لبنان يواجه أسوأ أزماته… مخاوف من انفجار اجتماعي ــ أمني تنطلق شرارته الخميس
كتبت صحيفة ” الديار ” تقول : وكأنه لا يكفي اللبنانيين الذل اليومي الذي يعيشونه في المصارف ومحطات البنزين كما على ابواب الصيدليات وهم يشحذون اموالهم والمحروقات والادوية والحليب لأطفالهم، كي يطالعهم من يفترض انهم مسؤولون عن هذه الازمات وعن حلها ببيانات اسبوعية لتقاذف كرة تعطيل عملية تشكيل حكومة تنصرف لانقاذ ما تبقى بعدما بات محسوما دوليا ان البوابة الوحيدة للحد من الانهيارات ووضع البلد على سكة النهوض والتعافي هي حكومة تكون وظيفتها الاساسية اطلاق المشاريع الاصلاحية الكفيلة وحدها باستجلاب دعم واموال من الخارج باتت اشبه بالاوكسجين المفقود داخليا.
الرئاسة تصوب على بري
وفي حفلة تراشق جديدة نسفت على ما يبدو آخر حظوظ تشكيل الحكومة، صوبت رئاسة الجمهورية يوم امس عبر مكتبها الاعلامي وبشكل اساسي على رئاسة مجلس النواب ومساعي رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون ان تسميهما، متحدثة عن “زخم مصطنع” يفتعله البعض في مقاربة ملف تشكيل الحكومة وعن “مرجعيات وجهات تتطوع مشكورة للمساعدة في تأليف الحكومة دعتها الى الاستناد الى الدستور وعدم التوسع في تفسيره لتكريس اعراف جديدة”. واعتبر البيان الرئاسي انه “في الوقت الذي يتطلع فيه اللبنانيون الى تشكيل حكومة جديدة تنكب على معالجة الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد، تطالعنا من حين الى آخر تصريحات ومواقف من مرجعيات مختلفة تتدخل في عملية التأليف، متجاهلة قصداً او عفواً ما نصّ عليه الدستور “، لافتا الى “معطيات برزت خلال الايام الماضية تجاوزت القواعد الدستورية والاصول المعمولة”. ولفت الى ان “رئاسة الجمهورية التي تجاوبت مع الكثير من الطروحات التي قدمت لها لتحقيق ولادة طبيعية للحكومة وتغاضت عن الكثير من الإساءات والتجاوزات ترى ان الزخم المصطنع الذي يفتعله البعض في مقاربة ملف التشكيل لا افق له إذا لم يسلك الممر الوحيد المنصوص في المادة 53 الفقرات 2 و3 و4 و5 من الدستور”. وتساءل البيان:”فهل ما يصدر من مواقف وتدخلات تعيق عملية التأليف يخدم مصلحة اللبنانيين الغارقين في أزمة معيشية واقتصادية لا سابق لها، ويحقق حاجاتهم الانسانية والاجتماعية الملحة، والتي لا حلول جدية لها، إلا من خلال حكومة انقاذية جديدة”؟
وارتأى بري على ما يبدو الرد على عون عبر نائبه، عضو تكتل “لبنان القوي” سابقا إيلي الفرزلي الذي قال بعد لقائه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالامس:”لتخرج من البال إمكانية إحراج الرئيس المكلف لإخراجه”.وردت مصادر تيار “المستقبل” على بيان الرئاسة الاولى قائلة ل”الديار”:”يفترض ان يكون قد بات واضحا لجميع اللبنانيين ان من يعطل عملية التشكيل هو “الثنائي” عون- باسيل الذي يتبادل الادوار، فمرة يخرج الاول لنسف جو ايجابي ما يبنى عليه لاطلاق عملية التشكيل من جديد، ومرة يخرج الثاني لرمي سهامه لاحباط اي خرق يعمل عليها وكان آخر المستهدفين مبادرة ومساعي الرئيس بري”. واضافت المصادر:”عون وباسيل لا يريدان الحريري رئيسا للحكومة، وهما وان لا يقولان ذلك علنا لكنهما يقومان بكل ما يلزم وبطريقة علنية لمنعه من التشكيل بعدما فشلا بمنع تكليفه. كما انهما باتا يذهبان ابعد من ذلك بتجاوز التصويب على الحريري حصرا واعلان المواجهة المفتوحة مع عين التينة”.
وبحسب المعلومات فان الاستياء العوني من آداء حزب الله بالملف الحكومي يمهد لاتخاذ الرئيس عون كما قيادة “التيار الوطني الحر” خطوات تصعيدية رغم اعلان امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله صراحة عدم سيره بحل مجلس النواب وبانتخابات نيابية مبكرة. وهنا تسأل مصادر عونية عبر ”الديار”:”ما المطلوب منا الانكسار لصالح الثنائي الحريري- بري؟ خياراتنا مفتوحة وآخر ما قد نقدمه عليه الرضوخ لاعراف جديدة تمهد لمزيد من الانقضاض على صلاحيات الرئاسة الاولى”.
لبنان يصارع أسوأ ازماته
ولأن القوى السياسية تعيش بمكان منفصل عن الواقع واصلت كباشها الممل غير آبهة بالتحذيرات الدولية المتواصلة من خطورة الوضع، وآخرها ما ورد على لسان المنسقة المقيمة للأمم المتحدة ومنسقة الشؤون الإنسانية في لبنان ، نجاة رشدي التي نبهت الى ان “لبنان يواجه أسوأ أزماته في ظل حاجة 1.5 مليون لبناني و400 ألف عامل مهاجر للمساعدة”، مشيرة الى انه “يقع على عاتق زعماء لبنان مسؤولية واضحة وعاجلة وأساسية تجاه شعبهم”. ولفتت رشدي الى ان “الانفجار في مرفأ بيروت أدى إلى تسريع الكثير من الأمور، وهذا أمر مؤكد، والإصلاحات لم تنفذ في الوقت المحدد، وإذ كان يجب أن تبدأ بالفعل في عام 2018، وإن لم يكن في عام 2018، فكان يجب أن تبدأ في عام 2019″، مشيرة إلى أن “الكثير من المحللين توقعوا الأزمة الاقتصادية والمالية بالفعل قبل أن تحدث، ونحن لا نتحدث عن شيء أخذنا على حين غرة اليوم”.
وشددت رشدي على ان “أزمة الاقتصاد، وانخفاض قيمة العملة، فضلاً عن فراغ الإدارة، أدت إلى انهيار الخدمات العامة في وقت تشتد الحاجة إليها، وان الجائحة أدت إلى تفاقم الوضع الذي كان هشا أصلا، والذي وصل في مكان ما، إلى ما نحن عليه اليوم”.
وتتجه الانظار الى التحرك الذي دعا اليه الاتحاد العمالي العام غدا بحيث اعلن رئيسه العام بشارة الأسمر انه لن يتخلله قطع طرقات، لافتا الى انه سيتخلله “جملة تحركات بحيث سيكون هناك تجمعات في مختلف المناطق اللبنانية التي سترفع الصوت عالياً”.ولفت الى أن “العنوان الأساسي سيكون تشكيل حكومة انقاذ في ظل كل الأوضاع التي تمر فيها البلاد”.
واعربت مصادر مطلعة عن تخوفها من ان يكون تحرك الخميس شرارة لانفجار اجتماعي – امني تحذر منه كل الاجهزة الامنية بعدما تفاقمت الاوضاع على المستويات كافة. وقالت المصادر ل”الديار”:”البلد بات مفتوحا على كل السيناريوهات ومع التأزم السياسي الاضافي الحاصل في الساعات الماضية بتنا نتوقع ترجمة عملية له على الارض”.
قصة الحليب.. تنكشف
ويوم امس، تابع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الاجراءات التي اتخذت لمعالجة ازمة المحروقات والادوية و المستلزمات الطبية وحليب الاطفال، حيث دعا الاجهزة والادارات المختصة الى التشدد في ملاحقة المحتكرين ومستغلي الاوضاع الراهنة لرفع الاسعار و تحقيق ارباح غير مشروعة.
وعلم ان النيابة العامة التمييزية كلّفت شعبة المعلومات التحقيق في موضوع علب حليب الاطفال التي انتشرت صورها وتم تداول خبر تلفها من قبل اصحاب المؤسسة بعد انتهاء صلاحيتها.
واعلنت وزارة الاقتصاد، انه تم سحب هذه المنتجات من الأسواق في عامي 2018 و2019، اذ ان الشركة المعنية تقوم بسحب بضائعها من السوق قبل ثلاثة أشهر من تاريخ انتهاء صلاحيتها وفق الأصول المتبعة، وذلك ليتم تلفها وفق معايير سلامة الغذاء بعد الحصول أخيرا على موافقة كل من مجلس الإنماء والإعمار ووزارة المالية.وأكدت وزارة الاقتصاد والتجارة أن المنتجات غير مدعومة من قبل مصرف لبنان كما يتم التداول.
وبموضوع المستلزمات الطبية، أوضحت رئيسة نقابة مستوردي المستلزمات الطبية سلمى عاصي، انهم تبلغوا أن مصرف لبنان بدأ بتحويل أموال للشركات من أجل استيراد المستلزمات الطبية من بعد انتظار 6 أشهر، لافتة الى ان “المشكلة التي نواجهها ليست بالتسليم بل بالتسعير، فاذا دعمنا مصرف لبنان يكون الدولار بـ1500 ليرة واذا لم يفعل سيكون بسعر 15000 ليرة، وبالقانون لا شيء يلزمنا بالفوترة ب الليرة اللبنانية وذلك وفقاً بحسب الـB to B أي من شركة الى شركة”.
وعلى خط ازمة المحروقات التي لم يتم حلها بالرغم من توزيع الشركات المستوردة البنزين على المحطات، أصدرت قاضية التحقيق الأوّل في الشمال سمرندا نصار، قرارًا موجّهًا إلى المديرية العامة للنفط، يقضي بمنع تسليم مادّة المازوت لعشر محطات محروقات، توزّعت بين مناطق المنية و العبدة وعكار وصولا إلى الكورة ، لكونها تبيع المادّة المذكورة بأسعار السوق السوداء، وذلك تمهيدًا لتهريبها إلى سوريا عبر منطقة الهرمل.
كما قضى القرار بإبلاغ شركات مستوردي المحروقات ومنشآت النفط في لبنان ، لإنفاذ القرار بمنع التسليم، إلى حين انتهاء التحقيق.
وأشارت نقابة أصحاب محطات المحروقات في لبنان ، إلى أنّ “بعد الاجتماع الّذي حصل مع رئيس اتحادات النقل البري بسام طليس، توصّلنا بناءً لتمنّي طليس إلى أخذ قرار بفتح خطّ خاص للفانات و السيارات العمومية في محطّاتنا لتسهيل عملهم”.
وردت مصادر مطلعة ل”الديار” استمرار الازمة ومشاهد الطوابير على المحطات ل”خوف المواطنين من انقطاع المادة مجددا في اي لحظة ما يجعلهم يعمدون للابقاء على خزانات سياراتهم ممتلئة، اضف ان بعض المحطات لا تعمد الى توزيع كل مخزونها وتصر على الاغلاق باكرا ما يبقي مظاهر الازمة موجودة”.
تحقيق دولي
في هذا الوقت، برز ما اوردته وكالة “الصحافة الفرنسية” عن أنّ “أكثر من خمسين منظّمة، دعت الأمم المتحدة إلى إنشاء بعثة تحقيق دوليّة في انفجار مرفأ بيروت ، بعدما لم يحرز التحقيق المحلّي أي تقدّم في خلال عشرة أشهر”.
وأوضحت أنّ “53 منظّمة حقوقيّة دوليّة وإقليميّة ومحليّة، من بينها ” منظمة العفو الدولية ” و” هيومن رايتس ووتش “، فضلا عن 62 شخصًا من الناجين وعائلات ضحايا انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020، توجّهوا برسالة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أشاروا فيها إلى أنّه “آن الأوان لمجلس حقوق الإنسان أن يتدخّل وأن يصغي إلى مطالبات عائلات الضحايا و الشعب اللبناني بالمساءلة”، على اعتبار أنّ الانفجار شكّل “مأساةً ذات أبعاد داخليّة، نَجم عن التقاعس في حماية أبسط الحقوق – الحق في الحياة”.
ودعا الموقّعون، إلى “إنشاء بعثة تحقيق دوليّة ومستقلّة ومحايدة، من قبيل بعثة لتقصّي الحقائق لمدّة سنة”، لافتين إلى أنّ “مع اقتراب الذكرى السنويّة الأولى للانفجار، فإنّ الحجج لإجراء هكذا تحقيق دولي قد ازدادت قوّة”.
ولفتت “هيومن رايتس ووتش”، إلى “أنّها وثّقت عيوبًا عدّة في التحقيق المحلّي، ما يجعله غير قادر على إحقاق العدالة بمصداقيّة، بينها التدخّل السياسي السافر، والحصانة للمسؤولين السياسيّين الكبار، وعدم احترام معايير المحاكمات العادلة”.
Comments are closed.