حكومة 24 وزيراً من غير الحزبيين للإفادة من الدعم الدولي
يكثف الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة القاضي نواف سلام اتصالاته، ويواظب على البحث مع رئيس الجمهورية العماد جوزف عون سعيا للإعلان عن أولى حكومات العهد، والتي ستضم 24 وزيرا ووزيرة من أصحاب الاختصاص من غير الحزبيين، لكن تسميتهم تعود إلى الأحزاب والكتل النيابية التي تقترح أسماء على الرئيس المكلف، على ان يختارها الأخير ويعرضها على رئيس الجمهورية للموافقة عليها تمهيدا لتوقيع المرسوم الخاص بتشكيل الحكومة.
وكان رئيس الجمهورية العماد جوزف عون، طالب خلال لقاءات عقدها أمس في قصر بعبدا، «بضرورة الترفع عن كل الصغائر كي يتم تأليف الحكومة لتنطلق عجلة العمل». واعتبر انه «من أهم أهداف الاستعجال بتشكيلها، هو الإسراع في إعادة إعمار المناطق التي تضررت في الحرب الإسرائيلية الأخيرة».
وشدد الرئيس عون أثناء استقباله وفدا من المجلس الدستوري برئاسة القاضي طنوس مشلب، على «أهمية دور المجلس الدستوري في صيانة الدستور». واعتبر انه «لولا دور القضاء لأصبحنا في شريعة الغاب». وأبدى تصميمه على المضي قدما في إقرار قانون استقلالية القضاء، مشيرا إلى «ضرورة أن يقتنع كل قاض بأهمية هذه الاستقلالية، وان يعمل القضاة وفق قناعاتهم تجاه المصلحة العامة لا وفق المصلحة الشخصية».
وفي المداولات ان الرئيس المكلف اعتمد ليونة مع «الثنائي»، الا انه استعاد لغة الحزم لجهة ضبط آلية العمل داخل مجلس الوزراء والخروج من أعراف نجمت عن «أمر واقع» في مراحل سابقة. وقال من القصر الجمهوري في بعبدا بلغته الديبلوماسية ولكن بما يحمل معاني عدة: «لست صندوق بريد.. ربما تلاحظون ان أسلوب العمل جديد، ولكن علينا جميعا ان نتعلم احترام الدستور احتراما كاملا».
وبدا واضحا من تصريح الرئيس المكلف من القصر الجمهوري، ان صدره بدأ يضيق جراء مطالب الأحزاب والكتل النيابية، في ضوء الشهية المفتوحة للأطراف المختلفة على الحقائب الوزارية، في وقت يفترض سلام ان تكون ولادة الحكومة في سباق مع الوقت، لهدفين أساسيين: الأول تلبية الرغبة الدولية بضرورة انضاج العملية بأسرع وقت، لبدء مساعدة لبنان وإعادة الإعمار.
والثاني مواجهة ملف الجنوب، مع اقتراب موعد الانسحاب الإسرائيلي من القرى الحدودية وفقا لقرار وقف إطلاق النار المحدد يوم الأحد المقبل 26 الجاري، وما يترتب على ذلك من تنفيذ بقية بنود القرار 1701، ومسؤولية الدولة اللبنانية في هذا المجال، خصوصا ان استمرار المراوحة قد يعطي مبررا للمماطلة الإسرائيلية في تنفيذ التزاماتها تجاه القرار الدولي.
وقالت مصادر متابعة لـ «الأنباء»: «الرئيس المكلف أمام مهمة ليست سهلة، وعليه ايجاد توازن بين مطالب الأحزاب والحصص الطائفية من جهة، وتلبية مقتضيات المصلحة الوطنية والتوجه الدولي من جهة ثانية، من خلال إيجاد توليفة ترضي غالبية الأطراف، دون ان تحدث صدمات في أي اتجاه».
وأضافت المصادر: «على الرئيس المكلف ان يوازن بين النصوص الدستورية والأعراف المتبعة، ذلك ان آليات الحكم في لبنان تستند في معظمها إلى أعراف لها قوة القانون. وقوة التشكيلة الحكومية لن تكون بتجاوز رغبات الأحزاب والكتل لأنه يحتاج إلى ثقتها، ويمكن تعويض ذلك من خلال البيان الوزاري والتزام القانون. فالبيان الوزاري هو بمنزلة نهج يحفظ الدستور واحترام القوانين وعدم التساهل مع أي تجاوز».
ورأت المصادر «ان ترجمة الخطوط العامة التي حددها خطاب القسم لرئيس الجمهورية في البيان الوزاري للحكومة، تحد من شهية الاستوزار من جهة، ومحاولة إيجاد أسس جديدة تحاول بعض الاطراف الدفع نحوها مستفيدة من من التطورات الضخمة التي حصلت في المنطقة، وقد تكون نتائجها عكسية من جهة ثانية».
وعلمت «الأنباء» ان هناك اتجاها لمنح حقيبة الأشغال إلى غير «الثنائي» لدواع تتعلق بإعادة الإعمار. وفي المعلومات ان التشكيلة الحكومية لن تتأخر، وستتلازم مع الدعم الدولي الهائل للعهد ولرئيس الجمهورية، والذي سيترجم بحضور عربي لافت في بيروت عبر وزيري خارجية المملكة العربية السعودية صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان، والكويت عبدالله اليحيا اللذين يصلان إلى بيروت على التوالي الخميس والجمعة.
وفي معلومات أخرى، ان وجود الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكية في القصر الجمهوري الثلاثاء تزامنا مع حضور الرئيس المكلف، لم يكن له علاقة بالإعلان عن الحكومة المنتظرة، بل يتعلق بمراسيم سابقة.
ولوحظ خروج «الكباش» بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر» حول وزارة الطاقة من التداول، بإعلان الطرفين عدم اشتراط نيل أي حقيبة من الرئيس المكلف، والتركيز على أصول التفاوض بعيدا من العلن.
وكان سلام استقبل في منزله وفدا من نواب التغيير، أكد له دعمه في مساعيه لتشكيل الحكومة، وأعرب عن رفضه تكريس أي حقيبة لأي طائفة أو طرف سياسي.
جنوبا، تنتظر لبنان أيام حاسمة مع قرب انتهاء المهلة المحددة لانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان، وسط معلومات مفادها ان إسرائيل قد أبلغت لجنة الإشراف على وقف إطلاق النار ان الانسحاب قد يتأخر عن الموعد المحدد، فيما يستمر الاحتلال في توسيع دائرة الاعتداءات التي شملت معظم البلدات الحدودية.
وفي مشهد ميداني من بلدة الناقورة الساحلية الحدودية، لعائدين من أبنائها لتفقد ممتلكاتهم بعد حصولهم على إذن من مخابرات الجيش اللبناني، ان البلدة تعرضت للإبادة بعد دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وقال شاهد عيان: «المنزل الذي لم يصب خلال الحرب، تعرض للهدم والجرف من قبل جيش الاحتلال، في مقابل حرق منازل أخرى بغية إلحاق الأذى». وأضاف: «غالبية أبناء البلدة على قناعة بأن ما حصل هو انتقام إسرائيلي، لإخفاق جيشه في دخول البلدة أثناء الحرب». وتابع: «حتى حيوان الطبسون تعرض للقتل من جنود الاحتلال، ما يهدد وجوده في تلال البلدة».
الانباء – ناجي شربل وأحمد عز الدين
Comments are closed.