لبنان.. شوارع مفتوحة على الغضب

EPA/NABIL MOUNZER

لم يقترب لبنان مرّة من خطر الفوضى الشاملة، كما بدا مقترباً في الساعات الأخيرة، وكما يُخشى أن يقترب في الأيام المقبلة. لا صوت يعلو على صوت الدولار، ولا حديث يعلو على حديث البنزين. وفي المقلب الآخر من الصورة فوضى عارمة، وسلطة متّهمة من أوساط شعبية بقطع أرزاق الناس بتعنّتها السياسي الخانق، فيما يتسارع العدّ العكسي نحو بلوغ لحظة انفجار اجتماعي كبير. أمّا المواطن، فيبدو كمن يعيش على فوهة بركان، يوشك أن ينفجر في أيّ لحظة ويلفظ حممه في الأرجاء لتأكل الأخضر واليابس ممّا تبقّى من هذا البلد.

ومن بوّابة لبنان المقطّع الأوصال، حيث تنتشر الإطارات المحترقة على طرقاته، ويظلّل فضاءه ‏وسماءه دخان أسود قاتم، وتحتشد مجموعات المحتجّين على كلّ الطرق، فإنّ المشهد يشكّل النذير المتقدّم لاستعادة انتفاضة، ربّما تكون هذه المرّة أخطر الانتفاضات ‏لأنّها صنيعة الجوع والفقر. وسواء شكّلت هذه التطوّرات نذير انتفاضة اجتماعيّة عارمة جديدة، أو ‏نسخة متجدّدة للانتفاضة السابقة، فإنّ الانطباعات السائدة تشير إلى معطيات ‏بالغة الخطورة، تنذر فعلاً بانفجار اجتماعي غير مسبوق.

انهيار.. وجوع

وما بين حكومة تصريف أعمال مصرّة على أن تمارس صلاحياتها بأقلّ من الحدّ الأدنى، وحكومة منتظَرة لا أحد يأتي على سيرتها، كأنّها صارت حلماً مستحيلاً أو أمراً لن يتحقّق، فقد «انهارت الجمهوريّة وجاع البشر»، وفق تعبير سيّدة خمسينيّة لـ«البيان»، على هامش مشاركتها في تظاهرة احتجاجيّة أمس، مرفقةً تعبيرها بالقول: «أهل المنظومة تنكّروا للبنان، وحوّله قسم منهم إلى مربّع يصدّر الأمن ويستورد اللاأمن، وقسم آخر حوّله إلى كونتوار للسمسرات والتهريب ، ومطمئنةً في الوقت عينه من يعنيهم الأمر بأنّ «لبنان في عيون أبنائه نابض بالحياة، وما يمرّ هو غيمة سوداء لا بدّ سترحل مهما كبرت ظلالها وطال مكوثها في سمائه».

معركة مستمرة

«المعركة اليوم لم تعد تحتمل الدخلاء»، يقول الطالب الجامعي سامر (23 عاماً) لـ«البيان». وهذه «المعركة المستمرّة حتى آخر نفَس»، بحسب تعبيره، يقودها مواطنون لبنانيّون من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، جمعتهم المأساة تحت لوائها، متجاوزةً حدود المناطق والطوائف ، التي لطالما باعدت بين اللبنانيّين، فيما تفاخر سحر (31 عاماً) بتأييدها من أسمتهم «بعض الغاضبين»، ممّن يصادرون صهريج مازوت أو يسطون على برّادات وشاحنات، لتوزيع محتوياتها على الفقراء

وما بين فصول «المعركة» المحتدمة ووعود «الغاضبين» المنتظرة، فإنّ التطوّرات والمعطيات والوقائع المتلاحقة باتت كافية لرسْم الصورة الأكثر إثارة للقلق والخشية من انفلات زمام الأمن الاجتماعي في لبنان.

البيان – وفاء عوّاد

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.