هنية يهدّد من لبنان: نملك صواريخ لندكّ بها تل أبيب وما بعدها
في الوقت الذي تحاول المبادرة الفرنسية «رفْعَ أنقاضِ» الواقعِ اللبناني المتداعي على كل المستويات مع تسليمٍ اضطراري بالتعاطي مع الطبقة السياسية «المنزوعة الثقة» الدولية لإطلاق المرحلة الانتقالية – التقنية من مسار النهوض الصعب، تلوح في الأفق عملية «حفْرٍ» حول مسعى باريس وعلى طريقة «ربْط نزاع» وأكثر مع المرحلة الثانية السياسية التي تنتظر أن تتسلّم الولايات المتحدة «العصا» لإكمال السباق نحو تغييرٍ في وضعية «حزب الله» خارج الدولة…
وفي الوقت الذي يعمل الرئيس المكلف تأليف الحكومة الجديدة مصطفى أديب على استيلاد تشكيلةٍ تعطي الإشارة الأولى إلى أن «الزمن الأوّل تحوّل» في اتجاه حكومة إصلاحاتٍ مُجَدْولة زمنياً وفق أجندة الرئيس ايمانويل ماكرون بما يفتح الباب أمام «تمويلٍ تشغيلي» للدولة التي باتت في خانة المُفْلِسة، يَبْرُزُ أكثر من مؤشّر إلى أن السلطةَ ما زالت في «المقْلب الآخَر» لضفة الإنقاذ المشروط الذي يُخشى ألا يقوى على «الثقب الأسود» من الفساد والمحاصصة. هكذا بدا المشهد أمس في بيروت التي تلقّت بارتياب كبيرٍ تطوريْن يثيران القلق من أفق المرحلة المقبلة، وهما:
- الإطلالةُ النافرة لرئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» اسماعيل هنية من لبنان على واقع الصراع مع اسرائيل من الزاوية الفلسطينية، وتحت جناح «محور المقاومة» ومن ضمن تَمَحْوُرٍ بوجه التطبيع مع تل أبيب، في ما بدا أنه رسائل مبكرة برسْم «التتمة» الأميركية للمسعى الفرنسي والتي لن تغيب أساساً عن فرصة الأشهر الثلاثة التي ترغب باريس خلالها بتحقيق اختراقٍ في مسار الإصلاحات الإدارية والمالية والسياسية، وهو ما سيتجلى في العقوبات الأميركية المرتقبة على بعض الشخصيات ورجال الأعمال من حلفاء «حزب الله» على وهج تأكيد واشنطن أنها لا ترغب بحكومةٍ يشارك فيها الحزب.
ورأت مصادر متابعة في زيارة هنية التي جاءتْ أساساً للمشاركة في المؤتمر الذي عقدتْه الفصائلُ الفلسطينية على مستوى الأمناء العامّين في رام الله وبيروت بالتزامن، رمزيةً كبيرةً في وقت يصارع لبنان لالتقاط حبْل النجاة الخارجي واستعادة شيء من التوازن بقوةِ الحضور الدولي العائد بعدما كانت البلادُ انزلقتْ إلى غزة ثانية بفعل انكشاف سقوطها في المحور الإيراني، معتبرة أن شكل الزيارة ومضمون مواقف القيادي الحمساوي فيها لا يمكن قراءتهما إلا على أنهما محاولة لتوريط لبنان الرسمي وتفخيخِ أقلُّه الشق الثاني من المبادرة الماكرونية عبر المزيد من إغراق بيروت في التمحور الاقليمي خارج السياق العربي وتثبيت التموْضع الاستراتيجي وتعميقه.
وفي موازاة اللقاء البارز لهنية مع الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله والذي خلص إلى «تأكيد ثبات محور المقاومة وصلابته في مواجهة كل الضغوط والتهديدات» و«متانة العلاقة بين حزب الله وحركة حماس والقائمة على أسس الايمان والأخوة والجهاد والمصير الواحد، وتطوير آليات التعاون والتنسيق بين الطرفين»، لم تقلّ دلالة الزيارة الأولى لقيادي من هذا المستوى في «حماس» لمخيم عين الحلوة في صيدا حيث كانت مظاهر احتفالية كبيرة وعراضة مسلّحة احتفاءً بالزائر الذي كان له استقبال شعبي حاشد وحُمل على الأكتاف وقيل إن محطته جاءت بالتنسيق مع حركة «فتح».
ولم يتوانَ هنية من عين الحلوة عن وصْف المخيمات بأنها «قلاع المقاومة وستبقى»، معلناً في «رسائل صاروخية»: «أتيناكم من غزة نظريات الردع، غزة صواريخ القسام وصواريخ فصائل المقاومة، غزة الحرة رغم المؤامرات والحصار، أتينا لنقول لكم من عين الحلوة، من عين اليقين، من عين النصر من مخيمات لبنان إن الأرض لنا والقدس لنا وفلسطين لنا. والمقاومة في قطاع غزة تملك صواريخ لتدكّ بها تل أبيب وما بعد تل أبيب». - «المعركة» المتجددة بين فريقيْ رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري على تخوم ملف يُعتبر محورياً بالنسبة لفرنسا وصندوق النقد الدولي في عملية الإصلاح ويتمثّل في التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان.
فقد أثار توقيع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال غازي وزني ثلاثة عقود، تتعلّق بالتدقيق الجنائي مع شركة Alvarez& Marsal والتدقيق المالي والحسابي مع شركتي Oliver Wyman وkpmg، من دون الأخذ بطلب عون تعديل العقد مع الأولى وإدخال مجموعة egmont الدولية كعضو في اللجنة اللبنانية الموكل إليها مراقبة ومتابعة عمل شركة التدقيق الجنائي، استياءَ قصر بعبدا وسط تسريباتٍ عن اتجاهٍ لطلب إعادة التفاوض مع الشركة «لتحسين الشروط التعاقدية» مع اتهامٍ لوزني بإدخال تعديلات جوهرية وأساسية في عقد التدقيق الجنائي وعدم الأخذ بكل ملاحظات هيئة التشريع والاستشارات.
وقد ردّ وزني أمس موضحاً انه «أخذ بغالبية ملاحظات هيئة التشريع باستثناء الملاحظة المتعلقة بمجموعة إيغمونت ذلك أن الحكومة فوّضت وزير المال توقيع عقد التدقيق الجنائي مع Alvarez ولم تطلب منه التفاوض مع طرف ثالث اي Egmont وهي منتدى أو منظمة عالمية مثل مجموعة العمل المالي وصندوق النقد الدولي مؤلفة من 165 وحدة استخباراتية مالية هدفها تبادل المعلومات المالية والتدريب وعمليات تبييض الأموال وتمويل الإرهاب ولبنان عضو فيها عبر هيئة التحقيق الخاصة. هذه المجموعة ليس لها علاقة بالتدقيق الجنائي وغير معنية بالعقد. والفضيحة الكبرى هي مَن أصرّ على زج اسم Egmont في العقد وما أهدافه وأسبابه»، كاشفاً أنه لن يطلب من Alvarez «المباشرة في عملها ولن يشكل اللجنة الثلاثية التي نصّ عليها العقد لمتابعة التدقيق المالي وسيترك هذه المهمة للحكومة الجديدة».
كما انشغل لبنان أمس، بارتسام مشهد مراكب المهاجرين غير الشرعيين من أبنائه إلى قبرص اليونانية التي انتشرت صور لشبان قيل إنهم من طرابلس توجهوا إليها بحراً عبر التهريب قبل أن يُعلن أن السلطات القبرصية قامت بإرجاعهم (30 لبنانياً وثلاثة سوريين) وأن مجموعة ثانية من 51 مهاجِراً كانت وصلت السبت ونزلت في المنطقة العازلة في منطقة كاباريس وعبروا إلى المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة القبرصية.
الراي – ليندا عازار- وسام أبو حرفوش
Comments are closed.