متحدون للنائب العام المالي من أمام قصر العدل: “كيف تنام الليل وكل هذه الفظاعات تحصل في نيابتك”؟!
نفذّ تحالف متحدون وقفة أمام قصر العدل في بيروت اليوم الأربعاء 23 أيلول 2020، وقد ألقيت كلمات لكل من المحاميين من التحالف رامي عليق وسينتيا حموي وللمنسقة الإعلامية سالي قرفلي، أبرز ما جاء فيها:
قرفلي: “نقف هنا اليوم لنعتذر من كثيرٍ من المواطنين الذين قالوا لنا “عم بتعبو حالكن”، إذ كنّا على إصرارٍ تامّ أن نستنفد كلّ أملٍ أو فرصةٍ للمتابعة بالدعاوى القضائية بوجه الفساد، لكن، ومع الأسف، فقد تعبنا وبدل أن تكون مشكلتنا محصورة فقط بالنظام السياسي، ها هي الآن نجدها في مكانٍ آخر: القضاء. وكأنّنا كالغارقِ في وحلٍ من الفساد القضائي يستنزف منّا كلّ جهدٍ للنفاذ عبره في وقتٍ نجهد أيضاً للبقاء على قيد الحياة: مماطلات، بطء في التحقيقات، لفلفة، تهرّب من المسؤولية، تلاعب بملفات، إخفاء مستندات، والحبل على الجرّار… كلّ ذلك يحصل داخل أروقة القضاء، بكلّ أسف، ممّا لم يترك أمامنا طريقاً نسلكه سوى التعبير عن صرخة ظلمٍ وذلٍ وفقرٍ وضياع قد أضحت صرخة كلّ مواطن لبناني أكان مقيماً أم مغترباً. كفى، فلا يمكننا بعد الآن الوقوف في مكاننا، وليكن ما يكون من أي مواجهة أصبحت لا بدّ منها”.
حموي: “وقفتنا اليوم ليست إلّا استكمالاً لما بدأناه منذ العام 2016 في معركتنا ضدّ الفساد، ومنه الفساد في البلديات، الأكثر شيوعاً. وبعد الادعاء على رئيس وعدد من أعضاء بلدية مروحين في الجنوب في العام 2017 بجرائم الاختلاس والهدر والتزوير والتحريف والفواتير الوهمية وسواها، تجدنا اليوم في تحالف متحدون على وقع الصدمة أمام ما شهدناه من تلاعبٍ وإخفاءٍ لمستندات في ملف الدعوى من قبل النائب العام المالي، ممّا عطّل السير بالدعوى أصولاً من قبل قاضي التحقيق في الجنوب. لقد سئمنا من التقدّم بالشكاوى المسلكية أمام هيئة التفتيش القضائي نتيجة كل ذلك الإخلال بالواجبات الأساسية والأصول الجوهرية لأي قاضٍ بدءًا بملف الضمان الاجتماعي ومروراً بملفي النفايات وفساد البلديات وانتهاءً بملف انفجار المرفأ، حيث لم تُصلح الشكاوى المسلكية المخالفات الفاضحة في تلك الملفات والتي أدّت إلى توقف السير بها، مع خاسرٍ أكبر: المواطن”
علّيق: “قبل أن أتحدث بالمعطيات الأخيرة “الفضيحة” والتي تطال كبار القضاة وتحديداً النائب العام المالي، ألفت إلى أن الحلّ لمشكلتنا ليس فقط في السياسة وإنما في القانون وفي بناء قضاءٍ مستقلٍ قادرٍ على المحاسبة وإعطاء كل ذي حقٍ حقّه، والأولى أيضاً إعادة النظر في المنظومة الأخلاقية التي تحكم شراكتنا في الوطن، كون الفساد قد أضحى وباءً لم يوفّر لا الصغير ولا الكبير، وعليه يتعدّى ما سنقوله المنحى الشخصي ليكون أزمة قضاء عاجز قبل أي شيء آخر.
بالأمس طالعنا رئيس مجلس النواب بمقولة أن “القضاء للضعفاء”، حيث أننا لم نعِ أبعاد ذلك إلّا بعد أن تقدّمنا بالقسم الأكبر من شكاوينا أمام النائب العام المالي المحسوب على رئيس المجلس النيابي. وقد جهِدنا بكلّ ثقةٍ واندفاع من أجل الوصول ولو لقرارٍ جديٍ واحد يعيد مالاً مختلساً أو يضع مرتكباً كبيراً وراء القضبان. إلّا أن هذا لم يحصل، لا بل صُدمنا بما يلجأ إليه النائب العام المالي من أساليب إخفاء المستندات من الملفات والتلاعب ببعضها، ناهيك عن قرارات الحفظ اللامتناهية بحيث تنتهي شكاوى تطلّبت كداً وجهداً كبيرين على مرّ السنين بـ “دردشة مع فنجان قهوة”!
وقد طال ذلك كلاً من ملفات الضمان الاجتماعي والنفايات وفساد البلديات والمصارف والصيارفة وغيرها، إذ كان آخرها دعوى الفساد في بلدية مروحين والتي كلَلنا ومَللنا من المراجعات فيها أمام قاضي التحقيق الأول في الجنوب القاضي مرسال الحدّاد بسبب “الأوراق الناقصة” من الملف، وذلك في سياق التلاعب المشار إليه آنفاً. فكيف بك كنائبٍ عامٍ ماليٍ أن تنام الليل ويحصل كل هذا في نيابتك؟ أي أجيالٍ تتخرّج على يديك وأنت أستاذٌ جامعي؟ إن ما تقوم به هو الفساد القضائي الأخطر في لبنان باعتبار أن كل ملفات الفساد المالي واستعادة الأموال المنهوبة تحت سلطتك، فلا نرى أملاً بمكافحة فسادٍ أو تحقيقٍ جنائي أو أي إصلاحٍ مالي وأنت في منصبك. لا نتحدث في السياسة ولكن طالعتنا بدعة وزارة المالية والاعتبارات الطائفية الأخيرة وكأن ما أنجزه “الشيعة” على يديك وأنت المحسوب على رئيس المجلس هو مدعاة للفخر، ونحن قد تابعنا ورأينا وعشنا قمّة الفساد المالي على يديك، أنت ورئيس المجلس “الشيعيين”، مع اضطرارنا للتحدث بهذه الوقائع كما يتمّ التداول بها كوننا غير معنيين إلّا في بالمتابعة القانونية لما بين أيدينا من ملفات.
في هذا المقام، أتوجه بالكلام إلى رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود للمرّة الأخيرة الذي كان شاهداً بدوره على كمّ من الملفات التي تمّ التلاعب بها من قبل النائب العام المالي أو التي أجهض فيها أي أملٍ بالمحاسبة على يدّ النائب العام التمييزي. أقول لك لم يعد يكفي التذرّع بالصلاحيات أو الاكتفاء بالنزاهة أمام هذا الوضع الاستثنائي الذي بلغه القضاء، فإمّا تحرّك وخض غمار الإصلاح الموجع أو تنحّى كون اللبنانيين يأملون منك ما يأملون لأنك على رأس القضاء، إن الخاسر الأكبر في كلّ ملفات الفساد تلك هم المواطنون من كادحين أو مودعين أو سواهم.
ختاماً، أجدد مناشدتي لرئيس الجمهورية كونه حامي الدستور، إن كان لديه أي نيّة جدّية بالتغيير والإصلاح، أن يتدّخل لوقف كلّ هذه المهزلة، أبى من أبى، بعد أن أصبحت مشكلتنا هي القضاء بعينه بدل أن كنّا نأمل منه المحاسبة، ممّا بنذر بالسقوط الكامل”.
Comments are closed.