عصام خليفة: الخط 23 لا يحقق مصالح لبنان.. ولا شيء يؤكد أن حقل قانا يحتوي على نفطٍ أو غاز
يقول المؤرخ والباحث في قضايا ترسيم الحدود عصام خليفة، لـ”العربي الجديد”، إنّ الخط 23 أوجدته إسرائيل، وهو لا ينطلق من الحدود الدولية أي رأس الناقورة، وهو غير قانوني وغير علمي، ولا يحقق مصالح لبنان، وهناك مساحات واسعة تخسرها البلاد في حال اعتماده.
لبنان يبلغ الوسيط الأميركي شفهياً بمقترح جديد لترسيم الحدود البحرية
ويلفت إلى أنه إثر دراسة قام بها المكتب الهيدروغرافي البريطاني لترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان عام 2011، تم التأكيد أنّ الخط 23 فيه عيوب، وأوصت باتباع طريقة ترسيم تعطي لبنان مساحة إضافية جنوب الخط 23، وهكذا كان ترسيم الخط 29، لكن هذه الدراسة وغيرها من الدراسات التي تؤكد أهمية الخط 29 لم تعرض على مجلس الوزراء عام 2011، رغم تكليف الدولة للمكتب الهيدروغرافي بهذه المهمة، ودفع المال اللازم لذلك. مع العلم أن الإقرار بالخط 23 الذي ينطلق من 30 متراً شمالي رأس الناقورة يحتم تغييراً أيضاً بالحدود البرية، وهي المثبتة والمرسمة في اتفاقيات عصبة الأمم، وبين لبنان وإسرائيل بعد الهدنة، و”هذا أمرٌ خطير جداً”.
ويذكّر خليفة بأنّ الرئيس ميشال عون نفسه كان أكد في رسالة وجهها إلى الوفد اللبناني المفاوض، أنّ خط التفاوض ينطلق من رأس الناقورة ولا يعطي تأثيراً لصخرة تخليت، في حين أنّ الخطوط 1 و23 وهوف، لا تنطلق من رأس الناقورة إنما من شمالها، وتعطي تأثيراً كاملاً لصخرة تخليت بما يناقض المادة 121 من قانون البحار، وهو كان السبب وراء توقف الجانب الإسرائيلي عن التفاوض.
وتُعدّ تخليت صخرة قرب رأس الناقورة بطول 40 متراً وعرض 7 أمتار، ويستغلها الإسرائيلي للقول إنها جزيرة، بهدف دفع الخط شمالاً، في حين أنّ قانون البحار، وتحديداً المادة 121 منه المتعلقة بنظام الجزر، تنصّ على أنه “ليست للصخور التي لا تهيئ استمرار السكنى البشرية أو استمرار حياة اقتصادية خاصة بها منطقة اقتصادية خالصة أو جرف قاري”، وبالتالي فإنه يجب أن تكون مأهولة وقابلة للسكن، وتخليت لا تتوافر فيها هذه الشروط.
ويشير خليفة إلى أنّ الخط 29 هو الخط القانوني الذي يعطي لبنان مساحة 1430 كيلومتراً مربعاً إضافياً عن الخط 23، ويعطي لبنان كميات أكبر من الغاز والنفط والمياه الجوفية الحلوة والثروة السمكية، وبالتالي ثروة بمئات مليارات الدولارات، وجزءاً من حقل كاريش، عدا عن حقل قانا.
يستغرب خليفة طريقة التعاطي مع الملف، والتصريحات غير الواضحة من قبل المسؤولين الذين لا يكشفون عن تفاصيل المقترح اللبناني للوسيط الأميركي
حقل قانا.. لا شيء يؤكد أنه يحتوي على نفطٍ أو غاز
ويتطرق إلى دراسة أوردتها المجلة الأميركية العلمية “يو أس جيولوجيكال سيرفاي”، تقول إنّ حوض المتوسط الشرقي يوجد فيه 1.7 بليون برميل نفط و122 تريليون قدم مكعبة من الغاز، ما يُعدّ بمثابة أكبر اكتشاف نفطي في العالم منذ عقودٍ، مشيراً إلى أنّ ذلك يعني تخلّي لبنان، في حال عدم التحرك دفاعاً عن حقوقه الوطنية، عن ثروة بمئات مليارات الدولارات.
ويوضح المؤرخ اللبناني أنه “إذا قسمنا هذه الثروة على المناطق الاقتصادية الخالصة لقبرص وإسرائيل وسورية ولبنان، لأمكننا أن نستنتج أنّ الثروة التقريبية للبنان لا تقل عن 1725 مليار دولار، ومن النفط أيضاً مبالغ لا تقل عن ذلك، في حال أخذ 1/3 مردود من الغاز ومن الشركات المشغلة”.
ويشير خليفة إلى أنّ المسؤولين اللبنانيين يفترض أن يتمسّكوا بالخط 29 وإيداعه للأمم المتحدة والتفاوض انطلاقاً منه، لأنه الخط الوحيد الذي ينطلق من رأس الناقورة، لافتاً في المقابل إلى “أننا لا نعلم على أي قواعد يريدون اعتماد الخط 23، وحقل قانا لا شيء يؤكد أنه يحتوي على نفطٍ أو غاز، فلا أحد قام بالحفر هناك، علماً أنه كان بإمكان لبنان أن تكون لديه حقوق في حقل كاريش أيضاً”، سائلاً “لماذا تقديم تنازلات ولبنان في موقع القوة؟ ولماذا التنازل والتراجع والجانب الإسرائيلي هو الذي يخسر ملايين الدولارات بحال عدم استغلال كاريش؟”، مضيفاً: “لو كانت إسرائيل جدية، لما لزّمت البلوكات في المنطقة المتنازع عليها بين 23 و29 وتلهينا بالكلام”.
ويستغرب خليفة طريقة التعاطي مع الملف، والتصريحات غير الواضحة من قبل المسؤولين الذين لا يكشفون عن تفاصيل المقترح اللبناني للوسيط الأميركي، مشدداً على أنّ هذه الثروة بمئات مليارات الدولارات “هي ملك الشعب اللبناني، لكن المسؤول يتصرّف وكأنها ملكية خاصة له ويتعاطى بسرية تامة معها، بينما يفترض أن يناقش هذه القضية مع مجلسي النواب والوزراء والاختصاصيين وتوضع أمام الرأي العام، والأهم أن تناقش مع الجيش الذي هو مكلف حسب القانون بوضع الخطوط، وهو وضع الخط رقم 29 ولا يحق لأحد تغييره إلى الخط 23”.
Comments are closed.