العيد الجمعة أم السبت؟.. لغط وخلاف أحياه “مركز الفلك”.. وحسمته السعودية
المسلمون حائرون؛ يفكرون، يتساءلون: متى العيد؟ الجمعة أم السبت؟.. فقد بات ذلك الموضوع حديث المقاهي والجلسات بعد أن كَثُر اللغط والخلافات والبيانات بين أهل الفلك والرؤية متسببين في إثارة بلبلة بين المسلمين حول العالم في انتظار الخبر اليقين اليوم الخميس
فقد دعت المحكمة العليا عموم المسلمين في جميع أنحاء السعودية إلى تحري رؤية هلال شهر شوال مساء اليوم الخميسق 20/4/ 2023، كما تتحراه معظم الدول الإسلامية في ذلك اليوم أيضًا
وفي حين استقر لدى عامة الناس، بحسب التقاويم المتداولة منذ بداية الشهر، أن رمضان لن يتم عدته، وأن غرة شهر شوال ستوافق يوم الجمعة 21/ 4/ 2023م، فقد خرج علينا مركز الفلك الدولي ليثير لغطًا حول ذلك، قبل أن يزيد بيان، وقَّع عليه 25 عالمًا فلكيًّا من 13 دولة، البلبلة والتساؤلات
وبحسب البيان المشترك الذي وقعه علماء مستقلون، ينتمون لعدد من الأقطار الإسلامية، فإن رؤية هلال عيد الفطر المبارك يوم الخميس ٢٠ إبريل الجاري غير ممكنة؛ ما يعني إكمال شهر رمضان عدته، وحلول عيد الفطر المبارك يوم السبت 22/ 4/ 2023
وعلَّق مركز الفلك الدولي على هذا البيان عبر موقعه الرسمي وحساباته على مواقع التواصل الاجتماعي بالقول: “في الحقيقة، إن جميع المعايير السابقة، قديمها وحديثها، تُبيِّن أن رؤية الهلال يوم الخميس غير ممكنة بالعين المجردة من العالم العربي. وهذا التوقع ليس رأيًا لشخص أو جهة، بل هو إجماع من قِبل متخصصين، أشبعوا هذه المسألة بحثًا، ونشروا فيها أبحاثًا في دوريات علمية مُحكمة. وممن ذُكر أسماؤهم رؤساء للجان علمية في الاتحاد الفلكي الدولي، ومنهم مديرون لمراصد، أحدهم هو واحد من أعظم مراصد العالم، ألا وهو مرصد غرينتش! وقد بنى هؤلاء المختصون الكبار أبحاثهم ومعاييرهم على أرشيف كبير من رصد الأهلّة، يمتد من عام 1859 إلى عام 2023”
جذور الخلاف للخلاف جذور قديمة، حينما اختلف المسلمون في عهد الخليفة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في رؤية الهلال ما بين الجزيرة العربية وبلاد الشام، وقضى وقتها خليفة المسلمين بأن لكل بلد رؤيته
ويعود سبب اللغط إلى الخلاف التاريخي والمتجدد بين فريقين، أحدهما يعتمد الرؤية البصرية الشرعية في رؤية الهلال، والآخر يعتمد الحسابات الفلكية في إثباته. ولطالما كانت هذه القضية محل نقاش وجدل واسع على مستوى المؤتمرات والنقاشات العلمية والدراسات الأكاديمية بحثًا عن معيار فلكي موحد، أو توحيد الأهلّة بين الأقطار الإسلامية منعًا للاختلاف بين المسلمين
الحسابات الفلكية والرؤية منذ ذلك الوقت أخذ الخلاف شكله العصري الجديد بين الحساب الفلكي والرؤية البصرية. ويوجز حامد أبوطالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية في مصر، في تحقيق سابق، نشرته صحيفة “الأهرام” المصرية، سبب الخلاف إلى عدم الأخذ بأسباب العلم. يقول “أبوطالب”: “تتمثل المشكلة في عدم الأخذ بأسباب العلم؛ ذلك أنه أصبح من الممكن الآن تحديد رؤية الهلال على وجه القطع واليقين بالأجهزة العلمية الحديثة، وبالحساب الفلكي الدقيق، ومن ثم إذا اتفق العلماء على الرؤية بواسطة هذه الأجهزة العلمية فلن تكون هناك مشكلة”
مضيفًا: “العلماء ينظرون إلى المسألة نظرة الإسلام إليها؛ إذ إن الأمر أمر تعبُّدي، لا يتطلب من الإنسان إلا الاجتهاد، وما يؤدي إليه اجتهاده عليه أن يعمل به، فإذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر واحد، وفي ذلك يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الصوم يوم يصوم الناس، والفطر يوم يفطرون)، بمعني أن الأمر سهل وبسيط، ولا نشدِّد على أنفسنا وعلى الناس، ونُحمّلهم ما لا يطيقون”
في حين يرى سماحة المفتي السابق للمملكة، الشيخ عبدالعزيز بن باز، أنه لا يجوز اعتبار الحساب الفلكي شرطًا لصحة الرؤية، مستشهدًا بالأحاديث الصحيحة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- بوجوب اعتماد الرؤية في إثبات الأهلّة أو إكمال العدد
ويوضح ذلك في مقال سابق بقوله: “لا يخفى على كل من له معرفة بأحوال الحاسبين من أهل الفلك ما يقع بينهم من الاختلاف في كثير من الأحيان في إثبات ولادة الهلال أو عدمها، وفي أماكن الرؤية للهلال أو عدم ذلك”. مضيفًا: “ولو فرضنا إجماعهم في وقت من الأوقات على ولادته أو عدم ولادته لم يكن إجماعهم حجة؛ لأنهم ليسوا معصومين، بل يجوز عليهم الخطأ جميعًا، وإنما الإجماع المعصوم الذي يحتج به هو إجماع سلف الأمة في المسائل الشرعية؛ لأنهم إذا أجمعوا دخلت فيهم الطائفة المنصورة التي شهد لها رسول الله بأنها لا تزال على الحق إلى يوم القيامة”
الأمر محسوم في السعودية في حين يشتد الجدال في الوقت الراهن بين فريقين حول موعد غرة شوال وعيد الفطر المبارك، يظل الأمر محسومًا في السعودية؛ فقد دعت المحكمة العليا عموم المسلمين في جميع أنحاء السعودية إلى تحري رؤية هلال شهر شوال مساء اليوم الخميس 20/ 4/ 2023.
وقالت المحكمة العليا في بيان، نشرته وكالة الأنباء السعودية “واس”: “ترجو المحكمة العليا ممن يراه بالعين المجردة، أو بواسطة المناظير، إبلاغ أقرب محكمة إليه، وتسجيل شهادته إليها، أو الاتصال بأقرب مركز؛ لمساعدته في الوصول إلى أقرب محكمة”
وجاء في البيان: “وتأمل المحكمة العليا ممن لديه القدرة على الترائي الاهتمام بهذا الأمر، والانضمام إلى اللجان المشكَّلة في المناطق لهذا الغرض، واحتساب الأجر والثواب بالمشاركة؛ لما فيه من التعاون على البر والتقوى، والنفع لعموم المسلمين”
Comments are closed.