باسيل: بامكان اوروبا حجز الأموال المهربة قبل وبعد 17 تشرين وزير خارجية هنغاريا: لن نقبل بفرض عقوبات على أكبر حزب يمثل المسيحيين
عقد رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل ووزير الخارجية الهنغاري بيتر سيارتو مؤتمرا صحافيا مشتركا، في مركزية التيار – ميرنا شالوحي، تناولا فيه التطورات الاخيرة في لبنان وموقف الاتحاد الأوروبي مما يجري.
باسيل
بعد النشيدين الوطنيين اللبناني والهنغاري، قال باسيل: “أرحب بصديقي وزير خارجية هنغاريا السيد بيتر سيارتو في لبنان في مقر التيار الوطني الحر بميرنا الشالوحي. إني أقدر جدا هذه الخطوة ورمزيتها وهذه الحماسة التي أبداها الوزير سيارتو من أجل زيارتنا وتقديم الدعم لنا. وأود أن أشير إلى أن الوزير سيارتو هو من رغب القيام بهذه الزيارة بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل الاثنين الماضي، والذي طرح فيه موضوع لبنان، طلب عرض ذلك للاعراب عن موقفه الداعم للبنان ولنا، ونحن طبعا رحبنا، فهو صديق شخصي وصديق للبنان”.
أضاف: “المجر عموما والوزير سيارتو كانا دائما بجانبنا وبجانب قضية التنوع في لبنان والمنطقة، وهما واعيان وداعمان لقضية الوجود المسيحي في لبنان والشرق، وكانا في كل اللقاءات الدولية والمنتديات واقفين وداعمين لمسألة الحقوق والحريات والدور الواجب الحفاظ عليه للمسيحيين داخل لبنان وفي دول المنطقة. لم يقصرا معنا مرة في التعبير عن هذا الأمر من دون خجل أو مواربة، وإني أضع هذه الزيارة اليوم في الإطار نفسه وفي المسار نفسه القائم بيننا، لا أكثر ولا أقل، وأريد أن أقطع أي تفسير آخر سيبدأ تداوله في الاعلام من قبل المشككين والمغرضين.
وتابع: “هذا السياق ليس بجديد أو مستجد بيننا وبين الوزير سيارتو، ويمكنكم متابعته خلال كل اللقاءات العديدة جدا التي حصلت بيننا في المؤتمرات الدولية وخلال الزيارات الثنائية التي قام بها الوزير للبنان وقمت بها انا للمجر، هذا مسار علاقتنا المستمر وغير المنقطع او المتغير، وأنا سعيد به وأشكر الوزير على الاستمرار فيه. وأذكر في هذا المجال، وأشكر هنغاريا على مشروع ترميم الكنائس القديمة في لبنان، والذي بدأ منذ عام 2018 وهو مستمر لتاريخه. لقد أنجزنا في المرحلة الأولى والثانية 33 كنيسة، ونحن على مشارف انتهاء المرحلة الثانية. ونحن اليوم في صدد البدء بالمرحلة الثالثة التي تشمل 30 كنيسة جديدة، واستلمت الجهات المعنية الأموال وبدأت بمرحلة المناقصات. وبالتالي، نكون أمام مشروع تضمن ترميم 63 كنيسة في كل المناطق اللبنانية، ونأمل باستكماله في مراحل لاحقة، وهذا دليل اكثر من رمزي من الدولة الهنغارية ومشروع Hungary Helps على الأهمية التي يعطوها للحفاظ على الارث والتمسك بالجذور والبقاء في الأرض. هذا جوهر السياسة الهنغارية الداعمة لنا، من دون ان تتدخل هنغاريا بشؤوننا الداخلية ومن دون حتى محاولة التباحث حولها”.
وأردف: “طبعا، إن هنغاريا هي جزء من الاتحاد الاوروبي، وهي ايضا كانت داعمة للبنان من ضمن سياسة الاتحاد وسياسة حسن الجوار الجنوبي مع منطقتنا وبلدنا، وايضا لاتفاقية الشراكة بين الاتحاد ولبنان ولكل سياسات الدعم الأوروبي لنا. لبنان واوروبا جاران والتواصل بينهما تجاريا واقتصاديا وسياسيا وثقافيا هو حتمي، ولا يجب ان يحصل اي أمر يضر به. لبنان منفتح ومتواصل مع الغرب، واوروبا بوابة هذا الغرب بالنسبة له. سياسة الحوار والجوار ضرورية، وأي انقطاع لها سيئ للاثنين”.
وأشار إلى أن “سياسة إعطاء الحوافز للبنان لاجراء الاصلاحات مفيدة ومساعدة له على اجراء إصلاحاته المطلوبة. أما سياسة العقوبات فستكون مضرة لأنها لم تكن مفيدة اساسا في اي مكان في العالم، وتحديدا ستؤدي مع لبنان الى ابعاده عن اوروبا والغرب والأخذ به أكثر الى الشرق، فيما لبنان يرغب في أن يبقى متوازنا. إذا، سياسة العقوبات ستدفع به، رغما عنه، لفقدان هذا التوازن. واضافة الى ذلك، ستؤدي الى فقدان التوازن داخل لبنان وإلى زيادة التطرف فيه، وهذا ما سيؤذيه في داخله، وسوف يؤذي اوروبا بزيادة عناصر التوتر المصدرة اليها. هذا تماما ما نبهنا منه اوروبا من ازمة النازحين السوريين الى لبنان واليها. أما المجر فتنبهت منذ البدء، واتخذت الاجراءات بعكس سياسة الاتحاد الأوروبي، وحمت نفسها، بينما بلدان اخرى لم تأخذ بتحذيراتنا ودفعت اثمانا كثيرة وغيرت سياساتها لاحقا، وانتم تتابعون الأخبار الآتية من اوروبا، والدانمارك هي مثل”.
أضاف: “كان يهمنا ان نحافظ على السوريين في سوريا لكي لا يتغير النسيج السوري وتتأذى سوريا ولبنان والمنطقة، وألا يتغير ايضا النسيج الأوروبي لكي لا تتأذى دول اوروبا ويتأذى معها لبنان ودول المنطقة. هذا لا يمنع الضيافة وحسن الاستقبال وتوفير كل شروط حقوق الانسان، انما هنا أتحدث عن سياسة الدمج الجبري واللامتناسب مع الجغرافيا والديمغرافيا والاقتصاد والمجتمع، فأي اندماج طبيعي بين الشعوب هو مرغوب لأنه قبول بالآخر ولأنه التسامح والتنوع بعينه. أما الاندماج الجبري والمضخم والمصطنع الناتج من سياسات دولية أو إقليمية ففيه خراب للأوطان، سواء أكان البلد مرحلا منه أو مستقبلا، وكذلك بالنسبة إلى الشعوب سواء أكانت ضيفة أو مضيفة. لقد تفهمت المجر منذ البدء هذا الموقف ودعمتنا فيه. أما دول أخرى فهاجمتنا وعاقبتنا عليه، وانظروا النتيجة. إن العودة ستتم، والدول ستعود إلى موقفنا، لكن هناك خسارة سنوات واموال ودماء وهناك خراب أوطان وشعوب”.
وتابع: “الأمر المفيد الذي يمكن ويجب على أوروبا ان تقوم به إذا ارادت مساعدتنا، هو اتخاذ اجراءات ضد اشخاص او كيانات في لبنان أساءت استعمال المال العام واوصلت البلد الى الافلاس والانهيار، فأوروبا بأمر كهذا، تتسلح بالقوانين الدولية والاتفاقات الثنائية وباتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وبإمكانها حجز الأموال التي هربت من لبنان قبل تاريخ 17 تشرين 2019 وبعده وبإمكانها أيضا ملاحقة الاشخاص اللبنانيين القائمين بعمليات فساد وتبييض اموال وفق اثباتات تقوم اولا على التحويلات الحاصلة من لبنان باتجاه مصارف اوروبية وتقوم ثانيا على اموال صرفت من قبل الأوروبيين لمساعدة لبنان او النازحين في لبنان وجرى سوء استخدامها. هذه امور يمكن تبيانها واقتفاء اثرها. وباتخاذ اجراءات عقابية بحق اصحابها، يكون هذا أكبر دافع وأكبر مساعدة لاجراء عملية الاصلاحات في لبنان، وفي ذلك تخفيف لتأثير المعطلين لهذه العملية الاصلاحية ويمنعون اقرار الاصلاحات”.
واعتبر أن “الحكومة مطلوبة في لبنان وضرورية ومستعجلة، ولكن لإجراء الاصلاحات وليس لمنعها”، وقال: “إن الحوافز من أوروبا مشكورة للتشجيع على القيام بالإصلاحات ولربط المساعدات باجراء هذه الاصلاحات، والعقوبات مرغوبة اذا قامت على اساس اصلاحي وأسس قانونية ثابتة لمعاقبة الفاسدين، وليس على أسس سياسية غير مفهومة أو مبررة. غير ذلك سيكون فيه ابتعاد بين لبنان وأوروبا، وهو ما لا نريده”.
وختم: “أشكر مجددا لصديقي بيتر زيارته ودعمه والتفكير فينا حتى في موضوع كورونا وتقديم مساعدات للحماية والوقاية من هذا الوباء. نحن سنتابع ونستمر سويا من خلال بلدينا وحزبينا بتعاون ثنائي وحزبي”.
سيارتو
وتحدث سيارتو فقال: “بعد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الاوروبي، استطعت اللقاء بكم هنا إذ في الجلسة الاسبوعية الماضية كان لبنان على الطاولة”.
أضاف: “بالنسبة إلى هنغاريا، فإن استقرار الشرق الاوسط وأمنه أمران مهما جدا لأن ذلك يتعلق بالأمن الاوروبي ومنطقة وسط أوروبا بالتحديد، فلا يمكن تخيل سلام الشرق الأوسط وأمنه من دون أن يكون هناك سلام وتطور هادىء في لبنان. وكمجريين، نحن ندعم المقاربة الواضحة والصريحة مع لبنان، وكنا دائما نقول للاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية: لا تعتبروا لبنان دولة غير رياضية أو غير صريحة أو سيئة، إنما يجب أن تكون المقاربة متوازنة وصريحة”.
وتابع: “نتفق على أنه ليكون البلد مستقرا فهو يحتاج إلى حكومة ثابتة وقوية تستطيع ممارسة مهامها بشكل جيد. ولتحقيق ذلك، نعتبر أن هذه المسألة هي شأن لبناني داخلي، ولا نعتبر أننا نعرف أكثر من اللبنانيين ما يناسبهم. ولذلك، نرفض أي ضغط خارجي على لبنان وأي محاولة ضغط خارجي، خصوصا محاولات الضغط التي تمارس على حزب معين أو على حركة سياسية معينة. وكذلك، نرفض محاولات الضغط التي تستهدف طائفة دينية أو حزبا يمثل طائفة دينية معينة”.
وأردف: “تحدثنا عن العقوبات، واتفقنا على أنه ليس صحيحا أن يقوم الاتحاد الاوروبي في هذا الوضع الصعب الذي يعانيه لبنان، بوضع العقوبات على أشخاص منتخبين من قبل الشعب اللبناني بديموقراطية وبشكل قانوني، ولن ندعم ذلك أبدا. لن نقبل أبدا بأن تفرض عقوبات على أكبر حزب لبناني يمثل المسيحيين، وسنتحدث بذلك دائما لتكون المقاربة متوازنة وعادلة”.
وقال: “أعتقد أن الظلم هو أن تركز العقوبات على أحزاب. بدلا من الضغط الخارجي، يحتاج لبنان إلى مساعدة حقيقية تترجم بخطوات عملية، ولا تكون مساعدة بالكلام فقط”.
أضاف: “أود أن أعلمكم بالنقاط الست التي نحن نساعد فيها: مكافحة وباء كورونا، وأحضرنا معنا اليوم 20 جهاز تنفس و20 ألف قناع طبي لمساعدة لبنان لمكافحة الوباء العالمي. لقد استثمرنا العام الماضي في المجالات الدينية والتربوية والصحية بقيمة 4 ملايين دولار. وبعد انفجار مرفأ بيروت، أعطينا أكثر من مليون يورو إلى البطريركية المارونية لتساعد المتضررين، ورممنا 33 كنيسة بمليون وخمسمئة ألف دولار في لبنان. ونحن جاهزون لإطلاق المرحلة الجديدة لترميم 30 كنيسة أخرى بمليوني دولار، ونعطي 50 منحة دراسية لطلاب لبنانيين ليتعلموا في جامعات هنغاريا ونشارك في قوات اليونيفيل”.
ودعا “المنظمات الدولية إلى دعم لبنان في مواجهته لظاهرة الهجرة غير الشرعية”، وقال: “هناك أكثر من مليون ونصف مليون نازح، وهذا يعني ضغطا ماديا كبيرا جدا على الدولة اللبنانية. نحن كهنغاريين علينا العمل على إنهاء الاسباب المؤدية إلى الهجرة، وألا نحفز موجات جديدة منها. وإذا انتهت الأسباب، فعلى اللاجئين والمهجرين العودة إلى بلدهم، وهذا هدف يجب أن تعمل عليها السياسة الدولية. إذا كانت الظروف متوافرة للعودة، فيجب العودة إلى البلد الأم. نحن نقف بجانب لبنان في هذه المسألة، ونثمن جهوده إذ لولا لم ينفق أموالا على هؤلاء المليون ونصف مليون، فهذا كان سيقع على عاتق أوروبا وكانت ستكون العواقب وخيمة عليها، خصوصا من الناحيتين الصحية والثقافية. ولذلك، لا يجب تلقين لبنان الدروس ولا تهديد المسيحيين بالعقوبات من أوروبا، فما يحتاجه لبنان هو الدعم الحقيقي، ونحن جاهزون لتقديمه وسنحتفظ بسياستنا الداعمة للمسيحيين. شكرا للصديق جبران باسيل، وأتمنى لكم كأكبر حزب مسيحي في لبنان دوام العمل والتوفيق والصحة الجيدة”.
Comments are closed.