أثر إعلان قطع المساعدات الخارجية الأمريكية، يصل مخيم الهول في شمال سوريا
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بوقف المساعدات الخارجية الأمريكية مؤقتاً الكثير من القلق في أرجاء العالم، ومن بين تلك الدول التي تواجه حالة من الضبابية سوريا، التي توجد فيها معسكرات وسجون لعناصر تنظيم الدولة الإسلامية.
من مسافة بعيدة، يبدو مخيم الهول للاجئين وكأنه مدينة بُنيت من الخيام.
في عام 2019، بعد هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، تم إيواء حوالي 40 ألف فرد من عائلات العناصر في هذا المخيم الواقع في منطقة يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا.
معظم سكان المخيم الشاسع المساحة من النساء والأطفال، ويحتوي على سوق خاص وعيادة بها وحدة ولادة.
وتخشى السلطات الكردية أن يصبح المخيم أرضاً خصبة لعناصر جديدة لتنظيم الدولة، إذ يُعتقد أن هناك حوالي 4500 من مسلحي التنظيم، بينهم مقاتلون أجانب، محتجزون في سجون في هذه المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد.
وقد يجعل قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقطع المساعدات، السلطات الكردية في مواجهة صعوبات لتوفير الغذاء ودفع رواتب الحراس وضمان أمن المخيمات والسجون.
وأدى القرار يوم الجمعة بإيقاف وزارة الخارجية الأمريكية جميع المساعدات الأجنبية تقريباً، ووقف المساعدات الجديدة، إلى اضطرابات في مخيّم الهول، قبل أن يتمّ تجميد القرار يوم الثلاثاء.
وأوضحت جيهان هانا مديرة المخيم، وهي امرأة كردية في الأربعينات من عمرها، لبي بي سي يوم الثلاثاء، أن فريقها يعتمد بشكل كبير على المنظمات غير الحكومية لتوفير احتياجات سكان المخيم – وأن بعض المنظمات غير الحكومية تلقت ما يصل إلى 70 في المئة من تمويلها من الولايات المتحدة.
وقالت إنه “حتى الساعة الثانية ظهراً من يوم الثلاثاء، لم يكن لدينا حتى موعد لتوصيل الخبز”.
وأضافت أن منظمة غير حكومية تنسق عودة العراقيين من المخيم “أوقفت عملياتها لأنها لم تتمكن من دفع أجور الحراس، وأرسلت المنظمة غير الحكومية موظفيها المدنيين إلى ديارهم، ونتيجة لذلك، تأخرت عودة أكثر من 500 عراقي”.
ويشكل الخوف من تقليص المساعدات تهديداً أمنياً كبيراً لمخيم الهول، حيث تعتمد المنظمات غير الحكومية على التمويل الأجنبي لدفع أجور الحراس والحفاظ على النظام، إذ لا يُسمح بالدخول إلى المخيم إلا تحت حراسة أمنية مشددة بسبب الظروف المتقلبة.
طلبت بي بي سي من وزارة الخارجية الأمريكية التعليق على الأمر.
ما دور مخيم الهول؟
قمنا أولاً بزيارة قسم المخيم المخصص للمواطنين العراقيين والسوريين، حيث يقيم الرجال والنساء والأطفال.
وتبرز أهمية المخيم في خوف العديد من نزلائه، من مغادرته للعودة إلى ديارهم.
تقول ماريا، وهي فتاة عراقية تبلغ من العمر 19 عاماً ترتدي ملابس سوداء ولا تُظهر سوى عينيها، إنها كانت تبلغ من العمر 12 عاماً عندما وصلت إلى المخيم، وقالت إن والدها “في السجن ولا أعرف أين يُحتجز”، وعندما سألناها عما إذا كانت تريد العودة إلى ديارها، هزت رأسها وتجمعت الدموع في عينيها، وقالت: “أنا خائفة من الانتقام”.
وعندما استولى تنظيم الدولة الإسلامية على مدن في سوريا والعراق، قتل العديد من زعماء القبائل والمجتمعات المحلية، ولدى العديد من أفراد عائلات عناصر التنظيم مخاوف من مواجهة السجن في بلدانها، أو من انتقام أهل المناطق التي تضررت من التنظيم.
وخلال الأسبوع الماضي، عرضت السلطات الكردية السماح لجميع المواطنين السوريين المقيمين في المخيم، البالغ عددهم 16 ألفاً، بالعودة طوعاً إلى ديارهم، وغادر بعضهم بالفعل.
لكن العديد منهم، مثل أبو إبراهيم – وهو سوري من حماة – قالوا إنهم يخشون القصاص، وأوضح إبراهيم: “لا أشعر بالأمان، أفضل البقاء هنا في الوقت الحالي”.
ويُعتقد أن الخلايا النائمة لتنظيم الدولة الإسلامية تنشط داخل المخيم، ويخشى العديد من السكان من تداعيات التحدث علناً، ولا يزال آخرون يؤمنون بأيديولوجية التنظيم، إذ إن هناك دائماً مخاوف من فرار المعتقلين، وهو خوف لم يخفف منه احتمال قطع المساعدات.
ويضم القسم الأجنبي عائلات أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية من أكثر من 40 جنسية، بمن في ذلك الأوروبيون والأمريكيون وعائلات من دول سوفيتية سابقة.
ووصفت مديرة المخيم جيهان هانا هذا القسم بأنه يضم أكثر المؤيدين لأيديولوجية داعش، ويتطلب الدخول إلى هذا القسم مركبة مدرعة وإجراءات أمنية مشددة.
وأوضحت مرشدتنا ديانا، وهي ضابطة أمن كردية، أن هذا القسم يتكون فقط من النساء والأطفال.
وقالت إنهم “متشددون للغاية”، موضحة أن “لديهم شرطة سرية ومحاكم سرية خاصة بهم، وتتم معاقبة منتهكي قواعد التنظيم، ويتم فصل الأولاد الذين تزيد أعمارهم عن 13 عاماً عن عائلاتهم ويتم نقلهم إلى برامج مكافحة التطرف”.
وتحدثت إلى امرأة تبلغ من العمر 27 عاماً تغطي جسمها برداء أسود من الرأس حتى أخمص القدمين – كانت من الإيغور من الصين – وقالت إن زوجها قُتل خلال الحرب، وتركها وحيدة مع ثلاثة أطفال، موضحة أنها تشعر “بأمان أكبر هنا”، ومضيفة: “إذا عدت إلى الصين، فسوف نسجن أو نقتل”.
وطلبت المساعدة لإعادة ابنها البالغ من العمر 13 عاماً إليها، وتعكس قصتها تجارب العديد من النساء اللاتي تزوجن من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية في سن مبكرة.
وأثارت سياسة المعسكر المتمثلة في فصل الأولاد في سن 13 عاماً انتقادات من جماعات حقوق الإنسان، لكن جيهان هانا دافعت عنها مستشهدة بمخاوف أمنية.
وقالت إنه “يمكن أن يسبب الأولاد مشاكل كبيرة، حيث كانت هناك انتفاضات وتم إحراق أجزاء من المخيم وتعرض أي شخص يدخل للهجوم”.
وأثناء مقابلة مع امرأة من طاجيكستان، أحاط بنا الأطفال.
وعندما حاولت التفاعل معهم ومصافحتهم، بصقوا وركلونا وألقوا الحجارة علينا، ورفع البعض تحية تنظيم الدولة الإسلامية بإصبع واحد وهم يهتفون “الله أكبر”.
وقال الجنرال مظلوم عبدي، قائد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، لبي بي سي إن الصراع في شمال سوريا، حيث “كثفت الجماعات الإسلامية المدعومة من تركيا هجماتها ضد الأكراد، ما أدى إلى مزيد من الضغط على الموارد”.
وقال إن “هدف تركيا هو مهاجمة كوباني. وإذا استمر القتال، فسوف يتعين علينا إعادة نشر القوات إلى الخطوط الأمامية. وهذا من شأنه أن يخلق فراغاً أمنياً، وربما يمكّن خلايا داعش النائمة من شن هجمات على المعسكرات والسجون لتحرير أفراد أسرهم ومسلحيهم من الاحتجاز” على حدّ قوله.
- مخيم الهول، ملاذٌ أخير لأُسر “تنظيم الدولة الإسلامية”
- ترامب يمنع هدى مثنى التي التحقت بتنظيم الدولة الإسلامية من العودة إلى أمريكا
- BBC News عربي
Powered by WPeMatico
Comments are closed.