البطاقة التمويلية: التمويل شبه مؤمّن… بانتظار الآلية التنفيذية
كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”: أقرّت البطاقة التمويلية بعد طول انتظار، ولكنها لا تزال حبراً على ورق. وعليه لا بدّ من السؤال: متى يستفيد اللبنانيون من هذه المساهمة بعدما صارت أوضاعهم حالة فريدة يضرب بها المثل كأكثر الظواهر الاقتصادية والنقدية غرابة!
سقطت القدرة الشرائية للغالبية العظمى من المواطنين، وباتت مداخيلهم تساوي “قروشاً” في ظلّ الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار، ما يؤدي إلى تحليق أسعار المواد الاستهلاكية على نحو غير منطقي أبداً وبشكل ينذر بتردي الأوضاع الاجتماعية وبتغير نمط حياة كل اللبنانيين.
منذ أشهر، تبحث الحكومة عن تمويل يغذّي هذه البطاقة التي باتت حاجة ماسة للسواد الأعظم من اللبنانيين ولم تعد “حجرة تسند خابية” الطبقات المعدومة، فقد صار الجميع متساوين في الفقر والعوز، ما دفع بمجلس النواب إلى توسيع رقعة المستفيدين منها لتصل الى حدود 500 ألف عائلة. ومع ذلك، لا يزال وضعها موضع التنفيذ يتطلب خطوات اجرائية وعملانية يفترض أن تكون حاضرة حين يصير تمويلها جاهزاً.
وفي هذا الإطار، يذكر النائب ياسين جابر، أنّ البنك الدولي أبلغ وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني مع انطلاق عمل الحكومة، بضرورة التفكير بشبكة أمان اجتماعي لأن الانهيار آت لا محال، ويفترض بالحكومة أن تسارع إلى وضع آليات حماية اجتماعية تساعد اللبنانيين على الصمود، وقد أعرب رسمياً عبر كتاب خطي عن استعداد البنك تقديم 450 مليون دولار لتمويل شبكة الأمان الاجتماعي. ومن ثمّ تمّ تخفيض المبلغ ليصير 246 مليون دولار، وهو الآن متوفر وجرى اقرار القرض في مجلس النواب.
بالتوازي كان الاتحاد الأوروبي يقدّم هبة قيمتها 55 مليون يورو لتمويل برنامج الفقر المدقع الذي يستهدف 70 ألف عائلة، فضلاً عن برنامج شبكة الأمان الممول من البنك الدولي والذي يدعم ذوي الدخل المحدود ويستهدف 180 ألف عائلة.
وبعد وقوع الانهيار، كان لا بدّ من تعزيز القدرة الشرائية لبقية اللبنانيين، ومن بينهم الموظفون، كون البرامج المذكورة آنفاً لا تطالهم، ولذا جرى التفكير بالبطاقة وبدأ البحث عن التمويل. وقد تقدمت الحكومة أخيراً بطلب فتح اعتماد بقيمة 566 مليون دولار وفق الاتفاق المعمول مع مصرف لبنان، لكي يتولى تمويل البطاقة التمويلية إلى حين الانتهاء من الإجراءات النهائية مع البنك الدولي، الذي أبدى استعداده نقل قروض مخصصة للبنان تبلغ قيمتها حوالى 300 مليون دولار، لكي يصار الى استخدامها في إطار تمويل البطاقة، فيما سيصار إلى استخدام جزء من حقوق السحب الخاصة للدول الأعضاء في صندوق النقد الدولي، لتمويل ما تبقى من الكلفة.
وفي السياق عينه، يقول مستشار وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور عاصم أبي علي إنّه بعد اقرار القانون، يتعيّن على اللجنة الوزارية المؤلفة من وزير الشؤون الاجتماعية ووزير الاقتصاد ووزير المال، وضمن مهلة 15 يوماً، تحديد آلية تنفيذ القانون والتي تتضمن اطلاق المنصة، كيفية استهداف المستفيدين، ومعايير الاستهداف، مشيراً إلى أنّ معايير الاختيار ستكون مبنية بشكل أساسي على الدخل، وذلك من خلال استثناء أصحاب الدخل المرتفع وأصحاب الحسابات المصرفية المرتفعة.
يضيف: وبالتالي إنّ هذا المسار سيسير بعكس مسار البطاقة المخصصة للأسر الاكثر فقراً، والمبنية على مؤشرات المصروف والاستمارات التي تتم تعبئتها ومؤلفة من خمسين سؤالاً وتقييم وضع كل أسرة مستهدفة. أما في ما خصّ البطاقة التمويلية فلسنا بحاجة إلى هذا النوع من الاستهداف بل سيكون عكسياً ليتمّ استثناء فئات محددة من المجتمع واستهداف الفئات المتبقية.
أما بالنسبة لآليات المراقبة التي من المرجح أن يشارك في وضعها البنك الدولي كونه الممول للجزء الأكبر من الكلفة المالية، فيلفت إلى أنّه كلما تعددت جهات ومصادر الرقابة كلما ارتفع منسوب الشفافية، فيما يفترض أن تكون قاعدة البيانات الكترونية لإبعاد التدخل البشري الذي قد يكون استنسابياً، وتوحيد المعايير لمنع الاستثمار السياسي.
حتى الآن، لا مواعيد محددة للاستفادة من البطاقة التمويلية لأنّ ذلك يتوقف على مدى سرعة تنفيذ آلية فعّالة، مع العلم أنّ الخطوات التنفيذية قد تكون من أصعب المهمات التنظيمية كونها ستطال 500 ألف عائلة.
Comments are closed.