“قانا” مقابل “كاريش”.. هل تنجح المعادلة في حل نزاع لبنان وإسرائيل؟

لبنان وإسرائيل Cedar News المعادلة

غادر المفاوض الأمريكي لترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل أموس هوكشتاين لبنان حاملا موقفا موحدا بشأن الحدود مع إسرائيل.

ولم تكن زيارة الوسيط الأمريكي إلى بيروت هذه المرة تشبه الزيارات السابقة، والتي كانت تتمحور حول نقل أفكار فقط، إنما أتت بطلب لبناني عاجل للإدارة الأمريكية، لتفعيل وساطتها.

جاء ذلك بعد وصول سفينة إنتاج وتخزين يونانية تعمل لصالح الحكومة الإسرائيلية على مقربة من حقل كاريش الذي ستبدأ إسرائيل استخراج الغاز منه في وقت قصير.

والفارق الثاني بهذه الزيارة هو الموقف اللبناني الموحد من ترسيم الحدود، بعد خلافات سابقة بين الأطراف داخل بيروت، واعتماد رأي ثابت بالنسبة للخطوط البحرية والمساحات التي يراها من حقه.

وجاء هذا بعد مطالبة الوفد العسكري اللبناني المشارك في المفاوضات الحدودية بمساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش” وتُعرف بالخط 29، بعدما كانت تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة.

وازداد الانقسام اللبناني، بعد توقف المفاوضات بين فئة تطالب بتثبيت الخط 29 عبر مرسوم موقع من الحكومة والرئاسة اللبنانية وإرسالها إلى الأمم المتحدة، وبين فئة ترفض هذا الأمر وتريد استمرار المفاوضات على أساس منطقي وليس عبر زيادة مساحات للوصول إلى اتفاق والاستفادة من النفط والغاز إن وجد.

إضافة إلى عدم افتعال مشاكل مع إسرائيل لأن استمرار الخلاف أدى إلى ابتعاد الشركات المنقبة عن مياه لبنان بشكل عام، وليس فقط عن الحقول المتنازع عليها.

مطالب موحدة
أما اليوم فقد اتفق أركان السلطة على مطالب موحدة وواضحة باسم الدولة اللبنانية وتم إبلاغها للوسيط الأمريكي لإبلاغها للسلطات في تل أبيب.

وفي هذا الإطار كشفت مصادر مطلعة على الملف لـ”العين الإخبارية” أن “رسالة لبنان تشمل اعتماد الوسيط الأمريكي بشكل دائم كوسيط في المفاوضات غير المباشرة”.

كما تشمل كذلك “مطالبة لبنان بالخط 23 مع الحصول على حقل قانا كاملاً، أي أن الخط المرسوم سيكون معقوفا في الجنوب ليضمّ كل حقل قانا، ثم يعود ويستقيم مجددًا”.

إضافة إلى “مطالبة إسرائيل بوقف كل الأعمال في المنطقة الحدودية إلى حين حدوث الاتفاق”، ورفع “الفيتو” عن تنقيب النفط في لبنان عبر السماح للشركات الأجنبية بأن تُباشر عملها في المناطق غير المتنازع عليها.

الخط 29
وبحسب المصادر فإنه لم يتم التطرّق إلى الخط 29 لا تلميحا ولا تهديدا، وبالتالي اعتراف ضمني أن حقل كاريش هو ضمن المنطقة الخالصة لإسرائيل وليس منطقة متنازع عليها.

ودفع إهمال الخط 29 الذي كان مدار جدل سياسي كبير في لبنان، المراقبين إلى الحديث عن “صفقة تمت بين الزعماء اللبنانيين، تقضي بمقايضة حقل كاريش بكامل قانا”.

وهذا ما صرح به رئيس التيار الوطني الحر صهر رئيس الجمهورية جبران باسيل بأن توقيع الخط 29 يستخدم كورقة ضغط وتفاوض وليس كحدود ثابتة، وتوقيعه يحدث عند الوصول إلى الحافة.

وأضاف: “عندما نوقّع خط الـ29 يعني أن هناك مواجهة سياسية إعلامية وقد تكون عسكرية”، ومعنى الكلام هو “التراجع عن الخط 29 لتفادي أيّ مواجهة عسكرية لا يحتملها البلد”.

ولكن في المقابل رفض مصدر وزاري مقرب من رئاسة الجمهورية اللبنانية الكلام عن مقايضة أو صفقة فيما يخص حقول الغاز، لكن أكد المعلومات التي تتحدث عن التخلي كاريش مقابل الحصول على حقل قانا.

وقال لـ”العين الإخبارية”: “الخط 23 هو مثبت دولياً منذ عام 2011 وعملنا على تثبيته، وفي مقابل أن الخط 29 الذي طرحه الوفد العسكري تم رفضه بالمطلق من إسرائيل”.

وأضاف: “ارتأينا القبول بالخط 23 لضمان حصولنا على حقل قانا كاملاً، أي رفض الاعتراف لإسرائيل بأي حق بهذا الحقل، من أجل الاستفادة بمرحلة أولى من استخراج الغاز كما تفعل إسرائيل، ولاحقا نتكلم بتفاصيل إضافية”.

وشدد على أنه “علينا الانتهاء من المرحلة الأولى عبر الخط 23 المثبت رسميا منذ عام 2011”.

وكشف أن “إسرائيل علقت المفاوضات منذ أكثر من 4 أشهر بسبب مطالبة الوفد 29 وهو ما تم رفضه”، لافتاً إلى أنه “في الأنظمة الدولية يمكن إعادة تعديل الحدود في حال طرأ أي مستجد”.

وتساءل: “هل يستطيع لبنان من دون اتفاق الإفادة من أي من ثرواته في المناطق النفطية كلها، طالما أن أمريكا تستطيع بنفوذها منع الشركات العالمية من التنقيب؟”.

وتابع: “وحتى لو تخطى لبنان ذلك وأنشأ مشاريعه الخاصة للتنقيب، فلن يكون بإمكانه تصدير الغاز المستخرج، ولن تجرؤ الأسواق العالمية على مخالفة الإدارة الأمريكية”.

وطالب المصدر المزايدين بـ”عدم الانخداع بالإعلام والشعبوية، عبر الحديث عن صفقات ومقايضات، بل دعم موقع الرئاسة والمفاوضين للوصول إلى حل يستطيع لبنان استخراج الغاز والنفط وهو آخر الحلول للبنان قبل الانهيار التام”.

لقاءات مكثفة للمفاوض الأمريكي
وكان المفاوض الأمريكي أموس هوكستين عقد لقاءات شملت الرئيس ميشال عون، ونبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني ونجيب ميقاتي رئيس الوزراء، ووزير الخارجية اللبناني عبد الله بوحبيب وقائد الجيشِ العماد جوزيف عون.

وختم محادثاته بمقابلة تلفزيونية بثت، مساء الأربعاء، دعا فيها إلى “التركيز على بناء لبنان أفضل، بدلا من التفكير في إيقاف الآخرين”، في إشارة إلى ضرورة التوصل لحل قضية النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل والبدء في الاستفادة من حقول الغاز الطبيعي في المتوسط.

وقال: “الخبر السار هو أنّني وجدت إجماعًا أكبر حول الرسالة، وإعدادًا جدّيًا للزيارة، وقد قدّموا بعض الأفكار التي تشكل أسس مواصلة المفاوضات والتقدم بها”.

وأضاف: “أعتقد أن ما جرى كان محاولة جدية تقضي بالنظر إلى الخيارات المتاحة للمضي قدمًا، دون أن نغفل عن بالنا فكرة أن علينا أن نقدم تنازلات والتفكير بشكل بناء”.

ولدى سؤاله عما إذا ناقش المسؤولون اللبنانيون معه الخط 29، لاسيما وأن فريق الجيش اللبناني الفني واللوجستي أفاد أنه “يعد ملفًا متينًا فيما يخص هذا الخط”، اعتبر هوكشتاين أن “أمتن الملفات الذي يفترض بالجانب اللبناني إعداده هو ما قد ينجح، والحل الناجح يقضي بالإقلاع عن التفكير هل أملك أفضل قضيّة قانونية، هل أنا في أفضل موقع لي؟”.

وتوقّفت المفاوضات التي انطلقت بين الطرفين عام 2020 بوساطة أمريكية في مايو/أيار العام الماضي، جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها.

وكان من المفترض أن تقتصر المحادثات لدى انطلاقها على مساحة بحرية تقدّر بنحو 860 كيلومتراً مربعا تُعرف حدودها بالخط 23، بناء على خريطة أرسلها لبنان عام 2011 إلى الأمم المتحدة.

لكن لبنان اعتبر لاحقاً أن الخريطة استندت لتقديرات خاطئة، وطالب بالبحث في مساحة 1430 كيلومتراً مربعة إضافية تشمل أجزاء من حقل “كاريش” وتُعرف بالخط 29.

وكان الوسيط الأمريكي طرح سابقاً تعديلات على الخط 23 لم يوافق عليها لبنان.

ويقع حقل قانا في منطقة يتقاطع فيها الخط 23 مع الخط واحد، وهو الخط الذي أودعته إسرائيل الأمم المتحدة، ويمتد أبعد من الخط 23.

العين الإخبارية – كارول صباغ

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.