السنيورة: رفض كل دعوات الانكفاء لأنها ستصب في خدمة مشروع إيران وحزب الله
أكد الرئيس فؤاد السنيورة، في كلمة القاها في حفل افطار اقامه على شرفه المرشح للانتخابات النيابية في تعلبايا البقاعية الدكتور بلال الحشيمي في دارته، في حضور النائب جورج عقيص والنائب السابق إيلي ماروني و المرشحين الياس اسطفان الدكتورة ديما ابو دية، الدكتورة سابين المعلوف وبيار دمرجيان، “ان مصلحة الوطن هي في ألا نستسلم أمام الواقع المرير، وأن نرفع الصوت ونقول لا لمن يريد تدمير لبنان خدمة للمشروع التوسعي الإيراني في كل المنطقة”.
وقال السنيورة: “مبارك هذا الإفطار الرمضاني، ومبارك هذا اللقاء معكم ومع أهلنا في البقاع، ونحن في العشر الأواخر من هذا الشهر المبارك، وفي رحاب ليلة القدر، وفي أيام الفصح المجيد وعشية عيد الفطر السعيد. هي مناسباتُ خيرٍ لنرفع الدعاء جميعاً إلى الله العليّ القدير أن يحمي لبنان كل لبنان، بكل مناطقه من الشمال إلى الجنوب إلى الجبل، إلى البقاع والعاصمة بيروت، وليحمي اللبنانيين- كل اللبنانيين- مسلمين ومسيحيين، بتنوعاتهم الفكرية، والثقافية والسياسية، ويجمع بينهم ويوحّد نظرتهم إلى المستقبل الزاهر الذي يستحقونه، وهو لا يكون من دون بناء دولتهم الواحدة الموحدة، دولة القانون والعدالة والنظام، دولة العيش المشترك. الدولة التي تحفظ حقوق الناس، وتُؤمِّن لهم حياة ومستقبلاً أفضل. الدولة التي تلتزم بواجباتها وحقوقها على مواطنيها بالمساواة، ومن دون تمييز إلاّ على أساس الكفاءة والجدارة والاستحقاق”.
أضاف: “كنا نأمل أن يعيش اللبنانيون هذه الأعياد والمناسبات الدينية، وهم في أحسن حال، لكن مع الأسف، ها هم يعيشونها وهم في أسوأ الظروف: لا دولة، لا عدالة، لا قانون. أموالهم محتجزة. دولتهم سيطرت عليها الدويلة. والنتيجة فقر وعتمة وجوع”.
وتابع: “بالأمس شهدنا واحدة من نتائج هذه الحال، بسقوط هذه الضحايا البريئة من اللبنانيين من أبناء طرابلس والشمال الأعزّاء الذين فقدوا حياتهم في قارب الموت، وهم يسعون وراء لقمة العيش، وكأن خطر الموت على الأرض أعظمُ من خطر الموت في البحر، ففروا من الأرض أملاً في حياة كريمة لهم ولأبنائهم”.
وسأل: “هل يكفي الاستنكار والمطالبة بالتحقيق وتحديد المسؤوليات؟ أم علينا أن نقرأ الأسباب التي دفعت بأولئك الأبرياء إلى المجازفة بحيواتهم بهذه الطريقة، هرباً من هذا الواقع الأليم؟”.
وقال: “أيها الأحبة في هذه القاعة وفي كل بيت من بيوت البقاع الغالي، لا أُخفيكم، أنني وأنا في طريقي إلى البقاع، عادت بي الذاكرة إلى أخي ورفيقي الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وتذكّرت حبّه وشغفه بالبقاع وأهلِهِ وأرضه، وهو الذي كان يصف أهل البقاع بأصحاب الوجوه التي لوحتها شمس البقاع الساطعة، وأصحاب القلوب البيضاء النقية. أهل البقاع الذين رغم إهمال الدولة لهم ولمنطقتهم ولحقوقهم، ظلّوا متمسكين بها لإدراكهم أنها أمل اللبنانيين ببناء حياةٍ أفضل، وهو ما عمل عليه الرئيس الشهيد، وظلّ جاهداً في سعيه لإنقاذ لبنان، وتعزيز أوضاع منطقة البقاع المعيشية والإنسانية”.
وتابع: “تذكّرت أيضاً ما بعد استشهاد الرئيس رفيق الحريري، حين تابعت مع أخي الرئيس سعد الحريري، الحاضر برغم الغياب، مشوار إنقاذ لبنان، الذي اعترضته سطوة صاعدة نشأت وتعززت بنفوذ خارجي قاهر تبغي استكمال مشروع الهيمنة على لبنان وعلى دولته لحساب دولة أجنبية وخدمة لمصالحها، ما حال دون متابعة واستكمال هذا الإنقاذ”.
اضاف: “لقد عطّلوا الوسط التجاري باحتلال وحصار السرايا الحكومية، ودمّروا الحياة التجارية والاقتصادية لسنة ونصف السنة، ليفرضوا إرادتهم ومشاريعهم السياسية التسلطيّة. لكننا صمدنا سياسياً، ونجحنا في تحقيق أطول فترة وأعلى نمو اقتصادي بتاريخ لبنان على مدى السنوات 2007-2010. لكنهم، ومع الأسف، عمدوا بعدها إلى السيطرة على جزء وازن من مداخيل الدولة في المرفأ والمعابر الشرعية وغير الشرعية. وكانوا قد عمدوا إلى اقتحام بيروت واحتلالها بواسطة ميليشياتهم العسكرية في السابع من أيار 2008، ليحصلوا على الثلث المعطّل وعبر اتفاق الدوحة، وليطيحوا بعدها بحكومة الرئيس سعد الحريري في مطلع العام 2011، وليعلنوا بذلك استكمال سطوتهم على الحكومة اللبنانية ومسارات تشكيلها وعملها، وعطَّلوا لبنان ومؤسسته التشريعية لعامين ونصف العام لفرض رئيس للجمهورية حليف لهم عبر ما عرف بالتسوية الرئاسية”.
واردف: “كانت هذه التسوية الوجه الآخر لاتفاق “مار مخايل” الشهير، والذي جاء بعده إقرار هذا القانون السيء للانتخابات في العام 2017. ثمّ حدث تفجير المرفأ والإهراءات في العام 2020 وتدمير آلاف بيوت اللبنانيين، وسقوط مئات القتلى وآلاف الجرحى والمصابين وانهيار العملة الوطنية وفقدان المواطنين للحدود الدنيا من العيش الكريم وبما يلبي متطلبات حياتهم اليومية. بعد ذلك، جاءت آخر خطواتهم في إطار هذا المشروع الجهنمي، لإسقاط لبنان. أقدموا على تدمير علاقاته ومصالحه العربية، وخصوصاً مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان وشعبه. ثمَّ لم يتأخروا في السعي إلى تعطيل علاقات لبنان الدولية، وكأنهم يتقصّدون أن يخسر لبنان الدولة والكيان كل عناصر قوّتهما لمصلحة مشروعهم الخارجي لاستتباع الدولة اللبنانية لصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية”.
واكد ان “هذا ما أوصل لبنان إلى هذه الكارثة غير المسبوقة، وهذا الاستعصاء المزمن على الإصلاح هو ما أفشل خطط إصلاح الكهرباء التي تعاظمت كلفتها على لبنان، والتي فاق مجموعها على 55 مليار دولار من أصل مجموع الدين العام اللبناني الذي تعدّى التسعين مليار دولار حتى نهاية العام 2020. كما أفشلوا خطط النهوض الاقتصادي، ودفعوا بالقضاء إلى الحضيض بعد أن حوّلوه إلى محاصصة حزبية، ومخلباً للانتقام من الخصوم السياسيين، وتسبّبوا بإيقاف الدعم العربي والخليجي إلى لبنان، وهو ما أفقد لبنان أحد أهم وسائل إنقاذه، وذلك بنتيجة سياساتهم وتبعيتهم لمشروع توسعي إيراني على حساب لبنان وعروبته”.
وأشار السنيورة الى انه “بعد انتخابات عام 2018، خرج علينا قائد الحرس الثوري الإيراني بتصريح مسجّل، يعلن فيه سيطرة حزب الله وإيران على الأكثرية في مجلس النواب. فأصبحت الحكومة اللبنانية حكومة حزب الله، وهو الذي سماها “حكومة المقاومة”. وكان ثمن كل ذلك الانهيار الذي يعيشه لبنان واللبنانيون على كل المستويات”.
وقال: “اليوم أيها الأحبة، يريدون أكثر. يريدون الحصول على أكثرية يسمّونها ميثاقية ويسعون إلى الحصول على ثلثي مقاعد المجلس النيابي ليستكملوا السيطرة الكاملة على لبنان لأنهم يريدون عبر أكثرية الثلثين تلك، تعديل الدستور، وشرعنة السلاح، كما حصل في العراق، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية يتحكمون به ليستكمل ما بدأه سلفه في الخنوع والخضوع لسياسات حزب الله وإيران”.
واكد ان “هذا ما يسعون إلى تحقيقه، وإذا حصل سنكون ببساطة أمام المزيد من الانهيار الاقتصادي والاجتماعي للبلد وللناس، والمزيد من الفشل في إصلاح الكهرباء وباقي القطاعات الاقتصادية، والتردي لكافة شؤون الناس والمزيد من حالات الاضطراب الاجتماعي والسياسي والغرق أكثر في أعماق جهنّم التي حدثوكم عنها ووعدوكم بغيرها وأوصلوكم إليها”.
وسأل: “هل نسمح لهم بذلك، هل ستسمحون لهم؟”، وقال: “نحن وغيرنا، قررنا أن نقول لا، وأن نواجه هذا المشروع وما ينتج عنه، بالكلمة القوية، وبالموقف الشجاع، بتعبئة الرأي العام، لأننا نعلم وندرك أننا عندما نقف، سيقف الأشقاء والأصدقاء إلى جانبنا ومعنا. وهذا ما يدفعنا لخوض هذه الانتخابات كي لا نترك لهم ساحة مجلس النواب خالية، يملؤونها بأزلامهم ومرشحيهم وأتباعهم تحت مسميات مختلفة محاولين خداع اللبنانيين بشعارات تعرفون زيفها من معرفتكم بحامليها”.
اضاف: “هم يراهنون على ضعف مشاركة المناهضين لمخططاتهم، ويأملون بانخفاض نسبة المشاركة إلى أدنى مما حصل في 2018، ليربحوا هم المزيد من المقاعد النيابية، ويحققوا أهدافهم. فهل تريدون أن يخرج علينا هذه المرة أيضاً، قائد الحرس الثوري الإيراني الجديد، بعد 15 أيار ليزف إلينا سيطرة إيران وحزبها على ثلثي مجلس النواب؟”.
وتابع: “سيفعلون كل شيء لدفعكم إلى عدم المشاركة في الانتخاب، أو إلى النفور من اللوائح السيادية. سيستعملون الخلافات الشخصية، والعائلية، والمناطقية، والقروية، والطائفية، والحزبية. سيلجأون إلى كل تحريض وافتراء وكلام مراوغ لثني الناس عن المشاركة في التصويت، لأنهم يعرفون أنّ إضعاف المشاركة لدى اللبنانيين السياديين وعدم المشاركة بالاقتراع بكثافة والتصويت للوائح السيادية، أو التصويت بورقة بيضاء هو فرصتهم لزيادة عدد المقاعد التي يمكن أن يحصلوا عليها بالتالي إلى إحكام سيطرتهم الكاملة على لبنان”.
وقال:”من قلب معاناتكم، ووعيكم لمخاطر مشروعهم والمخاطر المقبلة على البلد، فإني أناشدكم:
- لتكن مصلحة لبنان واللبنانيين هي الاعتبار الوحيد في حساباتكم.
- تجاوزوا أي اعتبار يدفع إلى غياب مشاركتكم في الانتخابات.
- مصلحة الوطن اليوم هي في منع سيطرة حزب الله وإيران وحلفائهما على ثلثي مقاعد مجلس النواب.
- مصلحة الوطن، تعني المشاركة الكثيفة في العملية الانتخابية ورفض كل دعوات الانزواء والانكفاء لأنها ستصب في خدمة مشروع إيران وحزب الله.
- مصلحة الوطن، هي باستعادة الدولة والتمسك بالدستور وتطبيق القوانين وتعزيز استقلالية القضاء، وحصر السلاح بيد الدولة، والعودة إلى احترام الشرعيتين العربية والدولية.
- مصلحة الوطن، هي بإسقاط مشروع الدويلة التي تسيطر على الدولة اللبنانية، والتي أوصلتنا إلى العتمة، واستجداء الرغيف وتنكة البنزين وحبة الدواء، وساعدت على استنزاف الخزينة العامة وعممت الفساد السياسي، وضيّعت كل فرصة للإنقاذ.
- مصلحة الوطن، هي في ألا نستسلم أمام هذا الواقع المرير، وأن نرفع الصوت، وأن نقول لا لمن يريد تدمير لبنان خدمة للمشروع التوسعي الإيراني في كل المنطقة.
- مصلحة الوطن، أن نعمل كي نمنع تهجير اللبنانيين، الباحثين عن لقمة عيشهم. أن نمنع تهجيرهم بسفن الموت، كما حصل بالأمس في طرابلس”.
وتابع: “لن أعدكم بالمعجزات، إنما أعدكم بالمواجهة الوطنية، وبأننا سنظل إلى جانب شعبنا، نصمد ونواجه مشاريع إلغاء لبنان الحرّ السيد المستقل الديمقراطي المزدهر. نعدكم أن نكون معاً في هذه المعركة، معركة التأسيس الثاني للبنان ودولته، فكما تأسّس لبنان أول مرة بالخلاص من الانتداب الفرنسي، اليوم سنعمل جميعاً للخلاص من الهيمنة الإيرانية وملحقاتها”.
واكد “ان هذه الانتخابات هي بداية الطريق. إنها الكلمة الأولى في سجل استعادة لبنان الوطن والدولة اللبنانية. فلنشارك بكثافة في هذه الانتخابات، ولننتخب بوعي وإدراك وبشكلٍ صحيح. ندعوكم إلى الانتخاب مثلما ندعو اللبنانيين المعنيين إلى انتخاب لائحة “بيروت تواجه”، ولائحة “وحدتنا في صيدا وجزين”، ولائحة “لبنان لنا” في طرابلس، ولائحة “الشراكة والإرادة” في الشوف وعاليه، فإني أدعوكم لأن تنتخبوا لائحة القرار الوطني المستقل في البقاع الغربي وراشيا، وأن تنتخبوا لائحة زحلة السيادة في البقاع الأوسط ومرشحها بلال الحشيمي، وأن تنتخبوا لائحة بناء الدولة في بعلبك- الهرمل ومرشحيها زيدان الحجيري والدكتور صالح الشل”.
اضاف: “لنتعاهد على متابعة مسيرة إنقاذ الوطن. يُقال رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة. ونقول أنّ استعادة لبنان تبدأ بإدلائكم بأصواتكم للسياديين الحريصين على استعادة الثقة بلبنان المستقبل. تذكّروا معي: إنهم يريدون صمتكم. وتذكروا أنّ وطنكم يريد صوتكم. سيبقى لبنان.. سيبقى لبنان.. سيبقى لبنان”..
الحشيمي
كما تحدث الدكتور الحشيمي مشددا على “الثوابت السيادية لأجل مستقبل اولادنا”، داعيا الى التصويت الكثيف. واشار الى انه ترشح “رفضا للانعزال والانكفاء وترك الساحة”، مستغربا “التعاميم التي يقابلها شغل تحت الطاولة وفوقها والى جانبها”.
ازهر البقاع
وكان الرئيس السنيورة استهل زيارته الى البقاع بلقاء عقده في أزهر البقاع يرافقه الوزير السابق جمال الجراح. وكان في استقبالهما القيم على مؤسسات الأزهر الشيخ الدكتور علي الغزاوي ،عضو المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى القاضي عبد الرحمن شرقية،أمين سر دار الفتوى الشيخ عاصم الجراح،أمام بلدة مجدل عنجر ورئيس دائرة أوقاف البقاع الشيخ محمد عبد الرحمن وحشد كبير من المشايخ والائمة.
Comments are closed.