رئيسة جامعة «الحكمة» لارا كرم البستاني: لا نزال نضمد جروحنا ونفرح بكل واجهة زجاج استطعنا تغييرها

رئيسة جامعة الحكمة د.لارا كرم البستاني

تناط بالجامعات عموما مجموعة من الوظائف ابرزها التعليم والبحث العلمي وانتاج المعرفة ورفد سوق العمل بطاقات متمكنة. في لبنان، ومع تعدد الازمات وتفاقمها وعدم توفيرها لقطاع التعليم، تبرز الحاجة الى اعادة النظر في استراتيجيات الجامعات واولوياتها وخططها.

«الأنباء» التقت رئيسة جامعة «الحكمة» د.لارا كرم البستاني التي تسلمت قيادة الجامعة خلفا للأب خليل شلفون وهي اول امرأة تتولى رئاسة جامعة كاثوليكية في لبنان، مع العلم انها تسلمت منصبها في اليوم التالي لانفجار بيروت قبل ثمانية اشهر، في عز احتدام الأزمات في لبنان.

أنت أول امرأة تترأس جامعة كاثوليكية في لبنان، ما التحديات التي تواجهينها في مهمتك؟

٭ لا يكمن التحدي في كوني امرأة بقدر كوني أول شخص علماني يترأس جامعة كاثوليكية في لبنان. ما يهمني في هذا الاطار هو ضمان الانتقال من نظام إدارة إلى آخر بأفضل الطرق. ومن المهم أيضا ألا ننسى أن هذه مهمة نبيلة بكل ما للكلمة من معنى، لاسيما في بلد يعاني ما يعانيه لبنان. وبالتالي فإن التحديات مزدوجة، تلك التي تلازم كل تغيير وتلك التي تقوض الزخم. فإذا كان التغيير يحمل الأمل، فهو أيضا مسؤولية كبيرة يجب تحملها بفطنة وبكثير من التواضع لأن كل قرار سيراقب، وكل موقف سيكون موضع تقييم. أضف الى ذلك الوضع الصحي المترتب عن الوباء، الأزمة المالية بل الوجودية، انفجار مرفأ بيروت، الفقر الذي ينخر لبنان، انحلال الدولة، الشباب الذين يفرون من البلاد، أفضل الأساتذة الذين يحزمون حقائبهم، كل هذه عوامل تضر بأي تطوير، الجامعات الخاصة كانت قد اطلقت صرخات في هذا الصدد. لبنان يفرغ ويقوضه الفساد وفشل الطبقة السياسية، يجب ألا ندير ظهورنا لقطاع التعليم الذي يشكل العمود الفقري للبنان، ومن الضروري ان نخرج من دوامة القلق والعبور إلى البناء وتفعيل القدرة على المواجهة. إن الشباب في جامعاتنا مدعوون لبناء لبنان الجديد، لذلك فإن التحدي الرئيسي هو الحفاظ عليهم وإعطاؤهم الأمل.

ما الصفات الضرورية للنجاح في إدارة الجامعة؟

٭ لا توجد وصفة معصومة من الخطأ حتى لو بدت بعض المكونات ضرورية بالنسبة إلى الكثير من المرونة، جرعة من الفطنة ودقة الملاحظة، وفي أوقات الأزمات، تثبيت القدمين على الأرض واستشعار الضيق الذي يشعر به الناس من حولنا وان لم يعبروا عنه.

ما الأهداف التي حددتيها لهذه السنة في هذه الظروف غير المسبوقة؟

٭ بالفعل هي ظروف غير مسبوقة. الهدف الأول هو ضمان جودة التعليم على الرغم من الوباء. الهدف الثاني هو طمأنة طلابنا وأولياء أمورهم من خلال التأكيد على أن جامعة الحكمة ستقف دائما إلى جانبهم. والثالث ضمان مستقبل الجامعة والتعليم العالي في لبنان.

«التعلم عن بُعد».. هل نجحت جامعة الحكمة في التحول إلى النظام الرقمي لضمان استمرارية التعليم؟

٭ لم يقتصر التحول الرقمي على الدروس. كان لابد من ادخال الطابع الافتراضي على الجامعة بأكملها تقريبا. وقد بذل أعضاء هيئة التدريس والإدارة والطلاب الكثير من الجهد ولا يسعني إلا أن أحييهم وأشكرهم. ومع ذلك، وبغض النظر عن حقيقة أننا نأمل العودة إلى الحياة الجامعية وجها لوجه، يجب استنباط الدروس من هذه التجربة: لن تشبه الجامعة بعد «كوفيد ـ 19» ما كانت عليه قبله. مطلوب منا التفكير العميق في أساليب التعليم الجامعي والأدوات المستخدمة.

كيف تنظرين الى الفرانكوفونية الجامعية التي تعمل من اجلها الوكالة الجامعية للفرانكوفونية في الشرق الاوسط، علما ان جامعة الحكمة عضو فاعل فيها؟

٭ الفرانكوفونية الجامعية هي مجال للحرية وناقلة للمساواة. الثقافة التي تروج لها هي ثقافة حقوق الإنسان والديموقراطية وكرامة الإنسان واحترام الآخرين. الوكالة الجامعية للفرانكوفونية مدعوة للعب دور رائد في المشهد الجامعي الناطق بالفرنسية في لبنان، تعزيز التعاون بين الجامعات، وبين الجامعة وسوق العمل، ومواصلة تعزيز جودة التدريس والبحث العلمي، مع توجيه الجامعات نحو احتياجات سوق العمل المحلي.. بعبارة أخرى، الوكالة الجامعية للفرانكوفونية هي بالنسبة الى الجامعات ما تعنيه الفرانكوفونية بالنسبة الى الثقافة، وسيلة انفتاح.

الى اي مدى تتحلين بالمرونة، هل تعتقدين أن المرونة صفة أم عيب؟

٭ لدي مرونة مضاعفة! كامرأة أولا وكلبنانية ثانيا. أنا مقتنعة بأن النساء والرجال يجب ألا يستسلموا أبدا وأن يستمروا في المطالبة بالحرية وحقوق الإنسان. إنه صراع يومي. يجب ألا نعيش في حالة إنكار لما يحيط بنا ولا نسمح للمصائب بإحباطنا. توليت منصبي في الخامس من أغسطس، في اليوم التالي لانفجار مرفأ بيروت. لم أزر حرم الأشرفية، مشيت في ساحة معركة، على حطام الزجاج، رأيت الأبواب مخلعة وشاهدت أحلاما مهدمة. اليوم، وبعد أشهر على الكارثة، لا نزال نضمد جروحنا ونفرح بكل واجهة زجاج استطعنا تغييرها وكل باب تم ترميمه وكل طالب جديد نستقبله، لأن هذه هي مهمتنا وسنستكمل بناء الاحلام.

رسالة أخيرة للطلاب؟

٭ ثقوا بأنفسكم، وتجرأوا على الحلم، واعملوا على تحقيق أحلامكم. لا تفقدوا عزيمتكم وتذكروا أنه لا يوجد سقف زجاجي باستثناء السقف الذي تبنونه بأنفسكم.

الانباء ـ جويل رياشي

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.