‎من ترف إلى مصدر رزق.. لبنانيون يواجهون الغلاء بصيد الأسماك

fishinglebanon Cedar News الأسماك

ـ البحر أصبح مصدر رزق جديد لكثير من العائلات بعدما بلغ معدل التضخم في البلاد 84.3 بالمئة خلال 2020
ـ أسعار اللحوم ارتفعت نحو 6 أضعاف بسبب انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار

حتى وقت قريب، كان اصطياد الأسماك عند كورنيش بيروت، يعكس هواية عشقها سكان العاصمة اللبنانية المطلة على البحر المتوسط، إلا أن الأزمة الاقتصادية جعلت ذلك حاجة ومصدر رزق وليس ترفا.

يصطف صيادو “الصنارة” يوميا عند شاطئ المدينة، لصيد أسماك ستصبح طبقا رئيسا على مائدتهم، بدلا من اللحم والدجاج، اللذين ارتفع سعرهما بشكل كبير إثر الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وسواء كانوا هواة أو باحثين عن لقمة عيشهم، وجد مئات أرباب الأسر في البحر مصدر قوتهم اليومي، في ظل التدهور المعيشي الذي يخيم على لبنان بسبب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وزيادة معدلات الفقر والبطالة.

وبلغ معدل التضخم في لبنان نحو 84.3 بالمئة خلال 2020، ويتوقع أن يصل إلى 100 بالمئة خلال العام الجاري، بينما معدل البطالة 36.9 بالمئة، ويتوقع وصوله إلى 41.4 بالمئة خلال 2021.

كما ارتفع معدل الفقر خلال 2020 إلى 55 بالمئة، بينما تزايد معدل الذين يعانون الفقر المدقع ثلاثة أضعاف، من 8 إلى 23 بالمئة، وفق تقرير لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغرب آسيا “إسكوا”.

** وقف دعم اللحوم

وارتفعت أسعار اللحوم بنحو 6 أضعاف، حيث أصبح كيلوغرام لحم البقر بحوالي 120 ألف ليرة (79.2 دولارا وفق السعر الرسمي)، بعدما كان 20 ألف ليرة (13.2 دولارا)، قبيل الأزمة.

أما لحم الغنم فيبلغ نحو 160 ألف ليرة (105.6 دولارات).

الارتفاع في الأسعار، سببه انخفاض قيمة الليرة مقابل الدولار، فلبنان يستورد بمعدل 25 ألف طن سنويا من اللحوم المبردة والمواشي، ويدفع المستوردون ثمنها بالدولار.

وكانت الحكومة تدعم استيراد اللحوم من خلال تأمين الدولار للتجار بسعر صرف يبلغ 3900 ليرة، في وقت تجاوز بالسوق الموازية 14 ألف ليرة، إلا أنها أوقفت هذا الدعم مؤخرا.

** اللجوء إلى البحر

استطلع مراسل الأناضول أحوال “المواطنين الصيادين” في بيروت، حيث أكدوا أن صيد الأسماك يحل جزءا من المعاناة المعيشية، فهو يؤمن وجبة غذائية تجعلهم يستغنون عن شراء اللحم العاجزين عن دفع ثمنه أصلا.

وقال محسن جاد، أحد الصيادين، إن “صيد الأسماك يعوضنا عن شراء اللحوم التي لم نعد نستطيع شراءها بسبب ارتفاع سعرها بشكل جنوني”.

وأضاف أنه يأتي إلى البحر يوميا حوالي ساعتين أو ثلاث لتأمين طعامه اليومي، في ظل عدم استطاعته شراء مختلف السلع الغذائية كما في السابق.

وتابع: “حتى الخضار ارتفعت أسعارها ولم يعد شراؤها متاحا للجميع، وأصبحنا نخشى كيف يمكن الاستمرار بالعيش في بلدنا”.

“أقل ما نستطيع فعله اليوم هو اللجوء إلى البحر”، بهذه الجملة عبر “سعد إبراهيم عن المعاناة المعيشية التي تدفع بعض الناس لاصطياد الأسماك بغية تأمين الطعام.

وأضاف: “نأتي إلى البحر لاصطياد الأسماك وتأمين غذائنا من جهة، ولنرفه عن أنفسنا من الضغوط اليومية من جهة أخرى في ظل تصاعد الأزمات في البلاد”.

ولفت أسعد إلى أنه في حال حالفه الحظ واصطاد كمية أسماك أكثر مما يحتاجه للغداء أو العشاء، فإنه يبيع بعضها ويحصل على قليل من المال لشراء حاجاته اليومية.

وإلى جانب غلاء الأسعار، فإن تفشي البطالة ضاعف معاناة اللبنانيين، وبات كثير منهم يجد في البحر متنفسهم المعيشي والاجتماعي.

ولا يبدو أبو إسماعيل (سبعيني) متأثرا بغلاء اللحوم والدجاج، فهو أساسا يفضل تناول السمك على الأنواع الأخرى من الطعام.

وقال: “لا شيء يضاهي أكل السمك، لأنه مغذ وكله فيتامينات وبروتينات، خاصة إذا كان طازجا”.

** لحم الدجاج

وكما الأبقار والأغنام، ارتفع سعر كيلوغرام لحم الدجاج إلى نحو 50 ألف ليرة (33 دولارا)، بعدما كان 12 ألف ليرة (7.9 دولارات) قبيل الأزمة الاقتصادية.

ويستورد لبنان شهريا نحو 500 طن من لحم الدجاج الجاهز للطهو، كما تنتج مزارع البلاد سنويا 100 مليون دجاجة، إلا أن المنتجين اشتكوا مؤخرا من ارتفاع كلفة الإنتاج وهو ما انعكس ارتفاعا بالأسعار.

وجراء خلافات سياسية، يعجز لبنان منذ 8 أشهر عن تأليف حكومة جديدة، تخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة برئاسة حسان الدياب، التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار مرفأ بيروت الكارثي في 4 أغسطس/ آب الماضي.

** استخدام محدود

أما وليد خضر، وهو أحد الصيادين أيضا، فقال إن الأسماك قد تشكل مصدرا هاما للغذاء، لكن من الصعب أن تحل بشكل كامل مكان اللحوم، نظرا إلى استخدامها المحدود في الطهي وتحضير الأطباق.

ولفت إلى أن الأطباق اللبنانية التقليدية تحتاج إلى اللحوم، كـ”الكبة” و”الكفتة” وأطباق البازلاء والفاصولياء، وفي ظل عدم تمكن الناس من توفير اللحوم، فإن ذلك سيؤدي إلى تغيير نظامهم الغذائي.

ومنذ أكثر من عام ونصف، تعصف بلبنان أزمة اقتصادية حادة هي الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية عام 1990، أدت إلى تضخم مالي وتراجع كبير في القدرة الشرائية لمعظم السكان، وارتفاع قياسي في معدلات الفقر.

نعيم برجاوي / الأناضول

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.