ارتدادات حملة نصرالله على «القوات»: رُبّ ضارة نافعة.. وميقاتي يحيّد نفسه
لم يكن التجاوب الشعبي والسياسي مع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الذي هدد فيه القوات اللبنانية بـ 100 ألف مقاتل، بالمستوى المتوقع من جانبه، وربما العكس حصل، حيث اعتبرت المصادر المتابعة ان جهات لبنانية أساسية، اعتبرت نفسها معنية بوجود مثل هذا الكم الهائل من المسلحين، بإمرة دولة إقليمية تطمح إلى التوسع والسيطرة، وليس حزب القوات اللبنانية وحده المقصود، رغم وصف نصرالله له بالعدو، بدل الخصم، مساويا بالعداء بينه وبين إسرائيل، قاطعا بذلك كل سبل التفاهم الممكن، مع طرف لبناني آخر.
ولاحظــــت المصــادر لـ «الأنباء» ان هذه الحملة القاسية على القوات وبالذات رئيسها سمير جعجع، نفعته أكثر مما أضرته، بحيث رفعه نصرالله، إلى مستوى موقعه كطرف رئيس في مواجهة الـ 100 ألف مسلح الذي هدده بهم، وجعله قبلة أنظار كل معارض للحزب، من مختلف الطوائف اللبنانية.
وفي تقدير المصادر انه كان على السيد نصرالله، قبل ان يصوب على القوات كعدو آخر له بعد إسرائيل، مركزا على حجم قواتها المسلحة، الذي قدره بـ 15 ألف مقاتل، الأخذ باعتباره وجود المرافئ اللبنانية المفتوحة، المهيأة لمضاعفة هذا العدد أكثر من مرة، على غرار الحدود البرية المفتوحة أمام الحزب، والتي وفرت له مثل هذا الرقم من المقاتلين.
وفي أول رد فعل صدر عنه قبل ان يتسنى له الاستماع الى كلمة السيد نصرالله، او حتى قراءتها استغرب رئيس القوات سمير جعجع لموقع (أم تي في) الإلكتروني اتهام نصرالله للقوات بدعم «داعش»، وقال: «إذا كان في حدا أسوأ من حزب الله فهو داعش». واستبعد جعجع أن يقتنع المسيحيون بكلام نصرالله، سوى قلة معروفة. أما غالبية المسيحيين، وعلى اختلاف انتماءاتهم، فباتوا في موقع الخصومة الشديدة مع حزب الله، ولن يتأثروا».
وتوقف جعجع أمام ما كتبه النائب السابق فارس سعيد تعليقا على كلام نصرالله، حيث قال: لقد كرّس كلامه، زعامة جعجع.
وكان سعيد استبق خطاب نصرالله بتغريدة عبر تويتر، اعتبر فيها حزب الله بمنزلة «جالية إيرانية في لبنان».
وأشارت مصادر متابعة إلى تشكيل تحالف لبناني وطني ضد إيران وأذرعها، بقيادة جعجع وأشرف ريفي.
وتساءل رئيس حركة التغيير إيلي محفوظ، مع وجود 100 ألف مقاتل، لماذا لا يحرر نصرالله الجولان ويتجه إلى القدس؟».
النائب المستقيل نديم الجميل، توجه إلى نصرالله بالقول: أنت لست عدو المسيحيين، أنت عدو لبنان، فيما قال نائب بيروت فؤاد مخزومي: ما سمعناه من نصرالله فيه تحوير للحقائق، الخلاف في لبنان ليس بين المسيحيين وحزب الله، بل بين شعب لبنان والحزب».
أما رد فعل التيار الحر، فصدر صباح أمس، عبر قناة «أو تي في» وإذاعة صوت المدى، وفيه ان بعض المليشيات هي نفسها القوى السياسية، التي نقلها اتفاق الطائف من البزة العسكرية الى تلك المدنية. وتبنت قول نصرالله، بأن هناك من يريد إشعال الحرب الأهلية في لبنان، واحد المنفذين حاضر وموجود. انه رئيس القوات سمير جعجع الذي فرد له السيد نصرالله مساحة كبيرة من خطابه، من دون تسميته، معتبرا انه العدو الأكبر للمسيحيين في لبنان».
وتضمن التعليق قول رئيس التيار الحر جبران باسيل: «ان اختصاص جعجع بالحرب ضرب المسيحيين…».
في غضون ذلك، تهاوت المقترحات ومشاريع التسويات السياسية والقانونية لقضية القاضي طارق البيطار تباعا، وآخرها اقتراح بتشكيل مجلس النواب هيئة اتهامية برئاسة قاض غير مسيحي، للنظر بالاعتراضات المقدمة ضد المحقق العدلي البيطار.
وكان وزير العدل هنري خوري يعتزم توجيه رسالة الى التفتيش القضائي، مطالبا إياه بتفعيل أداء القاضي البيطار، ولكن الطرحان رفضا بالمطلق من حزب الله وحركة أمل، اللذين لايزالان عند مطالبتهما بـ «قبع» هذا المحقق العدلي من مهمته، في حين ان القوات اللبنانية، ومن معها من المعارضين يرفضون الطرحين، باعتبار انهما يقيدان حرية عمل المحقق العدلي، وبالتالي استقلالية القضاء.
أما التيار الحر، الخائف من إغضاب حليفه حزب الله، وفي الوقت ذاته من فقدان المزيد من شعبيته المسيحية، فقد بقي وحيدا في سعيه للتسويات القانونية، علما ان الصراع الدائر حول هذه المسألة، او من خلالها، تخطى التيار ودوره تماما. وقد دخل مجلس النواب على الخط أمس، بافتتاح دورته العادية الثانية التي أعادت مؤقتا، الحصانة على النواب المدعى عليهم بانفجار مرفأ بيروت.
رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، حيد نفسه وموقعه عن كل ما هو شأن قضائي، مجمدا اجتماعات حكومته الى ما بعد إيجاد حل للمشكلة القضائية.
والرهان الآن على التحقيقات التي يتولاها الجيش في أحداث «الطيونة» حول مصدر القنص الذي أوقع الضحايا السبع والهوية الحقيقية للقناصين. وسجل امس اعتصام للمعارضة اللبنانية وحزب الكتائب أمام قصر العدل دعما للمحقق العدلي طارق البيطار بوجه حملات حزب الله عليه.
الانباء – عمر حبنجر
Comments are closed.