إشكاليات في منتهى الخطورة أضيفت إلى تعقيدات الأزمة القائمة
مع حلول الذكرى 78 لاستقلال لبنان، دخلت الأزمة في تعقيدات جديدة أضيفت على الوضعية الصعبة التي تعيشها البلاد، وبعض هذه التعقيدات تحمل أخطارا كبيرة تهدد مستقبل الدولة. وقد عكست مشاهد الإذلال التي يعيشها لبنانيون مستوى الكارثة التي أصابت البلد، ومنها على سبيل المثال: محاولات الفرار بالبحر وبطريقة غير شرعية لعدد كبير من أبناء الشمال قرب ميناء طرابلس، ومشاهد لبنانيين يفترشون الأرض في مطار مدريد طلبا للحصول على اللجوء الى إسبانيا، إضافة الى مواطنين آخرين يقارعون البرد والجوع على حدود بيلاروسيا مع پولندا محاولين التسلل إلى الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى صور تنقل مأساة مواطنين يبحثون عن لقمة العيش في حاويات القمامة.
أثار رئيس الجمهورية ميشال عون مجموعة من الإشكاليات القاسية في حديثه الأخير الى جريدة الأخبار المحسوبة على قوى الممانعة، ومنها قضايا جوهرية تؤشر إلى أجواء جديدة تزيد من حدة الأزمة أكثر مما تقدم حلول لها.
من أبرز ما جاء في حديث الرئيس: تأكيده أنه غير مسؤول عن الانهيار الحاصل، وأنه غير قادر على معالجة إشكالية القدرات العسكرية لحزب الله. لكنه أكد بالمقابل أن حزب الله يلتزم في الثوابت الثلاث، وهي: عدم تهديد الاستقرار الداخلي للدولة، وعدم الاعتداء على سفارات الدول التي تصنف الحزب إرهابيا، واحترام قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر في أغسطس 2006. وفي هذه الإشارات تبرئة للحزب ومغالطات كبيرة واضحة، وفيها هروب فاضح من ثوابت الواقع المؤكدة، لأن الانهيار المالي والاقتصادي حصل في عهد الرئيس عون، وكان سببه الرئيس إفلات المرتكبين من المحاسبة والإساءات الخارجية التي حصلت ضد الدول الصديقة والشقيقة التي تتهم حزب الله بالإرهاب، وعدم الالتزام بمندرجات القرار 1701 في حدودها الدنيا، لأن القرار منع إدخال السلاح الى لبنان إلا للقوى النظامية، وحزب الله يجاهر في امتلاكه ترسانة كبيرة من الأسلحة أدخلها بعد العام 2006، وبأن لديه 100 ألف مقاتل مدججين، كما أعلن أمينه العام. وهذه العوامل كانت سببا رئيسيا للخلل الاقتصادي والسياسي والإداري والأمني في إدارة الدولة، كما أنها سببت عزلة قاسية للبنان، مما أغرق البلاد في كارثة حقيقية هي من بين الأزمات الأشد في العالم منذ ما يزيد على 150 عاما، وفق لما جاء في تقرير للبنك الدولي.
والأدهى من ذلك، أن الرئيس أوحى في حديثه بأنه لن يسلم قصر بعبدا بعد انتهاء ولايته إلا لرئيس منتخب، وأشار إلى أن خائف من الفراغ، لأن عدم القدرة على انتخاب رئيس جديد كما حصل بين العام 2014 والعام 2016، يفرض على مجلس الوزراء مجتمعا تولي صلاحيات الرئيس، وعون يخاف من استقالة الحكومة وبالتالي يصبح الفراغ واقعا. تلك الإشارات الرئاسية الخطرة تشير إلى رغبة واضحة عند الرئيس بمهادنة حزب الله كونه القادر على تعطيل انتخاب رئيس جديد. ومحاولة إفشال الانتخابات النيابية المزمع إجراؤها في الربيع تأتي لذات الغاية، لأن الاستطلاعات تؤكد خسارة فريق الرئيس وحزب الله.
الانباء – ناصر زيدان
Comments are closed.