهداء وجل ما طالبنا به هو تطبيق القانون».

وحول الجدل المثار بخصوص ناقلات النفط الايرانية قال بري «لسنا محرجين على الإطلاق بالقبول بأي مؤازرة تقدم للشعب اللبناني لمساعدته في الظروف القاسية وخصوصا من إيران أو مصر أو سورية أو اي دولة عربية فكل دعم مرحب به»

وتابع: «لمصلحة من التهديد بالاستقالات من مجلس النواب؟ ولمصلحة من تعطيل آخر مؤسسة منتجة على المستوى التشريعي؟».

وتساءل ايضاً «لمصلحة من تسليم أقدار اللبنانيين إلى عصابات السوق السوداء؟ أية سياسة هذه التي أنهت نفسها بنفسها وأنهت السلطة التنفيذية والقضائية ولم تجر الانتخابات الفرعية لمجلس النواب؟». وقال «إن الوطن يحتضر لكن العملية الجراحية ممكنة من خلال دولة مدنية ومجلس شيوخ وانتخابات نيابية وقضاء مستقل وتوحيد الضرائب».

في غضون ذلك، تبقى إرادة التعطيل لدى الفريق الرئاسي، هي الغالبة بدوافعها الذاتية، المتصلة بأمل العودة بالنظام البرلماني اللبناني، إلى مرحلة ما قبل دستور الطائف.. أو بالتناغم الإرادي او اللارادي، مع المعطيات الدولية العاملة على إعادة النظر بخرائط الشرق الأوسط. ومن هنا كان انتقال الرئيس المكلف من الزيارة اليومية الى القصر الجمهوري، الى ربط الزيارة بتوقيع مراسيم الحكومة، او التمهيد لها.

اللواء عباس إبراهيم ناشط بقوة على خط بعبدا – بلاتينيوم (مقر الرئيس ميقاتي) بتغطية من الثنائي الشيعي وبموافقة رئاسة الجمهورية، وهو يأمل بإعادة التفاهم على وزراء الخارجية والداخلية والعدل والشؤون الاجتماعية والاقتصاد، بالإضافة الى نيابة رئاسة الحكومة.

وفي معلومات المصادر المتابعة، فإن منصب وزير الخارجية يتجه الى سفير لبنان السابق في فرنسا بطرس عساكر، بعد سقوط ورقة السفير السابق في واشنطن عبدالله ابو حبيب، لدى الفريق الرئاسي بسبب ابتعاده عن أجواء الرئيس عون والتيار الحر منذ فترة، وبالتالي عدم الاطمئنان الى التزامه بالتوجهات، وخروج السفير السابق في واشنطن غابي عيسى من السباق، بعدما لوح البعض بإشهار صورته مع عامر فاخوري الراحل المتهم بالعمالة لإسرائيل، داخل السفارة اللبنانية في واشنطن.

أما وزارة الداخلية فقد تحفظ الفريق الرئاسي على اسم اللواء مروان زين، المدير العام السابق للأمن الداخلي والسفير السابق في الرياض، تبعا لاحتسابه على تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري، فيما هو متحرر من أي التحاق سياسي او حزبي كما يؤكد الوزير السابق رشيد درباس لقناة «ال بي سي». وطرح اسم اللواء ابراهيم بصبوص المشهود له بالاستقامة والنزاهة، لكن هذا المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي اعتذر عن القبول، والاسم المطروح الآن، هو للقاضي نبيل وهبي، المدعي العام لمحافظة الشمال.

لكن معضلات التأليف اكثر اتساعا من وزارتي الخارجية والداخلية، فهناك عدم تفاهم على وزارات الطاقة والشؤون الاجتماعية والإعلام وحتى على نيابة رئاسة الحكومة. وأكثر من ذلك الخلاف يتخطى الأسماء والحقائب، وحق رئيس الجمهورية بتسمية وزراء والثلث المعطل، الى مسألة التعيينات في المراكز العليا في الدولة، حيث بمعزل عن بيانات النفي والإنكار، بات واضحا ان المطلوب إزاحة قيادات عسكرية وأمنية ومالية قائمة، واستبدالها بآخرين أكثر طواعية للفريق الرئاسي الذي يعمل الآن لمرحلة ما بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، والتي يمكن ان تجر الى بقائه في القصر الجمهوري، كما حصل عام 1989. وفي غضون ذلك، لاحظت أوساط إسلامية متابعة لـ «الأنباء» ان نصيحة مفتي لبنان الشيخ عبداللطيف دريان في خطبة الجمعة لرئيس الجمهورية العماد عون «بإنقاذ ما تبقى من عهده وإلا فنحن ذاهبون إلى الأسوأ وإلى أبعد من جهنم إلى قعر جهنم»، ولم تعلق عليها رئاسة الجمهورية ولا أي من الوزراء والنواب والقيادات في التيار الوطني الحر حتى الآن، بل تم تجاهلها. ولفتت الأوساط الى محافظة دار الفتوى والمفتي دريان على شعرة معاوية مع الرئيس عون، بالنصيحة لا بالتهجم على شخصه أو مقاطعته، وقد تشهد الأيام المقبلة تطورات في تحديد العلاقة بين رئيس الجمهورية والمفتي على ضوء المعطيات التي ترافق تشكيل الحكومة ووقف الانهيار الحاصل.

الانباء – عمر حبنجر – منصور شعبان – احمد عز الدين

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.