غياب بري عن لقاء بعبدا يغيّب وحدة الموقف أمام هوكشتاين: لبنان لا يقبل بأقل من الخط 23
غياب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن لقاء الرئيسين ميشال عون ونجيب ميقاتي في بعبدا، كرس عدم توحد موقف السلطة اللبنانية بفروعها الثلاثة حول الرد الرسمي، فيما يخص ترسيم الحدود الجنوبية البحرية، الذي ينتظره الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، العائد إلى بيروت اليوم أو غدا، جوابا عن مقترحاته السابقة.
وعلمت «الأنباء» ان الموقف الذي سيتم ابلاغه الى هوكشتاين هو ان لبنان لا يقبل بأقل من الخط 23 مع حقل «قانا» كاملا، وان المطلوب العودة سريعا الى المفاوضات غير المباشرة في الناقورة للوصول الى اتفاق، وان بدء اسرائيل استخراج الغاز من حقل «كاريش» قبل الاتفاق على ترسيم الحدود يعرض الامن والسلم الدوليين للخطر.
وقد رد اعتذار بري عن عدم الحضور، إلى كون ملف التفاوض بات في قبضة الرئيس عون، وبالتالي لا حاجة للقاء يصدر عنه موقف باسم الرؤساء الثلاثة، خصوصا أن بري يعتبر نفسه «بَيّ اتفاق الإطار»، الذي انطلقت المفاوضات غير المباشرة على أساسه، والذي ترك مهمة تحديد الخطوط البحرية الفاصلة، إلى المفاوضات غير المباشرة.
وترى أوساط نيابية أن الرئيس عون يريد من هذا اللقاء إبراز سيطرته على هذا الملف، وذلك لا ضرورة له – برأي هذه الأوساط – لأنه سبق لبري أن تخلى عنه.
المصادر المتابعة قرأت في موقف بري من لقاء بعبدا، إعلانا ضمنيا بإنهاء مفاعيل التحالف، من تحت الطاولة، مع الرئيس عون وفريقه الذي نشأ بين الطرفين عبر «حزب الله» في الانتخابات النيابية، وانتخابات رئاسة المجلس ونيابة الرئاسة ورؤساء وأعضاء اللجان النيابية، ما يعني أنه لن يسري على الاستحقاقات الأخرى المقبلة، من تشكيل الحكومة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ويلتقي الرؤساء الثلاثة عند الخط البحري 23، كحد فاصل بين لبنان والكيان الإسرائيلي، ويبدو ان رئيس مجلس النواب لا يريد أن ينغمس في السجالات القائمة حول الخط 29 او غيره، بعدما أعلن رئيس الجمهورية أن المفاوضات ذات الطابع الدولي هي شأنه وحده.
وعلى هذا، فقد يصل الوسيط الأميركي إلى بيروت، ولا يجد الجواب عن مقترحاته الترسيمية والسياسية جاهزة، بعد ثلاثة أشهر من مغادرته لبنان.
لكن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، الذي ودع هوكشتاين بعشاء تكريمي، قبل ثلاثة اشهر، سيستقبله يوم الاثنين بمأدبة مماثلة، يطمح من خلالها إلى رسم معالم جديدة للموقف اللبناني الرسمي، ثنائيا، إن تعذر ثلاثيا، من شأنها ان تسهل التفاوض مع هوكشتاين، لأنه في حال استمر الغموض، سيد الموقف في موضوع الخط البحري، بذريعة تجنب التطبيع المائي مع إسرائيل، يعني الهروب من السيئ إلى الأسوأ، في بلد غارق بالشقاء، البحر من امامه والعدو من ورائه، وليس في الميدان من طارق بن زياد آخر يطلق الصرخة المدوية، الأمر الذي أتاح للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إطلاق الإنذارات ورسم الخطوط الحمراء، فارضا نفسه راعيا للجانب اللبناني في المفاوضات المطروحة.
لذلك يرى المفكر الإسلامي د. رضوان السيد أن وضع لبنان السيئ، أسوأ من أي وضع في المنطقة، خصوصا لجهة عمل المؤسسات، حيث لم تعد هناك من مؤسسة عاملة، ولا حتى مؤسسة رئاسة الجمهورية، حيث الإرادة المنفردة للرئيس عون وصهره، كما للثنائي الشيعي، عطلت كل شيء، بما يذكرنا بقول لشكسبير: المصائب لا تأتي فرادى، فعندما تزول المؤسسات، ويحل محلها الأفراد الفاسدون تعجز الإرادة الوطنية حتى في انتخابات يقال انها حرة عن تكوين إرادة جامعة، وهو ما لا يبعث على الاطمئنان.
موعد هوكشتاين في بعبدا يوم الثلاثاء، حيث سيكون الموقف الموحد من موضوع الترسيم البحري غائبا، ومعه أي حجة لبنانية بوجه النهم الإسرائيلي للغاز والنفط اللبنانيين، فلا تعديل المرسوم 6433 الذي يحصر حدود لبنان بالخط 23 حصل، ولا أي إشارة للخط 29، علما أن الرسالة الرسمية التي وجهها لبنان إلى الأمم المتحدة في 22 يناير 2021 لا تفي بالغرض، وبينما المسؤولون اللبنانيون يتجادلون حول أي خط بحري يعتمدون، باشرت الحفارة «إنرجيان باور» التنقيب، تمهيدا للشروع بالشفط، كأمر واقع.
في حين احتجت اليونان رسميا على اعتبارها يونانية، من جانب نصر الله واستدعت القائمة بأعمال السفارة اللبنانية لهذه الغاية.
على الصعيد الحكومي، انتظار لتوجيه الرئيس عون الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة والتي وعد بحصولها في قريب الأيام إنما دون تحديد موعد.
رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، تمنى أن يتم التكليف الحكومي سريعا، ومن دون شروط وتعقيدات يضعها أي فريق بوجه الرئيس المكلف.
ويذكر ان ضمن الشروط المرفوضة من قبل ميقاتي وبري طرح الرئيس عون إقالة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وإبقاء وزارة الطاقة في قبضة جبران باسيل او من يمثله، تجنبا لتعويم العهد في آخر لحظاته.
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، قال في لقاء في بلدة «مرستي» أمس: «يطبخون الطبخة معا، وهناك نيات ليست مليحة، وهذا من شأنه تعطيل ولادة الحكومة»، ولاحظ جنبلاط ان تأخير الاستشارات مخالف للدستور.
في غضون ذلك، يصل الممثل المقيم لصندوق النقد الدولي في لبنان فريدريكو ديما إلى بيروت في 21 يونيو الجاري، وهو متخصص بسياسات الأسواق الناشئة والاقتصادات ذات الدخل المنخفض، ومنصبه شاغر منذ 11 سنة.
وفي سياق آخر، حذرت مراجع لبنانية، غير سياسية، عبر «الأنباء»، من رهان لبنان على صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي، بسبب مخاطر ماثلة للعيان، في عدة بلدان عربية وغير عربية، حيث تحولت الاستدانة من أجل التنمية، إلى استدانة من أجل تسديد فوائد اصل الدين، ما أغرق ذلك البلد بالتضخم فوق الديون.
الانباء – عمر حبنجر – داود رمال
Comments are closed.