ليس “الانفجار العظيم” فقط.. نظريات أخرى حاولت تفسير نشأة الكون

img 5134 Cedar News الانفجار

يكاد يجمع علماء الفلك في الغرب على أن الكون نشأ بانفجار هائل، وهو ما عرف بنظرية “الانفجار العظيم”، ولكن هل توجد بدائل لها؟ وهل نجحت هذه النظريات -بما فيها نظرية الانفجار العظيم- في تفسير نشأة الكون؟

تطورت نظرية الانفجار العظيم لأول مرة منذ حوالي قرن من الزمان، وهي تقول باختصار إن الكون بدأ كنقطة شديدة الحرارة والكثافة تضخمت على مدار 13.8 مليار سنة تقريبا، وأصبحت أكبر وأبرد.

ويذكر موقع “فيز دوت أورغ” (phys.org)، أنه في حين أن هذه ليست النظرية الحديثة الوحيدة لكيفية نشوء الكون، فهناك على سبيل المثال نظرية الحالة الثابتة أو نظرية الكون المتذبذب، إلا أن الانفجار العظيم هي النظرية السائدة على غيرها حتى الآن.

ويرجع ذلك لأن نظرية الانفجار العظيم لا تشرح أصل كل المواد المعروفة وقوانين الفيزياء وهيكل الكون واسع النطاق فحسب، بل تفسر أيضا توسع الكون وتشكيل عناصر الضوء، ووجود الخلفية الكونية الميكروية إضافة إلى مجموعة واسعة من الظواهر الأخرى.

لكن هذه النظرية بدورها ما تزال قاصرة عن الإجابة عن كل الأسئلة المتعلقة بالكون ونشأته، وتعرضت لانتقادات من لدن كثير من العلماء.

ويعرض موقع “سبيس” (space)، بعض النظريات المنافسة التي واجهت نظرية الانفجار العظيم على مدى عقود طويلة، ولماذا عجزت بدورها عن تفسير نشأة الكون، وبدأت تتحدث عن خصائصه مثل أنه يتمدد وأنه خرج من حالة كثيفة فائقة الحرارة وتم إنشاء أخف عناصره أولا، وأن لديه إشعاعا كهرومغناطيسيا يدعى “الخلفية الكونية الميكروية”.

نظرية الكون الأبدي
قبل تطوير نظرية الانفجار العظيم، كان العلماء يعتقدون أن الكون منذ البداية كان كما هو اليوم، وسيظل دائما كذلك. وبالرغم من حديث هذه النظرية عن بعض الأمور العادية مثل تعرض النجوم للانفجار من حين لآخر، فإنها بشكل عام ترى أنه كان نسيجا كونيا عظيما وظل دون تغيير وسيظل هكذا إلى الأبد.

غير أن هذه النظرية تراجعت وخفتت عندما اكتشف عالم الفلك الأميركي إدوين هابل، ما يعرف بظاهرة توسع الكون. فقد ألقى هذا الاكتشاف بظلاله على الفور على فكرة الكون الأبدي، لأنه في الكون المتمدد سيكون الكون مختلفا بشكل واضح في الماضي عنه في الحاضر وسيكون المستقبل أكثر اختلافا كذلك.
نموذج الحالة المستقرة
يعد نموذج الحالة المستقرة، الذي اقترحه لأول مرة عالم الفلك البريطاني فريد هويل، إحدى النظريات التي تناولت في أوائل القرن العشرين موضوع الكون، وقالت إنه يتوسع دائما، ولكن هناك دائما مادة جديدة تظهر في الفراغ لتحل محل أخرى.

لذلك فإن الكون وفقا لتلك النظرية يزداد لكن تبقى الكثافة كما هي، ومن ثم فإنه في نموذج الحالة المستقرة، يكون الكون ديناميكيا، ولكنه يبقى كما هو غير متغير على مدى الفترات الزمنية الطويلة.

وقد فشل نموذج الحالة المستقرة بشكل صارخ لسببين رئيسيين، وهما النجوم الزائفة “الكوازرات” (Quasar) وخلفية الموجات الكونية الميكروية (CMB).

أما النجوم الزائفة فهي عبارة عن أنوية مجرات شديدة البعد عنا، ولهذا لا يظهر منها سوى النواة التي تظهر كنجم ويتوسطها ثقب أسود فائق. وتعد مصادر لامعة للغاية للانبعاثات الراديوية الموجودة حصريا في الكون البعيد.

وأما الخلفية الميكروية للكون فهي مصدر للإشعاع الذي يحيط بنا من جميع الجوانب. والذي حاولت نظرية الانفجار العظيم تفسيره، حيث يأتي الضوء من حقبة سابقة في التاريخ الكوني، لكن في نموذج الحالة المستقرة، يجب أن يبدو الكون المبكر مثل الكون الحديث.
الكون الكهربائي
ظهر منافس آخر لنظرية الانفجار العظيم، وذلك بفضل الفيزيائي هانيس ألفين الحائز على جائزة نوبل. الذي جادل بأنه يجب استبدال أمر آخر جديد بالانفجار العظيم. وهو أن القوى الكهرومغناطيسية كانت أقوى بكثير من قوى الجاذبية، لذا فإن ما نلاحظه في الكون يجب أن يُفهم بشكل أفضل على أنه عواقب للكهرومغناطيسية وليس الجاذبية. وقد شمل ذلك تطور النظام الشمسي وولادة النجوم وتوسع الكون.

وقد فسر ألفين مسألة تمدد الكون والخلفية الميكروية للكون، بأن الكون يتكون من جيوب كبيرة من المادة والمادة المضادة، والتي تتنافس باستمرار. تتمدد هذه الفقاعات ضد بعضها بعضا، مما يؤدي إلى ما نعتبره توسعا للكون وحيثما يلتقيان يتم إنشاء ضوء الخلفية الميكروية.

ووفقا لموقع “سبيس”، فإنه لسوء حظ ألفين، لا توجد طريقة لكون كهربائي يطابق جميع الملاحظات في الكون، خصوصا قانون هابل الخاص بتمدد الكون.

الكون في الخلاط
إحدى السمات التي احتار في تفسيرها العلماء ما يعرف باسم “مشكلة الأفق”. ومشكلة الأفق، وفقا لموقع وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” (Nasa)، تتلخص في أن المناطق البعيدة من الفضاء والموجودة في اتجاهات متعاكسة من السماء، والتي لها نفس درجة الحرارة تقريبا، متباعدة جدا لدرجة أنه لا يمكن تصور أنها قد جاءت من مكان واحد في الماضي.

وذلك لأن زمن انتقال الضوء بينهما يتجاوز عمر الكون نفسه. وبالرغم من ذلك فإن درجة حرارة الخلفية الكونية الميكروية الموحدة للكون تخبرنا أن هذه المناطق يجب أن تكون على اتصال مع بعضها بعضا في الماضي.

وقد طوّر الفيزيائي تشارلز ميسنر، في عام 1969، حلا لهذه المشكلة، أطلق عليه “ميكس ماستر كوزمولوجي” (Mixmaster cosmology). ووفقا لهذه النظرية فإن الكون المبكر كان فوضويا بشكل لا يصدق، وقد أدت هذه الفوضى إلى شيئين، أحدهما “خلط” المواد بمقاييس صغيرة، مما أدى في النهاية إلى ظهور هياكل مثل المجرات، وثانيهما تعادل الأشياء على نطاقات كبيرة لجعل الكون ككل متجانسا.

لم تنجح الرياضيات أبدا مع نموذج “ميكس ماستر”، ولكن في المقابل كان هناك تفسير آخر قادر على حل مشكلة الأفق بطريقة أبسط بكثير وهو “التضخم”.

و”نظرية التضخم”، وفقا لموقع ناسا، هي فترة من التوسع السريع للغاية للكون خلال لحظاته القليلة الأولى. ومن ثم يتوسع الكون بشكل تدريجي نسبيا عبر تاريخه. وقد تم تطوير هذه النظرية حوالي عام 1980 لشرح العديد من الألغاز مع نظرية الانفجار العظيم.
النموذج الدوري للكون
يُعرف هذا النموذج أيضا باسم النموذج “المتذبذب” للكون، ووفقا لموقع “ساينتلي” (Sintelly)، هو عبارة عن نظرية مفادها أن الكون يشكل نفسه مرارا وتكرارا في دورات.

وتأتي هذه النظرية كرد فعل على فكرة أن الكون في نظرية الانفجار العظيم كانت له نقطة بداية، وهذا يعني أنه كان يوجد وقت بلا كون. وقد ظهرت في المقابل العديد من المحاولات للتوصل إلى تفسير لبداية الكون، والتي تنتهي جميعها بفكرة استبدال نوع من الكون الدوري بالانفجار العظيم، حيث يكون الانفجار مجرد واحد من سلسلة طويلة غير محدودة من الأكوان.

المصدر : فيز دوت أورغ + مواقع إلكترونية + ناسا – ليلى على الجزيرة

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.