هل تنجح شكوى الصين إلى منظمة التجارة العالمية في إلغاء الرسوم الجمركية الأمريكية؟
![بضاعة في ميناء أمريكي](https://ichef.bbci.co.uk/news/raw/cpsprodpb/56f3/live/4d8dfc60-e442-11ef-bd1b-d536627785f2.jpg)
اتهمت الصين الولايات المتحدة بتقديم “ادعاءات كاذبة لا أساس لها من الصحة” حول دورها في تجارة الفنتانيل كذريعة لفرض الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية.
قدمت بكين الشكوى إلى منظمة التجارة العالمية، بعد يوم واحد من فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضرائب جمركية على السلع الصينية بنسبة 10 في المئة، في إجراء قال إنه يهدف إلى معالجة تدفق المخدرات غير المشروعة.
وفي ملف الشكوى، قالت الصين إن التدابير كانت “تمييزية وحمائية” وتنتهك قواعد التجارة.
ومع ذلك، لا يرجح الخبراء أن تحصل الصين على حكم لصالحها؛ لاسيما وأن اللجنة المعنية بحل النزاعات التجارية غير قادرة على العمل.
وقال مسؤول سابق في منظمة التجارة العالمية لبي بي سي إن الشكوى “ليس لديها أي فرصة للنجاح”.
يأتي النزاع في الوقت الذي تتسبب فيه خطط ترامب للرسوم الجمركية، الضريبة التي قال إنه يريد فرضها على جميع الشحنات الأجنبية إلى البلاد، في حالة من عدم اليقين في المشهد التجاري العالمي.
وقال ترامب إن الرسوم الجمركية ستشجع الشركات على تصنيع منتجاتها في الولايات المتحدة، مكرراً أنه يشعر بالقلق إزاء حجم العجز التجاري الأمريكي.
ومع ذلك، فإن إجراءاته ضد الصين – التي هدد بتوسيعها لتشمل كندا والمكسيك وأوروبا – أثارت مخاوف بشأن تأثيرها على الاقتصاد العالمي والأمريكي، حيث تتعامل الشركات مع اللايقين التجاري، من خلال تأجيل الاستثمارات أو زيادة تكاليف جديدة على العملاء.
وأعلنت شركة شيرتكس، وهي شركة كندية لصناعة الجوارب الضيقة، يوم الأربعاء أنها ستسرّح مؤقتاً 40 في المئة من عمالها البالغ عددهم حوالي 350 عاملًا، في ضوء التعريفات الجمركية الجديدة التي علقها ترامب لمدة شهر.
وقد بلغت الواردات الأميركية أعلى مستوياتها على الإطلاق في ديسمبر/كانون الأول، حيث تفاعلت الشركات مع التهديد بالضريبة الجمركية، وسارعت نحو تأمين الألعاب والهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر المصنوعة في الخارج.
وقالت وزارة التجارة الأميركية يوم الأربعاء إن قيمة السلع الواردة إلى الولايات المتحدة قفزت بنسبة 4 في المئة من نوفمبر/تشرين الثاني إلى 293.1 مليار دولار (234.4 مليار جنيه إسترليني)، في أعلى مستوى منذ بدء التسجيل في عام 1992.
كما ساهم الارتفاع في أوسع فجوة أو عجز تجاري، بين الصادرات والواردات في ما يقرب من عامين.
وقد أثارت التعريفات الجمركية التوترات السياسية، حيث ترغب الصين في الانتقام بفرض تعريفات جمركية على السلع الأميركية، والتحقيق في قضية احتكار غوغل، وإجراءات أخرى.
وتشير السرعة التي قدمت بها الصين شكواها إلى منظمة التجارة العالمية إلى استعداد بكين للمعركة التجارية.
وفي يوم الأربعاء، ذكرت بلومبرغ أيضاً أن الهيئة التنظيمية لمكافحة الاحتكار في البلاد تستعد للتحقيق المحتمل في سياسات أبل ورسوم متجر التطبيقات، ما أثر على أسهم الشركة.
وقال مارك ويليامز، كبير خبراء الاقتصاد الصيني في كابيتال إيكونوميكس، إن تحركات ترامب – التي تضمنت الأمر بإنهاء معاملة الإعفاء من الرسوم الجمركية للطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار – ستكون بمثابة “صدمة” كبرى لبعض الشركات، مثل “شي إن” و”تيمو”، لأنها تقوض القدرة على تقديم أسعار منخفضة.
لكنه يعتقد أن آثار تعريفة ترامب لن تكون مدمرة للصين بشكل عام، قائلاً: “بالنسبة للاقتصاد الصيني الأوسع، هذا أمر يمكن إدارته بالتأكيد”.
وتمنح إجراءات منظمة التجارة العالمية الولايات المتحدة والصين 60 يوماً لحل نزاعهما من خلال المشاورات، وعند هذه النقطة، يحق للصين طلب التحكيم من قبل لجنة من القضاة.
لكن اللجنة النهائية لمنظمة التجارة العالمية التي تحل النزاعات التجارية – المعروفة باسم هيئة الاستئناف – لا تزال غير قادرة على العمل، حيث ترفض الولايات المتحدة الموافقة على تعيين قضاة جدد في الهيئة.
كما تجاهلت الولايات المتحدة نتيجة سابقة لمنظمة التجارة العالمية مفادها أن التعريفات الجمركية السابقة على الصلب والألمنيوم التي فُرضت خلال فترة ولاية ترامب الأولى كانت مخالفة للقوانين.
ورجح توم غراهام، الذي ترأس هيئة الاستئناف التابعة لمنظمة التجارة العالمية في عامي 2016 و2019، أن “يمر عام” قبل صدور قرار من المرحلة الأولى بشأن شكوى بكين، قائلاً إن هناك فرصة ضئيلة لأن تمضي الشكوى قدما.
وقال لبي بي سي: “قد تكون قضية قوية، بالطريقة التي اعتاد نظام تسوية النزاعات في منظمة التجارة العالمية أن يعمل بها، لكن ليس لديها أي فرصة للنجاح في النهاية”.
في المقابل، قال جيف مون، الذي عمل على سياسة التجارة الصينية للرئيس باراك أوباما، لبي بي سي إنه يتوقع أن يدعم أي قرار أولي لمنظمة التجارة العالمية موقف الصين.
ومع ذلك، تستغرق هذه القضايا عادة سنوات لحلها، ولأن عملية الاستئناف متوقفة، “لن يصدر قرار نهائي أبدا”.
وأضاف مساعد الممثل التجاري الأمريكي السابق للشؤون الصينية أن بكين بحاجة إلى رفع دعوى قضائية، لدعم موقفها المعلن بشكل متكرر بأن الولايات المتحدة هي التي تقوض نظام التجارة القائم على القواعد والعلاقة بين البلدين.
وقد احتلّت الصين المرتبة الأولى في أكبر عجز في السلع في ديسمبر/كانون الأول، بفارق بلغ 25.3 مليار دولار.
ويحتل الاتحاد الأوروبي ثاني أكبر فجوة، وهو هدف لتهديدات ترامب بالتعريفات الجمركية أيضاً.
على النقيض من ذلك، تمتعت الولايات المتحدة بفائض صغير بلغ 2.3 مليار دولار في تجارة السلع مع المملكة المتحدة.
وبشكل عام، ارتفع العجز التجاري في الولايات المتحدة، بما يشمل الخدمات، بنسبة 17 في المئة العام الماضي إلى إجمالي 918.4 مليار دولار، حيث زادت الواردات بشكل أسرع من الصادرات.
وقالت وزارة التجارة إن العجز التجاري في السلع والخدمات بلغ 98.4 مليار دولار في ديسمبر/كانون الأول، وهو الأعلى منذ مارس/آذار 2022.
- رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
- ترامب يثبت أنه جاد بشأن التعريفة الجمركية، لكن الأمر لا يتعلق بالتجارة
- كيف أصبحت الصين “معجزة اقتصادية”؟
Powered by WPeMatico
Comments are closed.