الراعي للمسؤولين: لا يمكنكم الاستمرار بامتهان هدم البلاد وإفقار الشعب رغم نداءات العالم للقيام بواجباتكم
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، قداس أحد تذكار الموتى المؤمنين في المعهد الحبري البطريركي الماروني في روما، عاونه فيه المعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي المطران رفيق الورشا، رئيس اساقفة طرابلس المارونية المطران يوسف سويف، ومشاركة عدد من المطارنة والكهنة ووكلاء الرهبانيات المارونية في روما، بحضور عدد من الفاعليات السياسية والديبلوماسية والدينية وأبناء الجالية.
بعد الانجيل المقدس، ألقى البطريرك الراعي عظة بعنوان “عندهم موسى والأنبياء فليسمعوا لهم” قال فيها: “إن ليتورجيتنا المارونية تستذكر في هذا الاحد، وخلال هذا الاسبوع، موتانا المؤمنين بالرب، وخلال هذا الاسبوع نحن نصلي لعموم الموتى ولموتانا بشكل خاص، واستذكر معكم بشكل خاص والدة المطران رفيق الورشا، اخانا في الاسقفية والمعتمد البطريركي لدى الكرسي الرسولي ورئيس المعهد الحبري البطريركي الماروني في روما، وقد ودعنا معه الوالدة العزيزة المرحومة نينات منذ ما يقارب الشهر في لبنان، كما ونستذكر معكم الصديق القديم الذي تعرفونه جميعا وقد ربطتني به صداقة مميزة مع عائلته ايضا فعملنا معا فترة طويلة في راديو الفاتيكان هو المرحوم جميل غبريل الذي نحتفل بمرور سنة على وفاته. يسرني أن أحتفل معكم بهذه الذبيحة الالهية بحضوركم جميعا، وأخص بالترحاب سيادة اخينا المطران يوسف سويف رئيس اساقفة طرابلس وكما وسيادة أخينا المطران يوحنا رفيق الورشا ووكلاء الرهبانيات المارونية المعتمدة لدى الكرسي الرسولي، والاباء الأحباء وكل الحاضرين معنا الذين افرح بلقائهم كلما زرنا روما”.
أضاف: “تدعونا كلمة الله في هذا الأحد المبارك الى جمع الايمان بالمحبة، ونعني بذلك ترجمة المحبة والايمان خدمة للمحتاجين والمعوزين، ان المعضلة الأساسية في انجيل الغني والفقير ليست موضوع الغنى بحد ذاته، لان بامكانه ان يكون نعمة حين ندرك كيف نوظفه في خدمة الانسان وصون كرامة الشخص البشري، المشكلة الاساسية. إن هذا الغني الذي يخبر عنه انجيل اليوم قد قسى قلبه وأغلق يده وبابه بوجه اخوته البشر المحتاجين، والأهم ان فقير إنجيل اليوم هو صورة حية لعدد كبير من ابنائنا المعوزين في ظل كل هذه الظروف الراهنة، لعازر الفقير يمثل المحتاج للطعام للمأوى للراحة للدواء للسلام ولكثير من الحاجات المادية والجسدية والمعنوية والروحية، كل محتاج يطلب قلبا مفتوحا ويدا معطاء، كلنا لعازر نحتاج بفقرنا أحيانا الروحي أكثر من المادي للعودة الى رحمة الله والتعاطي مع بعضنا البعض بمحبة وإيمان، وحدهم المؤمنون يستطيعون أن يحبوا بعضهم البعض ويخدموا بعضهم البعض على غرار السيد المسيح. يقول مار يوحنا الصليبي: (في خاتمة العمر سوف ندان على الايمان المترجم اعمال محبة ورحمة”، ان جواب إبراهيم للغني بعد طلب هذا الاخير ان يرسل لعازر الى إخوته وأهله فيخبرونهم عن عذاب النار، كان جوابا صارما: (لديهم موسى والانبياء).
فالانبياء يمثلون كلمة الله وهي بين أيدينا نصغي اليها ونسمعها، وإن عملنا بها نلنا النصيب الأفضل، نصيب لعازر الفقير. هذه الكلمة التي تحيينا من خلال الكنيسة، من خلال قداسنا والصلوات هي الدليل الحق لعيش الإيمان وترجمته أعمال حب وخدمة، نحن نصلي معكم اليوم كي نعود بذواتنا وضمائرنا إلى نواة إيماننا ومحبتنا”.
وتابع الراعي: “أسمح لنفسي ان أوجه نداء من هنا، من روما الى المسؤولين في لبنان بضوء انجيل اليوم، انجيل الايمان والمحبة، لاقول: لا يمكننا ان نستمر في لبنان على النحو الذي نسير فيه. لا يمكنكم انتم المؤتمنون على مقدرات البلاد، على المال العام، على المرافىء والمرافق، على العلاقات مع الدول، على القيمة الوطنية الموجودة من أجل خدمة شعبنا، ان تستمروا بتبديدها وتعطيلها وبانهيار البلاد وتهجير الشعب اللبناني من أرضه. لا يمكنكم الاستمرار بامتهان هدم البلاد وافقار الشعب بالرغم من كل النداءات من العالم كله، وكأنه يبقى ان يقبلوا أياديهم للقيام بواجبهم وعلى رأسهم قداسة البابا فرنسيس الذي لا يترك مناسبة إلا ويوجه نداء لهم. أنا معكم من روما أجدد النداء لهم والصلاة من اجلهم، وبخاصة من أجل المسؤولين الذين يخافون الله، أصحاب النوايا الصالحة كي يلهمهم الله الى السبل الفضلى للنهوض بالبلاد من انهيارها السياسي والاقتصادي والمالي والمعيشي والاجتماعي. ونصلي على نية المسؤولين الذين ما زالوا يتحجرون بمواقفهم وهم يهدمون البلاد عن قصد او عن غير قصد ويعطلون مسيرة الدولة ومؤسساتها كي يمس الله ضمائرهم وهو وحده قادر على ذلك، لان الضمير هو صوت الله في اعماق الانسان وليدركوا حجم المسؤولية التي هي بين اياديهم. ولكي يدرك اللبنانيون اننا نحتاج الى شبك ايادينا معتبرين ومعلنين ان الايام الماضية قد ولت، أيام الحقد والبغض والانقسامات، ايام الميليشيات التي تسعى الى العودة بنا الى الوراء الى صفحة طويناها، الى اربعين سنة مضت. كفى نكأ للجراح وكأننا اعداء لبعضنا البعض، فيما نحن عائلة لبنانية واحدة لها دور ورسالة في هذا الشرق، عليها ان تعرف كيف تلعب مجددا هذا الدور، في دولة الانفتاح على الجميع واللقاء والحوار وجمال العيش معا”.
وختم الراعي: “معكم نصلي على كل هذه النوايا فيما نصلي من اجل راحة نفوس موتانا والموتى المؤمنين مرددين: (الراحة الدائمة اعطهم يا رب، ونورك الازلي فليضء لهم)”.
Comments are closed.