الولادة الحكومية بسرعة قياسية.. و«التيار» خارج التشكيلة جزئياً

الرئيس العماد جوزف عون خلال استقباله رئيس وأعضاء مجلس شورى الدولة في قصر بعبدا (محمود الطويل)

الحكومة الأولى للعهد الجديد لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون ستبصر النور هذا الأسبوع برئاسة رئيسها المكلف القاضي نواف سلام.

وسيحضر الرؤساء عون ونبيه بري وسلام القداس السنوي لعيد القديس مارون الأحد المقبل في كنيسة مار جرجس للموارنة بوسط بيروت، والذي سيترأسه البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، بدعوة من رئيس أساقفة بيروت للطائفة المارونية المطران بولس عبد الساتر.

في أي حال، سيحضر القداس الرؤساء الثلاثة، ووزراء من حكومة كاملة الأوصاف، استغرق تشكيلها المدة الأقصر مند عهدي الرئيسين ميشال سليمان وميشال عون، وفي الفترة الأخيرة من الولاية الممددة للرئيس اميل لحود.

حكومة ستبصر النور في أقل من شهر من بدء الولاية الرئاسية لرئيس الجمهورية العماد جوزف عون، الأمر الذي سيعطيها جرعة ثقة داخلية، معطوفة على دعم عربي ودولي غير مسبوق للبنان.

ومع حسم تولي الوزير والنائب السابق ياسين جابر حقيبة المال، والعميد المتقاعد أحمد الحجار لوزارة الداخلية، وبعد شبه الحسم في إسناد حقيبة الخارجية إلى ماروني هو السفير ناجي أبي عاصي، أحد أبرز المستشارين الديبلوماسيين في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان، وأحد الذين طرح اسمهم كمرشحين لرئاسة الجمهورية أثناء فترة الشغور الرئاسي الأخير.. باتت الانظار إلى «الارثوذكسي» الذي سيتولى حقيبة الدفاع، وسيختاره الرئيس عون من ضمن اهتمامه بالوزارات الأمنية.

وفي حال اللجوء إلى خيار من الضباط المتقاعدين من الجيش، هناك كوكبة من الأسماء تحظى بثقة الرئيس عون، في طليعتها اللواء المتقاعد ميشال منسى الذي تداول اسمه وزيرا في حكومة الرئيس حسان دياب في عهد الرئيس ميشال عون، ثم نزل اسم الوزيرة السابقة زينة عكر بدلا منه في المرسوم الخاص بتشكيل الحكومة (وتردد ان الحقيبة حسمت لمصلحته).

وبين المدنيين رجل الأعمال المقيم في الكويت وديع العبسي، الذي طرح اسمه غير مرة لتولي حقيبة الدفاع في عهدي الرئيسين ميشال سليمان وميشال عون.

وفي المقعدين الدرزيين اختار «الزعيم» وليد جنبلاط رجل الاعمال فايز رسامني لتولي وزارة الأشغال العامة والنقل، ومدير محمية أرز الشوف نزار هاني. في حين ستؤول حقيبة البيئة إلى الأمينة العامة لمجلس البحوث العلمية الدكتورة تمارا الزين، صاحبة الأبحاث المتقدمة في المجالات العلمية كافة.

وبات الدور الآن على الـكـتـلـتيـن الـمسيحيتين الكبيرتين في البرلمان والعائدتين الى حزبي «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، للتفاهم على ما سيعرضه عليهما الرئيس المكلف من مقاعد وزارية، تمهيدا لإسقاط الأسماء المرشحة من قبلهما على الوزارات، أسوة بما حصل مع «الثنائي» الشيعي والحزب «التقدمي الاشتراكي».

وفي معلومات خاصة بـ«الأنباء» ان تمثيل «التيار» يقتصر حتى كتابة هذه السطور على المقعد الأرمني وفي شكل جزئي، ما يفسر دعوة رئيس «التيار» النائب جبران باسيل إلى مؤتمر صحافي الخامسة والنصف عصر اليوم الثلاثاء في مقر الحزب، يتناول فيه «موضوع الحكومة والملفات الراهنة».

ويمكن القول ان رئيس الجمهورية تدخل في المكان المناسب لمعالجة العثرات التي كانت تعترض تأليف الحكومة. وأجرى اتصالات بالأفرقاء جميعهم، شارحا ضرورة السرعة في التأليف لملاقاة الزخم العربي والدولي، وعارضا لطريقة العمل الحكومي التي ستتبع، بالتصدي لملفات جذرية غالبيتها قديمة، وجديدها هو الأهم: إعادة إعمار الأضرار التي تسببت بها إسرائيل في حربها الموسعة على لبنان، وما تلا اتفاق وقف إطلاق النار من تدمير شبه كامل لقرى الحافة الحدودية، بتفجير المنازل وأعمال جرف الطرق والبنى التحتية.

وحرص الرئيس عون على فكفكة العقد، وحث الجميع على المشاركة في عملية النهوض وإطلاق المؤسسات، بعيدا من الحصص والأحجام التي اعتادت الكتل السياسية والأحزاب المطالبة بها.

وتوجه رئيس الجمهورية أمس خلال استقباله رئيس وأعضاء مجلس شورى الدولة بالقول: «كونوا مستقلين واحكموا بالعدل فلا تظلموا بريئا ولا تبرئوا ظالما وتسلحوا بالقانون».

وأضاف: «مطلوب منكم كقضاء إداري أن تحموا حقوق الدولة وحقوق المواطنين على حد سواء ولا تتأثروا بالإشاعات، وحملات التجني ولتكن قراراتكم مرضاة لضميركم لا لأحد».

اتصالات رئيس الجـمـهـورية، جـعلت الرئيس المكلف تشكيل الحكومة القاضي نواف سلام يقترب من وضع مسودة التشكيلة الحكومية بعدما حلت معظم العقد.

فيما بقي اعتراض «القوات اللبنانية» التي تركز على أمرين تحت عنوان وحدة المعايير، وهما حصة الحزب وتوزير الحزبيين. وفي هذا الإطار ذكرت «القوات» أنها صاحبة اليد الطولى في خروج البلاد ما كانت تتخبط فيه، وهي تعتبر أن إبعاد الحزبيين عن مواقع القرار في الحكومة يضعفها ولا يقويها، وسألت أوساطها: «كيف يمكن أن تضع الحكومة السياسات من دون سياسيين؟».

وتوقعت مصادر متابعة لـ«الأنباء» أن يصل الرئيس المكلف إلى تفاهم حول توزيع الحصص المسيحية قريبا، سواء لجهة الحقائب الأساسية وتعزيزها، أو لجهة التسمية من الحزبيين، مع إبقاء وزارة الخارجية خارج إطار البحث، كونها ستكون من حصة العهد وكون تواصلها المباشر مع رئيسي الجمهورية والحكومة هو أمر ضروري في المرحلة المقبلة.

وأشارت المصادر إلى ان الحصص الأخرى قد اصبحت خارج النقاش، مع تراجع الاعتراض من قبل نواب الشمال حول حصة الطائفة السنية. وأضافت أن حسم تسمية الحقائب والأسماء الأربعة من حصة «الثنائي الشيعي» وإبقاء الخامس بتسمية مشتركة مع رئيسي الجمهورية والحكومة، يأتي في إطار وحدة المعايير بالنسبة إلى الطوائف الأخرى، وليس له علاقة بما يتردد عن تجنب وجود «الثلث الضامن» أو «المعطل» في الحكومة، خصوصا ان أحدا في المرحلة المقبلة لا يتطلع إلى «ثلث معطل»، في ظل التغييرات التي شهدتها المنطقة بعد الحرب الإسرائيلية على الجبهات المختلفة.

وتابعت المصادر: «هذه التجربة أثبتت عدم جدواها»، وأشارت إلى وصول الأمور إلى خواتيمها. واعتبرت ان «تريث الرئيس المكلف وتسلحه بالصمت والكتمان، شكل جزءا مهماً من نجاح المهمة، لتيقنه بضرورة اتخاذ القرار وغياب ترف الوقت أمام ما تواجهه البلاد.

في الجنوب، ساد جو من الارتياح لنجاح الجيش اللبناني سواء في الإجراءات التي اتخذها، أو عبر التواصل مع البلديات الجنوبية في تأمين مرور «أحد العودة 2» بسلام وعدم تكرار تجربة الأحد الدامي في 26 فبراير الماضي.

وساعد الجيش المدنيين في الدخول إلى المناطق الآمنة لتفقد بلداتهم وعدم حصول مواجهة مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.

وتوازيا، كشف حجم الدمار في المناطق الحدودية، وبدا في شكل لا يمكن تخيله. كذلك استمرت عملية سحب الجثامين التي تتم بشكل يومي، وبدا عدد الضحايا مرتفعا، ما يشير إلى أن المقاتلين ومن اختار البقاء من المدنيين، قد اتخذ قرار المواجهة إلى النهاية، في حين مضت إسرائيل في تدمير البيوت وكل معالم الصمود في عز الحرب وبعدها، ما ساهم في ارتفاع عدد الضحايا، وبلوغهم المئات في كل بلدة وقرية حدودية.

الانباء ـ ناجي شربل وأحمد عز الدين

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.