هل ينجح جوزيف عون في إنقاذ لبنان؟

تناول ميشال كرانز، الصحافي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط، في مقال له على موقع “أنهيرد” البريطاني، تأثير الرئيس اللبناني المنتخب حديثاً، جوزيف عون، على المشهد السياسي المضطرب في البلاد، مقيِّماً أجندة عون الطموحة لمعالجة الفساد وتعزيز المؤسسات، والأهم من ذلك مواجهة نفوذ “حزب الله” في لبنان، وهو التحدي المتشابك مع الديناميكيات الإقليمية والعالمية.


أعلن الرئيس جوزيف عون، القائد السابق للقوات المسلحة اللبنانية، عن نيته إعادة بناء مؤسسات الدولة اللبنانية والحد من الفساد. وتشير رئاسة عون، بدعم من الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، إلى تحول محتمل في السياسة اللبنانية. 
وتتضمن أجندة عون تعزيز السلطة القضائية والأمن الداخلي، والسعي إلى حل دبلوماسي لانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية. ومع ذلك، من المرجح أن يتم الحكم على ولاية عون من خلال جهوده لمعالجة هيمنة حزب الله، التي طغت على النظام السياسي في لبنان لعقود من الزمن.

وتأتي رئاسة عون في وقت محوري. فقد أيدت جماعة حزب الله، التي أضعفتها النكسات العسكرية والسياسية الأخيرة، انتخابه على مضض، مما يشير إلى انخفاض نفوذها. وتواجه الجماعة ضغوطاً كبيرة في حين تكافح الخسائر الإقليمية، بما في ذلك انهيار حليفها، نظام الأسد في سوريا، وتضاؤل ​​الدعم من إيران، التي قيدت مشاكلها الاقتصادية قدرتها على تمويل وكلائها.

ديناميكيات إقليمية ودولية متغيرة

وأوضح الكاتب أن رئاسة عون تعكس تحولات جيوسياسية أوسع نطاقاً؛ حيث تعمل دول الخليج، على إعادة التواصل مع لبنان، بعد سنوات من النأي بنفسها بسبب نفوذ حزب الله المتزايد، والأزمات الاقتصادية في لبنان. 


كما ألقت الولايات المتحدة، في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب، بثقلها خلف عون، حيث اعتبرت رئاسته فرصة لتقليص دور حزب الله وتوسيع النفوذ الأمريكي. ويقال إن انتخاب عون كان شرطاً ضمنياً لوقف إطلاق النار في نوفمبر (تشرين الثاني) بين حزب الله وإسرائيل، والذي أنهى صراعاً وحشياً ترك المناطق الجنوبية من لبنان في حالة خراب.

وترى الولايات المتحدة وحلفاؤها أن الحكم المركزي تحت قيادة عون هو وسيلة لاستقرار لبنان ومواجهة قبضة حزب الله على السلطة. 
ومن المؤكد أن إسرائيل ستستفيد أيضاً، يقول الكاتب، وفي حين يؤكد خطاب عون على ردع العدوان الإسرائيلي، فإن التزامه باستعادة احتكار الدولة للصراع يتماشى مع مصالح تل أبيب. 
وأضاف: “قد تمهد زعامة عون الطريق لتسوية طويلة الأمد بين لبنان وإسرائيل، بشرط الالتزام المتبادل بشروط وقف إطلاق النار، بما في ذلك انسحاب القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان وتراجع حزب الله شمال نهر الليطاني”.

خيارات حزب الله المتضائلة

وتابع الكاتب أن قبول حزب الله على مضض لرئاسة عون يؤكد على موقفه الضعيف. فقد تآكل النفوذ السياسي للجماعة المسلحة، كما يتضح من فشلها في منع تعيين نواف سلام رئيساً للوزراء. ويمثل سلام، الذي ينتقد حزب الله، انحرافاً عن نفوذ الجماعة على الحكم اللبناني.
كما انحسر اعتماد حزب الله على إيران في التمويل والأسلحة بسبب المشاكل الاقتصادية التي تواجهها طهران والنكسات الإقليمية. وتشكل جهود إعادة الإعمار في المناطق ذات الأغلبية الشيعية التي مزقتها الحرب في لبنان تحدياً آخر. 
ومع تدمير أكثر من 99 ألف منزل وبلوغ كلفة إعادة البناء 2.8 مليار دولار، يتعين على حزب الله أن يعتمد على تمويل دول الخليج، بوساطة إدارة عون، للحفاظ على قاعدة دعمه.
ورغم هذه التحديات، يظل حزب الله قوة كبيرة. وتحتفظ الجماعة بجمهور مخلص. ومع ذلك، فإن قدرتها على عرقلة جهود بناء الدولة تتضاءل. 
وشجعت العلاقات الوثيقة بين عون والقوات المسلحة اللبنانية، إلى جانب الدعم الدولي المتزايد، الجيش اللبناني على توسيع وجوده في المناطق التي يهيمن عليها حزب الله، مما يشير إلى تحول في ميزان القوى.

هل يلوح مسار نحو التغيير؟

وقال الكاتب إن رئاسة عون ضخت تفاؤلاً حذراً في المشهد السياسي في لبنان. وتشير النجاحات المبكرة التي حققتها إدارته، بما في ذلك تعيين رئيس وزراء والدور المتزايد للقوات المسلحة اللبنانية في تأمين الجنوب، إلى نقطة تحول محتملة. 
ومع ذلك، ما تزال هناك عقبات كبيرة؛ فموقف حزب الله الراسخ داخل النظامين السياسي والعسكري في لبنان يجعل نزع السلاح بشكل مباشر غير مرجح. وقد تؤدي مصادرة أسلحة الجماعة إلى إثارة حرب أهلية، وهي حقيقة يدركها عون، لذا تركز استراتيجيته على الحد تدريجياً من نفوذ حزب الله من خلال تعزيز المؤسسات والدعم الدولي. 
بالإضافة إلى ذلك، يشكل النظام السياسي الأوليغارشي في لبنان تهديداً مستمراً لجهود الإصلاح، حيث تقاوم النخب الراسخة التغييرات التي تهدد سلطتها.
وخلص الكاتب إلى أن رئاسة عون تمثل منعطفاً حاسماً بالنسبة للبنان. وفي حين أن التحديات هائلة، فإن قيادته تمثل فرصة نادرة لمعالجة القضايا القديمة، من الفساد إلى هيمنة حزب الله. وسوف يعتمد النجاح على قدرة عون على التنقل عبر المشهد السياسي المعقد في لبنان والاستفادة من الدعم الدولي لإعادة بناء سلطة الدولة.

مسؤلية الخبر: إن موقع "سيدر نيوز" غير مسؤول عن هذا الخبر شكلاً او مضموناً، وهو يعبّر فقط عن وجهة نظر مصدره أو كاتبه.

Comments are closed.