لبنان.. تشكيل حكومي مُعلّق في فلك الصراعات
في ظل اشتعال حرب الرئاستيْن في لبنان، وتفجّرها في مستويات غير مسبوقة، منذرة بإشعال آخر المراكب بين الرئاستين الأولى والثالثة، والإطباق النهائي على كل محاولات إحياء المبادرات والوساطات، فإنّ ثمة إجماعاً على أنّ المبادرة التي قادها رئيس مجلس النواب نبيه برّي سقطت حتى إشعار آخر، والوضع بين الرئاسة الأولى ورئيس الوزراء المكلّف بلغ الطريق المسدود، فيما حكومة المهمة المنتظرة تكابد للنجاة وسط قصْف البيانات، والمساعي مستمرة والآمال تصارع من أجل البقاء، مع معرفة الجميع أن المبادرة الحالية هي آخر المحاولات، ففي حال تشكّل الحكومة تبدأ مرحلة جديدة بعناوين وتحديات مختلفة، وحال أُجهِضت الفرصة تكون البلاد أمام احتمالين بلا ثالث: استمرار الفراغ حتى نهاية العهد، أو بدْء التفكير الجدي بحكومة الانتخابات.
وبدلاً من إعلان وفاة مبادرة برّي، شهدت الساعات الأخيرة التسويق لتحذير صارم وسيناريو محتمل في آن واحد، تحذير نُقل عن لسان صاحب مبادرة الفرصة الأخيرة نبيه برّي الذي أشار إلى أسبوع مفصلي، تشكيل ونجاة أو فشل فضياع. ويقول السيناريو، إنّ رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري يعدّ تشكيلة من 24 وزيراً، بالمواصفات الفرنسيّة وسيزور القصر الجمهوري قريباً لإلقائها في ملعب رئيس الجمهورية، ميشال عون، ففي حال قبل بها عون يبدأ دوران قطار التأليف، وإنْ رفضها يحتفظ الحريري لنفسه بجملة خيارات تصعيدية.
وفي محصلة المشهد، لا تزال الحكومة في عالم الغيْب حتى الساعة، توازيها مبادرة برّي الباقية من دون سقف زمني إلى حين، وما بين المشهديْن، بات الترقّب مشدوداً إلى أن يحين موعد تشكيل حكومة انتخابات تضع حدّاً للفراغ والانهيار.
نقطة لاعودة
وفي ضوء تجربة تسعة أشهر من العجز عن التأليف، والتي سقطت معها كل فرضيات «حكومة ربْط نزاع» أو «حكومة انتخابات»، بعدما أطيحت حكومة المهمّة، وبقرار رئاسي ممهور بختْم رئيس التيار الوطني الحر، جبران باسيل، لا يزال الداخل اللبناني مثقلاً بمعلومات تتردّد مفادها أن لا حكومة في المدى المنظور، والترقّب قد يطول حتى نهاية العهد الحالي، وتحديداً حتى 31 أكتوبر2022.
ووفق تأكيد مصادر مطلعة لـ«البيان»، فإنّ الصورة من الجهات الرئاسية الثلاث باتت في منتهى الوضوح: أفق التفاهم والتأليف صار مسدوداً بالكامل، الكرة في ملعب عون والحريري، لكنّهما بلغا نقطة اللاعودة، وبرّي يرفض التسليم بهذا الانسداد ومتمسك بمبادرته بوصفها «الفرصة الأخيرة» لصياغة تفاهم بين الشريكيْن، رغم إدراكه أنّ هذا التفاهم بات ميؤوساً منه. وفي الانتظار، ورغم ضيق الوقت، فإنّ الملف الحكومي دخل مرحلة المزايدات، مكرّساً واقع اللاحكومة في المدى المنظور، فيما يُتوقّع أن تستمر الأمور على هذا المنوال في الأيام المقبلة.
البيان – وفاء عواد
Comments are closed.