العهد وتياره يغطّيان مغامرة نصرالله

كتبت “النهار” تقول:أياً تكن الانطباعات التي تركتها جلسة مجلس النواب المخصصة لتلاوة رسالة رئيس الجمهورية ميشال عون الى المجلس حول موضوع رفع الدعم عن المحروقات وموقف المجلس منها، فإن الحقيقة التي انتهت اليها مناقشاتها وسجالاتها العقيمة، أبرزت التغييب المفجع لأقسى مأساة يعيشها اللبنانيون في هذه الفترة والمرشحة لتفاقم مخيف في قابل الأيام. وحتى لو تضمن قرار المجلس الخطوات الملحة الضرورية لمعالجة الكارثة، فان العقم السياسي الذي عكسه بعض القوى في عرض شعبوي فارغ لا يجد من يسمع عنتريات “ابطاله” على انقاض كارثة الناس، بدا فاقعاً لجهة تزامنه مع أبشع مظاهر اشتداد تداعيات ازمة المحروقات التي باتت عنوان محرقة اللبنانيين في يومياتهم الكالحة. 

كان يوم امس من أسوأ ما بلغته ازمة البنزين والمازوت مع “استقتال” المواطنين في طوابير هستيرية على المحطات على خلفية الخوف المتعاظم من اختفاء البنزين نهائيا الأسبوع المقبل، كما ردد بعض المعنيين بقطاع المحروقات. وعكست مشاهد طوابير السيارات في بيروت ومعظم المناطق صورة هستيرية عن الاختناق الشامل الذي يحكم الحركة العامة، علماً ان الكثير من الطرق اختنقت وأقفلت بالطوابير ومنها طريق ضهر البيدر الرئيسية التي استلزم معها العبور من بيروت الى البقاع وبالعكس نحو ثلاث ساعات تحت حرارة تتجاوز الأربعين درجة. 

كل هذا لم يجد في الجمهورية اللبنانية من يلتفت الى معاناة الناس فيما رسمت تطورات الساعات الثماني والأربعين الأخيرة معالم خطيرة لجهة الهرب المتمادي للعهد من تحديد موقف واضح من المغامرة الخطيرة التي زج بها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لبنان من خلال إعلانه في ذكرى عاشوراء بدء استقدام حزبه للمحروقات الإيرانية. ولم يقف تجاهل العهد وسيّده وتياره السياسي أيضا لتوريط نصرالله لبنان مجدداً في متاهات مواجهة بالغة الخطورة مع المجتمع الدولي عند حدود الصمت عنه تماما، بل بدت محاولاتهما مكشوفة لتحييد الأنظار عن الإحراج الذي وضعهما فيه حليفهما بفعل تفرده الاستفزازي بالقرار، تماماً كما فعل في سوابق بهذا “الثقل” مثل تورطه في الحرب في سوريا. 

وفي اقل من اربع وعشرين ساعة حاول العهد وتياره توظيف ثلاث “مناسبات” للامعان في التعمية عن الموقف من خطوة نصرالله. الأولى حين “دعا” الرئيس ميشال عون الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى بعبدا بعد ساعات قليلة من خطاب نصرالله. وتبين ان اللقاء لم يثمر إيجابيات في إزالة تعقيدات تأليف الحكومة. 

ولم تكن علامة إيجابية ان ينتقل مستوى البحث امس من الرئيسين الى مستشاريهما، اذ ذكر ان لقاءات جمعت مستشاري عون وميقاتي لتذليل ما تبقى من عقبات التأليف فيما لم يحدد بعد موعد اللقاء اللاحق بينهما. والثانية في تركيز كل الأضواء امس على الشكوى اللبنانية بحق إسرائيل لانتهاك طيرانها الأجواء اللبنانية في عدوانها مساء الخميس على سوريا. والثالثة في توظيف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الجلسة النيابية بعد ظهر امس لشن هجمة شعواء جديدة على حاكم مصرف لبنان وبعض خصوم التيار من دون ان يكون أي فسحة للحديث عن الاختراق الخطير لقرار “حزب الله” في ملف المحروقات. ولا بد في هذا السياق من الإشارة الى ان ثمة اوساطاً انتظرت موقفاً من الرئيس المكلف نجيب ميقاتي بعدما ساهمت الخطوة المتفردة لنصرالله في رسم ارباكات جدية جديدة في وجه ميقاتي لا سيما لجهة الشكوك في حصول حكومته على دعم دولي ما دام “حزب الله” يفرض اجندته مسبقاً.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.