لبنانيون يعيشون “ابتزازا رسميا”: رفع المعاناة مقابل إزالة الدعم!

(Photo by – / AFP)

استيقظ اللبنانيون، الأربعاء، على مزيد من الارتفاع في أسعار المحروقات في البلاد. ونسبة الارتفاع جاءت مخالفة للتوقعات والأنباء التي سرت، الثلاثاء، حول نية مصرف لبنان رفع الدعم (كلي أو جزئي) الذي يؤمنه على المحروقات، ما يعني قفزة جنونية في الأسعار، وهو ما بات مصيرا حتميا يجري تأجيله بالساعات والأيام في لبنان. 

واقتصر ارتفاع اليوم على 1800 ليرة – 1700 ليرة لصفيحة البنزين والمازوت 1600 ليرة، وقارورة الغاز 1800 ليرة. هذا وإن منح اللبنانيين أياما مؤجلة لموعدهم مع “الاصطدام الكبير” الذي سيرافق رفع الدعم الكلي عن المواد الرئيسية في البلاد، لكنه في المقابل، مدد في عمر أزمتهم مع انقطاع هذه المواد ومعاناتهم في الحصول عليها.

وتقوم فكرة الدعم على تقديم مصرف لبنان الدولارات للتجار والمستوردين مقابل السعر الرسمي (1507 ليرة للدولار الواحد أو ٣٩٠٠ ليرة بحسب نسبة الدعم) وذلك لتأمين الحاجات الرئيسية للبنانيين كالقمح والأدوية والمحروقات بالإضافة إلى سلة غذائية عبر اعتمادات مصرفية تفتح من أجل ذلك. وكان يفترض أن يكون إجراءً مؤقتاً في فترة ما بعد الانهيار الاقتصادي وحجز المصارف على أموال المودعين، هدفه حماية القدرة الشرائية للمواطنين وأسعار سلعهم الأساسية. وهو ما لم يعد ممكنا اليوم بعدما استنفد مصرف لبنان كل احتياطاته بالعملات الصعبة في سياق اعتماده لهذه السياسة، وبات من غير الممكن الاستمرار بالدعم الذي سيمس حتماً بالاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان ما يعني أموال المودعين.

مرحلة “الابتزاز”

يعيش اللبنانيون اليوم ما يصفونه بمرحلة “الابتزاز” التي تضعهم بين خيارين، الأول يعيشونه مع انقطاع واحتكار وتهريب السلع والمواد الرئيسية المدعومة من مصرف لبنان، والثاني هو القبول برفع الدعم عن تلك المواد واستيرادها وبيعها بسعر الدولار، كحل لمعاناة انقطاعها ورحلات البحث المضنية لتأمينها والانتظار فيما بات يصطلح على تسميته بـ “طوابير الذل”، ولكن ذلك يعني أيضاً، ارتفاعاً هستيرياً بالأسعار المرتفعة أصلاً.

صالح أحمد، مواطن لبناني يعيش في بيروت متزوج وله ولدين، يسأل في حديثه مع موقع “الحرة”: “إذا ما خير الإنسان، ليس في لبنان فقط في كل دول العالم، بين ارتفاع سعر الدواء الذي يحتاجه، وبين انقطاعه نهائياً، ما هو الخيار الذي سيتخذه؟ صحتنا وصحة أولادنا ستكون الأولوية بالطبع، وأي إنسان سيختار دفع ثمن الدواء أضعاف سعره الحقيقي إذا ما كان الخيار المقابل هو انقطاع الدواء. والأمر نفسه يسري على البنزين والمعدات الطبية ومختلف السلع الرئيسية، ما يجري اليوم أن السلطة اللبنانية ومعها مصرف لبنان والحكومة والتجار والمستوردين، يقومون بعملية ابتزاز للمواطن اللبناني بحاجاته الرئيسية للحياة، ويفتعلون معاناتنا لنقبل برفع الدعم.” 

ويعكس سيناريو رفع الدعم مخاوف لا تخفيها السلطة السياسية الحاكمة في البلاد، حيث يتوقع أن تثير هذه الخطوة موجة كبيرة من الاحتجاجات وتعيد الزخم إلى الانتفاضة الشعبية القائمة في البلاد منذ خريف ٢٠١٩. لذا ترفض الحكومة اللبنانية أن تصادق على رفع الدعم الذي يطلبه مصرف لبنان، إلا بعد إقرار خطة دعم بديلة تخفض من النقمة الشعبية التي قد تنتج عن الخطوة. 

حسين طليس – الحرة

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.