طائفة سرية أجبرت أتباعها من الأمهات حديثات الولادة على التخلي عن أطفالهن للتبني
كشفت نساء كن ذات يوم أعضاء في طائفة مسيحية سرية في الولايات المتحدة لـ بي بي سي أن الكنيسة أجبرتهن على التخلي عن أطفالهن للتبني.
وقال أعضاء سابقون في الطائفة إن مئات من حالات التبني ربما حدثت بين خمسينيات وتسعينيات القرن الماضي.
وأخبر بعض الأطفال الذين سُلموا للتبني داخل الكنيسة بي بي سي، أنهم تعرضوا للإساءة والإهمال من أسرهم التي تبنتهم.
وتأتي هذه الادعاءات في أعقاب تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية العام الماضي في مزاعم اعتداء جنسي على الأطفال على مدى عقود داخل الكنيسة، والتي يُعتقد أنها تضم ما يصل إلى 100 ألف عضو في جميع أنحاء العالم وغالبا ما يشار إليها باسم الحقيقة أو اثنان في اثنين. ومنذ ذلك الحين فتح مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقا في تلك المزاعم.
تحذير: تحتوي هذه القصة على تفاصيل قد يجدها البعض محزنة.
أخبرتنا أربع نساء أنهن لم يُمنحن أي خيار سوى التخلي عن أطفالهن. ثلاثة منهن كن يخشين طردهن من الكنيسة أو أن مصيرهن سيكون إلى الجحيم إذا رفضن، ولم يكن حينها متزوجات.
قالت إحداهن إنها تعرضت لضغوط لإعطاء طفلها لزوجين في الكنيسة بعد أن تعرضت للاغتصاب في عام 1988، وهي في سن السابعة عشرة.
وأضافت لبي بي سي “كان خوفي من أن يكون مصيري إلى الجحيم كبيرا لدرجة أنه أجبرني على اتخاذ قرار بالتخلي عن الطفل لمصلحة الزوجين في الكنيسة”.
وتقول أخرى إنه لم يُسمح لها برؤية ابنتها الرضيعة قبل أن تُؤخذ منها إلى الأبد.
وتحدثت بي بي سي أيضا إلى ستة أشخاص تم التخلي عنهم للتبني كأطفال رضع بين الستينيات والثمانينيات. تقول إحداهن إنها تعرضت للإساءة الجسدية والعاطفية في أسرتها التي تبنتها أولا في الكنيسة، وتعرضت أيضا للإساءة الجنسية في الأسرة الثانية.
ويُشار إلى الأطفال المتبنين – الذين ولدوا في جميع أنحاء الولايات المتحدة – داخل الكنيسة باسم “أطفال بالدوين” لأن عمليات التبني كانت تحت إشراف والي بالدوين، وهو طبيب من الطائفة توفي في عام 2004.
ووفقا لراهب كان يعمل مع الدكتور بالدوين، كانت بعض النساء يمكثن في منزله في ولاية أوريغون أثناء الحمل.
ولا يعرف العدد الفعلي لأطفال بالدوين حتى الآن. لكن بي بي سي تحدثت إلى ابن الدكتور الراحل بالدوين بالتبنى، غاري بالدوين، الذي قال إن السجلات الأصلية لم تعد متاحة لكنه يعتقد أن العدد “أقل من 200”.
وقال إنه وبدون شك كانت هناك أخطاء ارتكبت في النظام الذي كان يعمل به والده “حتما” لكن نواياه كانت طيبة. وقال آخرون تحدثنا إليهم أيضا إنهم يتذكرون الدكتور بالدوين بالخير.
ونظرا لعدم وجود زعيم رسمي لطائفة الحقيقة المسيحية حاليا، اتصلت بي بي سي بدلا من ذلك بستة من كبار مسؤوليها الحاليين – المعروفين باسم “المشرفين” – للتعليق. وتلقت ردا واحدا. أخبرنا فيه المشرف أن أي تبني كان على علم به كان يتم “من خلال قنوات قانونية” وأنه “سمع عن بعض القصص الجميلة وحالات التبني التي كانت تشرف عليها الكنيسة”.
وتذكرت إحدى النساء المتبنيات رؤية مئات الصور في ألبوم يحتفظ به الدكتور بالدوين للأطفال الذين نظم تبنيهم في الحقيقة.
وأخبرنا رجل آخر متبنى أنه تواصل شخصيا مع أكثر من 100 طفل وأم من أبناء وأمهات بالدوين.
تأسست الكنيسة في أيرلندا على يد مبشر إسكتلندي في عام 1897، ويعمل فيها قساوسة – يُعرفون بالعمال – ينشرون تعاليم العهد الجديد من خلال الدعوة الشفهية.
وتعتقد معظم الأمهات اللاتي تحدثت إليهن بي بي سي أن العمال والكنيسة وطائفة الحقيقة كمؤسسة – يجب أن يتحملوا معظم المسؤولية عن الصدمة التي خلفها نظام التبني الذي كانت تشرف عليه.
“إذا احتفظت بهذا الطفل، سأذهب إلى الجحيم”
تقول ميلاني ويليامز، 62 عاما، التي تخلت عن طفلها للتبني في يناير/ كانون الثاني 1981 “في مكان ما، انحرفت الكنيسة عن مسارها وأصبحت طائفة قائمة على الخوف واضطررت إلى الاختيار”.
ففي سن 18، حملت ميلاني بعد أن وقعت في “حب جنوني” مع صبي من مدرستها.
لم يكن الاثنان غير متزوجين فحسب، بل إن الأب لم يكن عضوا في الطائفة ورفض أن يصبح عضوا. وهذا يعني أن ميلاني ارتكبت “خطيئة فظيعة” في نظر القائمين على الكنيسة.
وعليه أخذ قرار أنها لا تستطيع الاستمرار في حضور اجتماعات الكنيسة إلا إذا أعطت طفلها لعائلة أخرى في الطائفة.
وتتذكر ميلاني أنها فكرت “إذا احتفظت بهذا الطفل، سأذهب إلى الجحيم. إذا احتفظت بالطفل، لا يمكنني العودة إلى المنزل”.
وقد أنجبت طفلها في مستشفى كاثوليكي في أوكلاهوما، حيث وضعت في غرفة بمفردها بشكل سري.
وتتذكر أن طبيبا صرخ عليها عندما بدأت في البكاء أثناء المخاض.
وقد أُخذ منها طفلها فور ولادته، وحتى قبل أن يصدر صوتا، وتقول إنها لم تكن تعرف ما إذا كانت قد أنجبت فتاة أم صبيا.
وتُركت الأم الجديدة تتساءل عما إذا كان طفلها قد مات.
وعندما اكتشفت في النهاية أن الطفل على قيد الحياة، أخبرت الممرضة أنها مترددة بشأن ما إذا كانت ستستمر في موضوع التبني وأرادت أن تحمل طفلها.
وجاءها الرد “لا يمكنك أبدا حمل طفلك”.
وبعد سنوات، تمكنت ميلاني من تعقب ابنتها – لكنها لم ترغب في مقابلتها.
أما ديب أدادجو، 54 عاما، فكانت غير متأكدة أيضا من قدرتها على التخلي عن طفلها، لكنها شعرت بضغط كبير في ذلك الوقت لرفض العمال، الذين هددوا بمنعها من حضور اجتماعات الكنيسة – وهو ما يعني في الحقيقة أنك لن تُطرد من الكنيسة فحسب، بل ستنتهي أيضا في الجحيم.
وقد حملت بطفلها بعد تعرضها للاغتصاب عام 1988.
وتتذكر حملها لطفلها حديث الولادة، وتقول – “ما زلت أشعر بها على صدري الآن”.
وتضيف “في اللحظات الأخيرة التي قضيناها معا، أتذكر أنني كنت أحتضنها وأقول لها إنني أحبها وأنني آسفة، مرارا وتكرارا”.
وتقول “كان علي أن أتركها، لم تكن لدي أي خيارات”.
وقد التقت ديب بابنتها لاحقا، لكنهما ليسا على تواصل مستمر.
وتقول شيرلين إيشر، 63 عاما، من آيوا، إنها لم تتوقف أبدا عن التفكير في ابنتها التي شعرت أن والديها ضغطوا عليها للتخلي عنها في عام 1982.
وقد تمكنت لفترة وجيزة من حمل وإطعام طفلتها حديث الولادة قبل أن ينفصلا.
وكانت شيرلين تقيم احتفالا خاصاً بعيد ميلاد ابنتها كل عام.
وتقول “عندما كان يأتي عيد ميلادها، كنت أحضر لها بطاقة تهنئة بعيد ميلادها، ولمرات قليلة صنع لها كيكة عيد ميلاد”.
وتضيف “كنت أدون الكثير من يومياتي أيضا – وأتساءل أين تكون، وكيف تبدو، وما الذي قد تمر أو تشعر به في سنها”.
ثم في عام 2004، تواصلت ابنة شيرلين معها عبر البريد الإلكتروني، وتقابلا. وهما قريبان من بعضهما الآن.
تقول شيرلين “عندما التقينا أخيرا، احتضنا بعضنا البعض مرارا وتكرارا”.
وتضيف “كنا نتحدث لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات على الهاتف – إنها امرأة رائعة للغاية”.
الأطفال المتبنون عُرضة للإساءة
قال جميع من قابلتهم بي بي سي إن نظام التبني لم يتضمن سوى القليل من التدقيق، وهذا يهيئ الفرصة لحدوث الإساءة. وقالوا إنه عندما يكون الطفل سيولد، كان الدكتور بالدوين يتصل بالعاملين لترشيح عائله لتبنيه، وكانوا يوصون بعائلة في الطائفة ليوضع الطفل معها.
من بين ستة أطفال من عائلة بالدوين الذين تحدثوا إلى هيئة الإذاعة البريطانية، واجه اثنان منهم إساءة جنسية وجسدية وعاطفية في أسرهم بالتبني، بينما قالت واحدة إنها تعرضت لإساءة عاطفية من قبل والدها بالتبني.
وقالت إحدى النساء إنها أُبعدت من منزلها بالتبني الأول من قبل الخدمات الاجتماعية بسبب الإساءة الجسدية الشديدة وتم وضعها في منزل “شيخ” الكنيسة – وهو شخص ذو أقدمية يعقد اجتماعات في منزله – وزوجته. وقالت إن الزوجين بدآ في الاعتداء عليها جنسيا في غضون أسابيع، عندما كانت في الخامسة عشرة من عمرها.
وقالت امرأة أخرى إنها تعرضت للضرب من قبل والديها بالتبني بشكل يومي وتعرضت للإساءة الجنسية من قبل عمها في أسرتها بالتبني عندما كانت في الخامسة من عمرها.
ومنذ أن بدأت التقارير تظهر للعلن عن انتشار الاعتداء الجنسي على الأطفال على نطاق واسع داخل الكنيسة قبل عامين، بدأ الأعضاء السابقون والحاليون في التواصل في مجموعات على فيسبوك، بما في ذلك أمهات وأطفال بالدوين.
تقول ديب “الأمهات – أعرف كيف يشعرن وأتعاطف معهن كثيرا. أبكي على قصصهن عندما يكتبنها. ولكن بالنسبة لي، بكيت كل ما أستطيع من الدموع”.
وتقول ميلاني: “لقد كان الأمر أشبه بالعثور على قبيلتي. لم أعد وحدي بعد الآن”.
وتضيف “كانت أمهاتنا خائفات من احتضاننا، وكان آباؤنا يخجلون منا، وكانت الكنيسة لن تقبلنا إلا إذا قدمنا التضحية القصوى”.
وتختم بالقول “بعد كل هذه السنوات، سنكون جميعا بخير”.
- قساوسة فرنسيون اعتدوا جنسياً على 216 ألف ضحية منذ عام 1950
- البابا فرانسيس: فضيحة الانتهاكات الجنسية قوضت صدقية الكنيسة
- كاردينال ألماني يقدم استقالته بسبب “فشل الكنيسة” في التصدي للانتهاكات بحق الأطفال
Powered by WPeMatico
Comments are closed.