الحزبان المسيحيان الكبيران يتطلعان إلى اعتماد المعايير نفسها التي اتبعت مع «الثنائي» لجهة تسمية الوزراء

دخلت اتصالات تشكيل الحكومة أسبوعها الحاسم، إذ يتوقع أن تكتمل الصورة النهائية للحكومة العتيدة بما يشبه الإجماع، رغم التذمر والاعتراض الواسعين من معظم الأطراف السياسية على معايير الرئيس المكلف نواف سلام، خصوصا لجهة إبعاد السياسيين والحزبيين عن الحكومة.

وبعد البت بأسماء وحقائب الوزراء من الطائفة الشيعية ينتقل الدور على الطائفة المسيحية مع حزب «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر». وأكدت مصادر مقربة من الرئيس نبيه بري «أن موضوع الحقائب المخصصة للثنائي الشيعي قد حسم منذ البداية، ولم تكن هناك مطالب تعجيزية بل كان هناك تسهيل لمهمة الرئيس المكلف إلى أقصى الحدود». وتابعت: «ما يثار من ضوضاء وقنابل دخانية حول وزارة المال أو الحصة الشيعية مرده إلى أن كل فريق عندما يريد الاعتراض على حصته أو مشاركته يضع حقيبة المال على الطاولة ويتلطى خلفها كل صاحب غاية أو طامح لم يحقق طموحه».

توازيا، كشفت مصادر مطلعة على مشاورات التشكيل، عن أن «القوات اللبنانية» التي خصصت لها حقيبتان أساسيتان من أربع (طالبت بها) تريد حقيبة سيادية، وتحديدا وزارة الخارجية، مشيرة إلى ان هذا المطلب لـ«القوات» هو منذ أكثر من 20 سنة. إلا ان المصادر أشارت إلى ان «الخارجية» ستكون تحت رعاية رئيسي الجمهورية والحكومة، ولا يمكن أن تعطى لفريق سياسي، كونها هي الناطق باسم رأس السلطة.

في أي حال، أجمعت «القوات» و«التيار الوطني الحر» وفق معلومات توافرت لـ«الأنباء»، على انتظار تلقيهما عرضا من الرئيس المكلف تشكيل الحكومة القاضي نواف سلام يتعلق بحصتهما «بعد الانتهاء والبت عمليا في التمثيل الشيعي بالحكومة، باتفاق ناجز مع الثنائي».

وفي المعلومات «أن الحزبين المسيحيين الكبيرين يتطلعان إلى اعتماد المعايير نفسها التي اتبعت مع الثنائي الشيعي».

وفي المعلومات أيضا، أن رئيس «التيار» النائب جبران باسيل طلب من النواب والوزراء المحسوبين على «التيار» عدم الإدلاء بتصاريح وإعطاء مواقف تتعلق بالملف الحكومي، من باب الحرص على الإيجابية في تسهيل انطلاقة العهد، والدقة في الموقف لجهة مقاربة المرحلة بمسؤولية بعيدا عن مواقف غير محسوبة وبعضها قد يكون انفعاليا، في مرحلة حساسة تمر بها البلاد.

على خط مواز، ومع حسم وزارة «الداخلية» للطائفة السنية، فإن نواب الشمال في الطائفة يحاولون الحصول على حصة من الوزارات المخصصة للطائفة، وعدم التسليم بأن يكون الرئيس المكلف صاحب اليد الطولى في تسمية ممثلي الطائفة. ويتناوبون على توجيه رسائل الاعتراض بشكل يومي، من منطلق أن نواب الطائفة في الشمال يشكلون القوة الضاغطة.

وأشارت مصادر مطلعة لـ «الأنباء»، إلى «أن بعض القوى اقترحت جعل الحكومة مناصفة بين السياسيين والحزبيين من جهة، والأكاديميين من جهة ثانية، لأن هناك وزارات لا يمكن أن تتولاها إلا شخصيات تمتلك الخبرة السياسية والحزبية الواسعة لتتمكن من إدارة الشؤون العامة».

وأضافت المصادر: «أثبتت تجربة الأكاديميين في لبنان فشلها وضاع أصحاب الاختصاص في دهاليز الإدارة والمتمرسين في المناورة والاحتيال على القانون، فيما أصحاب الخبرة من السياسيين يستطيعون إدارة المؤسسات عندما تتوافر لهم الحماية والدعم من رأس الهرم».

وتعترض بعض الكتل الصغيرة على إسناد حقيبة غير أساسية لكل منها، وبالتالي فإن بعضها يفضل البقاء خارج الحكومة، ما يعطيها هامشا واسعا للتحرك وعدم التقيد بسياسة الحكومة.

ورغم كل الاعتراضات، فإن صورة الحكومة وتوزيع الحقائب على الكتل والأحزاب قد تظهرت وتحتاج إلى بعض المرونة من الأطراف المختلفة، في مقابل تفهم مطلوب من الرئيس المكلف لتوجهات الأحزاب.

جنوبا، شهد يوم أمس تحركا للأهالي بتغطية من المرجعية الحزبية المتمثلة بـ «الثنائي» في سبيل العودة إلى بلدات في الحافة الحدودية الأمامية التي لايزال يحتلها الجيش الإسرائيلي. واتخذ الجيش اللبناني إجراءات لمنع حصول مواجهات مباشرة كما جرى يوم الأحد قبل الماضي، علما أن الجيش الإسرائيلي أطلق النار بشكل مباشر على مواطنين سعيا لترهيبهم والحيلولة دون تقدمهم إلى مسافات قريبة منه.

وبدأ دخول الأهالي إلى بلدة عيترون سيرا على الأقدام قبل ظهر أمس، وسط تحركات للجيش الإسرائيلي في الطريق المؤدية إلى بليدا.

في المواقف، دعا البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي «الجميع إلى الخروج من ظلمات الأنانية والحسابات الخاصة».

وقال في عظة الأحد الأسبوعية أمس «إنها تعطل العيش المشترك الرغيد والواضح الذي يميز النظام السياسي في لبنان. هذا العيش المشترك منظم في الدستور والميثاق الوطني المتجدد في وثيقة الوفاق الوطني الصادرة عن اتفاق الطائف عام 1989، أي منذ ست وثلاثين سنة. ولأن هذه الوثيقة لم تطبق في حينه بكامل نصها وروحها، بدأت الحياة السياسية تتعثر وتتراجع، ولاتزال حتى يومنا، فلا احترام للدستور، بل مخالفة تلو المخالفة، ولا احترام لميثاق العيش المشترك ولوثيقة الوفاق الوطني، فدبت الفوضى في الحكم والحكومة».

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.