جورج جريج: لقاضي التحقيق والمحقق العدلي صلاحية تحريك الدعوى العامة بحق كل مشتبه فيه
عقد نائب رئيس حزب الكتائب النقيب جورج جريج، مؤتمرا صحافيا في بيت الكتائب المركزي في الصيفي، تناول فيه ملف إنفجار مرفأ بيروت، وقال: “أربعة أشهر وثمانية أيام، وعين زوجة كل ضحية من ضحايا انفجار المرفأ، وعين والديه وأولاده وأحبائه، على شخص واحد، علقوا عليه كل الأمال، وبنوا عليه كل الثقة، كما قلبهم على الابن والزوج والوالد والحبيب، عينهم على فادي صوان، ليس بمقدوره أن يعيدهم، لكن بمستطاعه أن يكشف الحقيقة، كل الحقيقة ولا شي غير الحقيقة وفي هذه الحقيقة بعض بلسم، وبعض تعزية، وبعض رجاء”.
وتابع: “قلناها ونعيدها: حزب الكتائب ولي دم، وجع ذوي الضحايا وجعه، المهم ألمه، وأملهم أيضا أمله”.
وأكد أن “حزب الكتائب مع ذوي الضحايا ولنا فيهم ضحايا، ولا يهمنا أي أمر آخر، ونقطة على السطر، لا يهمنا أي مسؤول آخر مهما علا شأنه، جازما بأن لا حماية لكبير ولا تدفيع ثمن لصغير، لا خيمة واقية لرئيس، ولا ترتيب مسؤوليات “كيف ما كان” على مرؤوس، فمسؤولية الاجرام لا تستثني احدا من رأس الهرم الى أسفله، لا تستثني من علم ولم يحم ولم يبادر ولم يقرر”.
وأضاف: “نعم حزب الكتائب مع التحقيق الجنائي هنا أيضا، بل هنا اولا كي لا تتكرر الكارثة في مكان آخر، وفي عنبر آخر وبمادة أخرى، فهذا التحقيق قادر على كشف واقعة تكشف واقعة أخرى بأعلى مرتبة، وقادر أيضا على كشف الفساد وأربابه وأصحابه وعرابيه، ومستقدميه، ومحوليه، ومخبئيه، ومهربيه، وحماته ورعاته والمستفيدين منه بالمباشر أو بالصدفة أو بالقوة”.
وإذ أسف جريج لأن يصل الامر الى بعض السياسيين من خلال موقف او تغريدة أو مجاملة وكأننا أمام تسييس التحقيق وتطييفه ومذهبته، شدد على أنه “لا يجوز التلطي وراء الطوائف لحماية الفساد، فمن استشهدوا من كل الطوائف، ومهما علت الحرتقات السياسية، تبقى دون حرقة الأهل في مصابهم، تلك لحماية حصانة، ونفوذ، وهذه لكشف حقيقة”.
وأردف: “إن مشكلة المحقق العدلي أنه آمن باستقلالية قضائه، على ما أعتقد، مشكلة المحقق العدلي أن جريمة بحجم جريمة بيروت وأهلها لا يصح أن تنام في الدرج، لا يصح أن يلفها النسيان وأن تبقى إدعاء على مجهول ومن يظهره التحقيق، أو أن تصبح تجهيلا للفاعل بناء على ضغوط عليا، وتدخلات متقاطعة، وشبكة حمايات عابرة للطوائف والزعامات السياسية، للأسف”.
وقال: “إني ومن موقعي الحقوقي والسياسي ألفت الى الثوابت الاربعة في هذه القضية، الثابت الاول: إن أعمال الوزراء المتمثلة باستنكافهم عن اتخاذ أي قرار بطلب فتح أي تحقيق لا يمكن اعتبارها عملا متصلا بالواجبات الوظيفية، بل هي تخالف هذه الواجبات، ما رتب قصدا احتماليا، وإلا تقصيرا وإهمالا وظيفيين، أدى الى الانفجار في المرفأ وما نتج منه من ضحايا ودمار، ما يجعلها واقعة حكما في دائرة الجرائم العادية لا الوظيفية، كونها تؤلف تحويلا وتحويرا للسلطة من دورها الحامي للمصلحة العامة.
الثابت الثاني: القضاء الجزائي العادي، وقاضي التحقيق ركن منه، هو صاحب الصلاحية للتحقيق مع الوزراء في الجرائم العادية. فالمسؤولية الشخصية قائمة هنا على خطأ شخصي يعادل الاهمال أو قلة الاحتراز أو عدم التقيد بالانظمة، أو عدم اتخاذ الحيطة الضرورية المفروضة، أو اغفال المراقبة، وبكلمة يجب على المسؤول ان يتخذ كافة التدابير الاحتياطية والوقائية اللازمة والمطلوبة منه قانونا. وبالنتيجة اذا وقع الفعل المخالف أو الكارثي كما انفجار المرفأ، رغم ذلك بصورة ولم يكن بالامكان تفاديه فعندها لا حول ولا قوة.
الثابت الثالث: لقاضي التحقيق والمحقق العدلي، صلاحية تحريك الدعوى العامة في حق كل من يشتبه فيه، من دون حاجة لادعاء النيابة العامة التمييزية.
الثابت الرابع: إن المادة 70 من الدستور التي تولي مجلس النواب صلاحية ملاحقة الوزراء تبعا لما يرتكبونه من جرائم جزائية، لا تقيده صلاحية شاملة لكل الجرائم المفترض ارتكابها، بل إن فئة منها، وتحديدا الاعمال الخارجة عن الخيانة العظمى والواجبات المترتبة على الوزراء، تبقى خاضعة لصلاحية القضاء الجزائي العادي.
وبالتالي لا سلطة لمجلس النواب حاجبة لعمل القضاء الجزائي العادي، وخصوصا أن التاريخ أثبت ان مجلس النواب يؤثر اللاعدالة والافلات من العقاب لفئة السياسيين، على السير بها”.
وتابع جريج: “تبقى اسئلة لم تلق جوابا ألخصها بإثنين:
السؤال الاول: ان نيترات الامونيوم التي تم تخزينها في العنبر رقم 12 تحوي مادة أزوت بنسبة 34.7%، ما يعني قانونا أن هذه المادة لا يمكن إدخالها الى لبنان إلا بعد الاستحصال على موافقة مسبقة من مجلس الوزراء، وبعد موافقة وزارات الدفاع والاقتصاد والداخلية سندا للمادة 17 من قانون الاسلحة والذخائر. نحن اذا أمام جريمتين: جريمة قبل الانفجار تحققت من خلال إدخال المادة الخطرة والممنوعة وتخزينها من دون مسوغ قانوني، والثانية التفجير أو الانفجار، ولو ركن المسؤولون المعنيون الى تطبيق القانون لما حصلت الجريمة الثانية”.
وأردف: “مع التأكيد أن كل الاجهزة الامنية والعسكرية موجودة في مرفأ بيروت ولا يعفى أحد من المسؤولية”، سائلا “أين أصبح التحقيق في مقتل العقيدين جوزف سكاف ومنير أبو رجيلي؟”.
وتوجه جريج الى الرئيس حسان دياب بالقول: “لست مستهدفا بالشخصي أو بالموقع أو بالطائفة، وهذا الشحن لا يفيد لبنان الدولة، ولو كنت مكانك لما نمت قبل ان أستقبل قاضي التحقيق وأدلي بما عندي ولو كمدع عليه، لو فعلت لخرجت كبيرا من السراي ولدخلت كبيرا الى عيون الامهات والوالدات وقلوبهن طالما أنك واثق من براءتك وأن ضميرك مرتاح.
الى الوزراء: أعطوا فرصة للعدالة ولو لمرة أولى، صححوا الصورة النمطية التي تحوطكم، كل ذلك مع التقيد التام بأحكام الدستور وقانون تنظيم مهنة المحاماة لاسيما المواد المتعلقة بالحصانات.
الى قاضي التحقيق الرئيس فادي صوان: لست وحيدا الكتائب معك، الاصول معك، مجلس القضاء معك، نقابة المحامين معك، الضحايا تحت التراب معك إن عدلت وما ساومت، وكل لبناني شريف معك إن عدلت وما سايرت وما سمعت، ويكفي أن يكون ضميرك مرتاحا ومعك لا يغفو ولا يدعك تغفو قبل كشف الحقيقة كل الحقيقة”.
وختم متوجها إلى أهالي الضحايا: “أنتم القاضي الاول، قلبكم وحدسكم لا يخطئان ونحن كجهة إدعاء ومتضررين ومصابين قلبنا وعقلنا وقلمنا وموقفنا وضميرنا معكم بدون حدود.
والى الجميع ان المحقق العدلي قال كلمته بالقانون، نراه أراد التأسيس لفعل قضائي مستقل، لا يقف عند تخوم مربعات، ولا ترهبه حصانات ولا تربكه انتماءات سياسية وطائفية، إن هذا المسار يشكل تحولا في عمل السلطة القضائية وانتقالا من حالة إفلات السياسيين من العقاب الى حالة السواسية أمام القانون، براءة أو اتهاما، فرجاء لا تقفوا مع الشخص، ولا ضده بل مع المؤسسة، مع سلطة القضاء”.
Comments are closed.