وسط «حصاره» من قبل المحتجين.. «النواب» أقرّ قرض البنك الدولي وأحال سلفة الكهرباء «ومليون الجيش» إلى اللجان

اعتصامات في محيط قصر الأونيسكو بالتزامن مع انعقاد جلسة مجلس النواب (محمود الطويل)

العتمة الكالحة بشر بها وزير الطاقة ريمون غجر من القصر الجمهوري في بعبدا ما لم تحصل وزارته، المسؤولة عن 60% من «النهب العام»، على سلفة بحوالي مليار دولار لشراء المحروقات، والأمن الفالت توقعه وزير الداخلية محمد فهمي قريبا، وصولا الى الانهيار الذي تحدث عنه وزير الخارجية الفرنسية جان آيف لوبريان، في معرض تأنيبه لمتقاسمي السلطة في بيروت.

في الجلسة التشريعية التي عقدها مجلس النواب عصر أمس، وسط حصار جماهيري حده الأسلاك الشائكة وشرطة مكافحة الشغب، طار مشروع اقتراح سلفة الـ1500 مليار ليرة لبنانية (مليار دولار بحسب السعر الرسمي) من مدرج رئاسة المجلس، ليحط عند اللجان النيابية، ومثله أيضا اقتراح دعم العسكريين والأمنيين بمليون ليرة شهريا لكل منهم، وعلى مدى ستة اشهر فقط، الذي طرحه وزير المال السابق علي حسن خليل، المعاون السياسي والمالي لرئيس مجلس النواب نبيه بري، والمتصرف الفعلي بأعمال وزارة المال، ممررا معهم شرطة مجلس النواب، كجائزة ترضية او رشوة، بمفعول مسبق، ضد من تسول له نفسه النزول الى الشارع!

وما أفضى إلى إحالة هذا الموضوع الى اللجان الانقسام النيابي الذي لاح حوله، فمقابل النواب الذي يدعمون حق العسكر بالدعم المالي هناك نواب يطرحون من باب المساواة، ضم جميع موظفي الدولة إلى لائحة مستحقي هذا الدعم، الذي صنفه البعض في خانة دعم الرئيس نبيه بري للعماد جوزف عون، بوجه «الفريق الرئاسي المستشرس، حماية للإرث الرئاسي الموعود».

لكن قيادة الجيش لم تبلغ أي شيء رسمي يتعلق باقتراح النائب خليل، ولم يطرح أحد معها ولا مع القائد، الموضوع، وبالتالي فإن المؤسسة العسكرية اعتبرت نفسها غير معنية باقتراح لم يخرج من مقرها في اليرزة، كما ان العماد جوزف عون لم يقدم أي تصور حل للسلطة السياسية بعد كلمته الشهيرة يوم الإثنين، لأسباب عدة، ومنها أن كل مراجعاته السابقة ذهبت أدراج الرياح.

القيادة العسكرية نفت أي ربط بين إعطاء العسكريين حقهم الطبيعي، وبين قمع المواطنين. وكل كلام عن ان منح العسكري حقه سيدفعه إلى قمع الشعب تنفيذا لأوامر السلطة لا أساس له ولا مكان في مفهوم القيادة. وكل كلام عن استعمال الجيش كأداة قمعية هو في غير مكانه، سواء أضافوا الى راتب العسكري مليونا او عشرة ملايين. العميد المتقاعد جورج نادر وصف هذا الدعم للجيش بالفخ.

وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي أشار بدوره الى تلاشي الوضع الأمني، الذي وصفه بالميؤوس منه، جرائم النشل تضاعفت 150%، السرقات تضاعفت، الناس بدأت تجوع، ونحن من هؤلاء الناس، 70% من آليات قوى الأمن معطلة، الى متى تستطيع قوى الأمن التحمل؟ الحل الوحيد تشكيل الحكومة.

مشروع السلفة المالية لكهرباء لبنان، الذي تقدم به نواب التيار الحر، والذي وعد وزراؤه المتعاقبون على الطاقة منذ 12 سنة بكهرباء 24 على 24، أخذ طريقه الى اللجان أيضا، على الرغم من تهديد نواب التيار بمقاطعة الجلسة التشريعية، وتهويل وزيرهم ريمون غجر، من القصر الجمهوري بعتمة 24 على 24 في حال عدم إقرار سلفة المليار دولار، هذا الابتزاز المكشوف للدولة وللناس لا سابقة له ولا حدود هو تعبير عن الإفلاس السياسي بظواهر مالية.

من هنا كانت دعوة النائب وائل أبو فاعور الى تحرير وزارة الطاقة من «احتلال» التيار الحر.

الجلسة التشريعية التي انعقدت عصر امس أقرت قرض الـ240 مليون دولار من البنك الدولي المخصص لبرنامج دعم الأسر الأكثر فقرا.

أما عن تشكيل الحكومة التي يفترض أنها أولوية الأولويات فلايزال أسير الصراعات التحاصصية، رغم الإنذار الدولي الذي وجهته مجموعة الدعم الدولية بلهجة فرنسية عالية النبرة على لسان وزير الخارجية جان إيف لودريان، متهما المسؤولين اللبنانيين بالتقاعس ومحذرا من الانهيار على مسمع وزراء خارجية المانيا ومصر والأردن. ورغم دقة الصورة التي رسمها لودريان للأوضاع اللبنانية، فإن ثمة ما أخفاه رئيس الديبلوماسية الفرنسية، بحسب الناشط نوفل ضو، وهو مسؤولية فرنسا والغرب عن تغطية الخطر المتمثل في احتلال إيران للبنان.

ولوحظ أن لودريان أكد على حكومة «لا تقصي حدا، وهذا ما فسره البعض بتقصده التيار الحر، بينما هو يشمل في الواقع حزب الله أيضا، الذي تتحفظ أطراف أخرى على مشاركته».

رئيس مجلس النواب نبيه بري عاود الدخول مباشرة على الملف الحكومي، استنادا الى لقاء الثلاثاء الماضي بين الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب علي حسن خليل، ومن باب رفع عدد الوزراء الى 20، من دون ثلت معطل، على ان يتم اختيار الوزير الدرزي الثاني بالتوافق مع رئيس التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب طلال ارسلان، وان تكون وزارة الداخلية من حصة الحريري والعدل من حصة رئيس الجمهورية.

على ان الرهان على الحراك الخارجي في النهاية والذي انطلق من باريس مطلع هذا الأسبوع بلقاء وزراء خارجية الدول الداعمة ليصل الاثنين الى موسكو التي استدعت اليها حزب الله بشخص رئيس كتلة الوفاء للمقاومة في مجلس النواب، التي تضم نواب الحزب، النائب محمد رعد.

الرئيس المكلف سعد الحريري استقبل أمس سفيرة الولايات المتحدة الأميركية دوري شيا بحضور مستشاره د.غطاس خوري، وعرض معها التطورات، في وقت كان رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة يزور البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، مجددا الوقوف إلى جانب مبادرته التحييدية للبنان، وداعيا اللبنانيين الى احتضان هذه المبادرة.

وسط هذه الفوضى السياسية العارمة سجل دولار بيروت سعر 10900 للمبيع و10950 ليرة للشراء، في حين حصدت جائحة كورونا 50 وفاة و3018 اصابة.

الانباء ـ عمر حبنجر

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.
مواضيع تهمك

Comments are closed.