«الكسوف» السياسي مستمر.. والاعتذار السوري ألحق الخيبة بنهاية العهد
الكسوف الجزئي للشمس الذي شهدته المنطقة ظهر أمس، سبقه وواكبه واستمر بعده كسوف كلي في لبنان، شمل السياسة والمال والصحة العامة، وأوجه الحياة الطبيعية كافة.
الكسوف السياسي، ظاهر للعيان، بالعرض الأسبوعي لمسرحية الانتخابات الرئاسية في مجلس النواب، بإدارة مخرج محترف، وممثلين جلهم مبتدئين أو هواة، وقد وصف الرئيس نبيه بري نفسه ما يحصل بالمسرحية الفاشلة، لذلك قرر اللجوء إلى المشاورات.
وكانت مفاجأة الجلسة النيابية الرابعة يوم الاثنين الماضي، دخول اسم جديد على لائحة الأسماء الرئاسية المستعارة، بـ 10 أوراق حملت اسم الباحث في التاريخ والجغرافيا، د.عصام خليفة، حامل لواء الدفاع عن الخط البحري 29، الذي تخلى عنه الفريق الرئاسي المفاوض حول الترسيم، متراجعا ما فوق الـ 1000 كيلومتر مربع، الى الخط 23، نزولا عند نصيحة الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، وضمن إطار صفقة ما، لابد ان تظهر معالمها لاحقا، وقد ظهرت هذه المعالم في عنوان لموقع لبنان 24 القريب من الرئيس ميقاتي: هدية الأميركيين المثالثة مقابل الترسيم.
والمفاجئ في الأمر ليس إدراج اسم خليفة على لائحة المرشحين للرئاسة فقط، بل أيضا قبوله الترشح جديا، تحت ضغط النواب التغييريين الذين وضعوا اسمه في صندوق الاقتراع، من قبيل الدعم لحملتهم ضد إحداثيات ترسيم الحدود البحرية.
ويبدو أن الكسوف السياسي المخيم على لبنان، قد يشمل جلسة انتخاب الرئيس الخامسة غدا الخميس، لتزامنها مع مراسم توقيع وثائق ترسيم الحدود البحرية في الناقورة، حال لم يطرأ أي جديد معاكس لبرنامج زيارة هوكشتاين، بحسب أحد مواقع الأخبار ذات الهوية السياسية.
أما عن الكسوف الحكومي، فقد أكد الرئيس ميشال عون أن تطبيق معايير واحدة في تشكيل الحكومة، هو المدخل الصحيح لإنتاج حكومة فاعلة وقادرة على إدارة شؤون البلاد.
وقال الرئيس عون في دردشة مع الإعلاميين المعتمدين في قصر بعبدا امس، ان ما يجري حاليا في تشكيل الحكومة يناقض مبدأ وحدة المعايير، آخذا على الجهات المشاركة في الحكومة تسمية وزرائها، وعندما يأتي دور «التيار الحر» في عملية التسمية، يصار الى التمسك بالتدخل واختيارهم في إشارة ضمنية للرئيس المكلف نجيب ميقاتي.
وعن صلاحيات الحكومة الحالية إذا حصل شغور رئاسي، أوضح عون ان الحكومة ستكون منتقصة الصلاحيات، وبالتالي لا يمكن ان تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية كاملة.
وقال: «ان حل الأمور بسيط جدا، وقد طلبنا من الرئيس ميقاتي أن يساوي الجميع في عملية التشكيل وأن يعود الى قصر بعبدا لإصدار المراسيم».
وكان عون التقى ميقاتي وعرض معه تشكيل الحكومة. وبعد انتهاء اللقاء، لم يدل ميقاتي بأي تصريح، ولكن عندما سئل هل مازال ينوي المبيت في قصر بعبدا حتى تشكيل الحكومة كما وعد سابقا؟ أجاب: «نقلوا كل شيء إلى الرابية. ما في محل نام».
كذلك والتقى عون السفير السوري علي عبدالكريم مودعا لمناسبة انتهاء مهامه الديبلوماسية في لبنان، ومنحه وسام الأرز الوطني من رتبة ضابط أكبر تقديرا لجهوده في تعزيز العلاقات اللبنانية – السورية وتطويرها في المجالات كافة.
على أن أبرز كسوف سياسي على مستوى عهد الرئيس ميشال عون، تمثل باعتذار سورية عن استقبال وفد الترسيم اللبناني البحري، والذي كان له وقع الخيبة على العهد الذي استعجل تحديد الموعد المفترض اليوم، دون التشاور مع دمشق، التي ردت الاعتذار الى تضارب المواعيد.
وتقول قناة «الجديد» في هذا السياق، ان الاتصال الأخير الذي أجراه الرئيس عون بالرئيس السوري بشار الأسد لم يتطرق الى إرسال وفد يرأسه نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب، بل كان حديثا في عموميات الترسيم البحري، وفي حينه، تقول «الجديد»، لفت الرئيس الأسد الرئيس عون الى ان ملف الترسيم يستلزم دراسة معمقة ووقتا، لكنه لم يوضع في أجواء الوفد الذي كان ينوي إرساله الى دمشق.
وفي هذا الخصوص، قال السفير السوري عقب لقائه عون «ان الموعد لم يلغ إنما قيل انه يتفق عليه لاحقا»، مشيرا إلى انه عندما ضرب الموعد يوم الأربعاء كان البرنامج في سورية ممتلئا والارتباطات مسبقة.
ويذكر ان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم اعتذر فورا عن المشاركة في الوفد، فيما امتنع الرئيس ميقاتي عن التدخل بناء لطلب النائب بوصعب، وكان جواب ميقاتي: «لا شأن لي بهذا الملف، رئيس الجمهورية سبق وعين الوفد..».
ومن نقاط ضعف الموقف اللبناني، ان الوفد المعين برئاسة بوصعب، الحاصل للتو على وسام الاستحقاق المذهب من رتبة ضابط أكبر، من الرئيس عون نظير دوره في مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل، لم يكن يضم ممثلين عن الجيش، وذلك بسبب رفض القائد جوزاف عون، المشاركة في التفاوض على الحدود البحرية مع سورية قبل الحدود البرية، إضافة الى انعدام الود بين الجنرالين العونيين، الرئيس والقائد، منذ بدأ الصهر جبران باسيل، يرى في العماد جوزاف عون خطرا على أحلامه الرئاسية.
الانباء – عمر حبنجر وداود رمال
Comments are closed.